اليوم ينتهي أسبوع القاهرة للطعام، المُنطلق في 12 مايو، الذي يعتمد على عرض منتجات طعام لعلامات تجارية مصرية، وبعض المطاعم المصرية. انطلقت الفعالية في عدة أماكن بالقاهرة، مثل مسرح روابط و"ذا فكتوري"، تحت شعار "من قلب القاهرة"، فيما ازدانت الفعالية بمعرض الصور مُسمى بـ"أكل الشارع"، انفرد فيه المصورون بمساحة فنية مختلفة داخل سينما راديو.
"عسل وسكر يا بطاطا.. بليلة فووول.. عرقسووووس".. بصوت مألوف على آذان المارة في الشارع المصري، ترددت أصوات البائعين المجمعة في أرجاء المعرض، ومن خلال الصوت الذي انبعث من النظام الصوتي للمكان، كانت تحتفي سينما راديو بعُمق الثقافة المصرية الخاصة بالأكل، فيما تعلّق على جُدرانها صور مُتنوعة ترصد الأكل المصري من نواحي عديدة.
ينقسم المعرض إلى ثلاث ثيمات؛ توضح الثيمة الأولى بائعي أكل الشارع، وقد التقطتها المصور والكاتب يحيى العلايلي، وهو مصور مصري بريطاني، اشتهر بتصوير الشارع بمصر والشرق الأوسط، كما أن لديه كتب في مجالات الطبخ من أشهرها "مذكرات مطبخ" و"بالهنا"، وتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لنشر كتاب "تمكين المرأة من خلال الطبخ في مصر".
قدّم العلايلي قُرابة 25 صورة لبائعي الطعام بالشارع، لكنها صور داخل استوديو، تحكي قصتهم التى تُقدمهم كبائعين فقط، أو صانعي طعام، بينما كانت الثيمة الثانية من خلال مجموعة من المشاركين في منصة "فلوج"، حضروا ورش العمل وأنتجوا قصص تتعلق بالحصاد والصيد وإنتاج طعام شارع.
قدّمت الثيمة الثالثة صور لعدد من المصورين الهواة، الذين أرسل كل منهم صورة واحدة لـ"فلوج" أثناء الإعلان عن تلك الثيمة منذ أسبوعين، حيث قدمت المنصة 60 صورة بـ60 موهبة شابة مختلفة، أشاروا إلى أسمائهم وطريقة التواصل معهم لمتابعة أعمالهم.
يقول خالد طاهر لـ"صوت السلام"، مؤسس والمدير التنفيذي لمنصة "فلوج"، إن قرارهم بالمشاركة في الفعالية يعود إلى تشجيع منظمي فعالية أسبوع القاهرة، في تولي المنصة الجزء الفني والإبداعي المرئي المصري في الحدث، لذلك انقسمت الثيمات كأنها رحلة تعريفية، بداية من ثيمة الزراعة والحصاد، ثم الشارع والبيع، انتهاءً بقصص القائمين على هذه الثقافة وهم البائعين.
في الثيمة الثانية، تقدّم للمنصة 279 صورة من مختلف المحافظات، خلال إعلان المنصة عن فكرة المعرض، ,واختير منها 56 صورة انطبقت عليها معيار الجودة وتطبيق الفكرة، بحسب ما أوضحه طاهر عن كواليس التجهيز للمعرض، وكل ذلك في خلال أسبوعين عبر المنصة والفعالية.
قد تسمع صوت أمواج البحر المتوسط بشاطئ مدينة عزبة البرج بمحافظة دمياط، وتتخيل مشاهد الصيد في وقت السعي للرزق، ترى بعينيك ألوان المنازل وتشاهد رحلة الصيادين اليومية لتجارة السمك، حتى يصل لأطباق محبيه طازج، كل ذلك سيكون من خلال مجموعة صور عمر مريال، 26 عام، إذ يسرد طقس يومي في محافظته، بعد انتقال أسرته للقاهرة بسبب دراسته وفرص العمل، لكنه مازال متعلق بجذوره.
تخرّج مريال بكلية فنون تطبيقة في عام الكورونا، ولم يحظْ بحفل تخرج، رغم أنه قدم مشروع صور "عزبة البرج"، الذي كان يتمنى أن يراه العالم، لكن للوباء رأي أخر، لذلك قرر المشاركة بذلك المشروع في "أكل الشارع"، لكي يحظى بتجربة أفضل ويحتفل بتخرجه من مادة "تصوير صحفي"، التي كسرت لديه حاجز الخوف من تصوير الشارع، ومشاركة جمال محافظته.
من بين صوره المعروضة، حامل صندوق السمك الذي يتحرك بسرعة، وهي الأهم في نظر مريال، فيقول: "الحالة في وقت البيع في حلقة السمك هي حالة من الجري وراء الوقت، لأنه أهم وقت في يومهم ورزقهم، لذلك هي الصورة المعبرة عن تلك الحالة، إلى جانب رغبتي في إبراز حالة دمياط، المحافظة الهادئة التي يتغير موازينها في خلال ساعات الفجر بسبب طقس الصيد والبيع".
بعد يوم دوام طويل، اختار كريم سليم، 30 عام، أن يصطحب ضيوف العمل إلى تجربة داخل تجارة هامة في مصر، وهي أكل الشارع، فالشاب الثلاثيني يعمل بمجال الشركات الناشئة وتطوير الأعمال، وصادف أنه الشركة التي يعمل بها دعت زملائه الأجانب لزيارة مصر لمدة أسبوع، لذلك قرر اصطحابهم إلى أسبوع القاهرة للطعام.
القاهرة من منظور أكل الشارع، كانت بمثابة إبهار بالنسبة لزملائه، حسب وصف سليم، فقد اكتشفوا مدى سيادة ثقافة أكل الشارع الأمريكي والأوروبي، ورأوا ضرورة الترويج لثقافة أكل الشارع الخاصة بالعالم العربي التي كانوا يجهلونها، بينما يحب سليم متابعة الفن والمعارض كجزء إبداعي إلى جانب طبيعة عمله.
حضر إيهاب خليل، 55 عام، فنان هاوي ومحاسب ومهتم بالفعاليات الفنية، يقول " أنا بحضر لأني بلاقي نفسي لما بنزل أحضر معارض وأتأمل في الصور أو اللوح، بالذات بعد يوم شغل"، إلى جانب إعجابه بفكرة المعرض التي عرف بها عن طريق موقع الفيسبوك.
بجانب صور المعرض، استندت عربة فول خشب وعربة آيس كريم أمام الباب الرئيسي، مع إضافة ديكورات من داخل المحلات وعربات أكل الشارع، فتحولت ساحة السينما إلى منطقة بيع ثقافة أكل الشارع المصري، وما زاد من تلك الطاقة المُعبّرة عن الشارع هو استخدام صوت مُجمّع لنداءات بائعي الأكل الشهيرة، حتى تكون الموسيقى التصويرية للمعرض، ليشعر رواد الفعالية الفنية بتجربة ملموسة للشارع المصري الذوّاق.