لطالما كانت ذاكرة الإنسان أمر أدهش العلماء وحيّرهم، مُحاولين فهمه ودراسته، لكن كيف يُمكن للفن التعبير عنه؟ هذا ما حاول فعله الفنان حسام صقر عبر معرضه "ذاكرة أسماك المتوسط"، الذي يُعبّر من خلالها عن أثر التكنولوجيا على ذاكرة الإنسان، مُشبهًا إياها بـ"ذاكرة السمك".
افتتح معرض اللوحات التشكيلية "ذاكرة أسماك المتوسط"، للفنان حسام صقر، أمس السبت الموافق 20 أبريل، في جاليري "ليوان".
حسام صقر هو فنان تشكيلي مصري، ولد في 1967 وتخرج من كلية تربية فنية في جامعة حلوان، حاصل على الماجستير والدكتوراه من نفس الجامعة، وعمل كأستاذ جامعي في الفن التشكيلي بجامعة حلوان والجامعة الأمريكية وبعض الجامعات في أوروبا، تحديدًا فرنسا، مما جعله يرتبط بالبحر المتوسط ارتباطًا وثيقًا، ألهمه لعمل معرض، فحسب وصف الفنان أن حياته بين مصر وفرنسا جعلته يهتم بهذا الجزء من العالم، وهو شمال أفريقيا وجنوب أوروبا الذي يشترك بينهم في الثقافة البحر المتوسط وأسماكه.
ويصرح صقر لـ"صوت السلام" أن الفكرة الأساسية التي تناقشها اللوحات هي تحول ذاكرة البشر إلى ذاكرة السمك، نظرًا إلى ضعف قدرتها على حفظ الذكريات والمعلومات، وهذا التحول حدث من خلال الحياة السريعة وتداخل التكنولوجيا في حياة البشر، ويحاول سرد هذه الفكرة من خلال المزج بين البحر المتوسط وثقافة شمال أفريقيا وحياته في أوروبا.
يعمل صقر على مشروع "الذاكرة" منذ 2014، ويقول " أنا بشتغل على المشروع بشكل سيكولوجي (نفسي) وفني، بتتبّع من وقتها المشاريع الفنية الخاصة بالذاكرة إلى جانب القراءات النفسية، لذلك برصد تغير الذاكرة مؤخرًا وقررت أحكي عنه، وتحديدًا أن ذاكرة الإنسان الآن قرّبت توصل لصفر اللي بتساوي ذاكرة السمك".
بدأ الحضور في تزايد من الساعة الخامسة مساءً، وتواجد فنانون يعملون بالمجال وطلاب الكليات الفنية، وبعض أساتذة الكلية الفنية، وينصح محمد عبد الغني، وهو أستاذ في كلية تربية نوعية وفنان تشكيلي ومدير متحف "محمود مختار"، الحضور ومتذوقي الفن التشكيلي بألا يهتموا بشرح اللوحة من خلال الفنان، وأن يتركوا خيالهم وأفكارهم العنان لفهم اللوحات، كل واحد منهم بشكل منفصل، لأن كل رمز ودلالة تُبني على أساس مستوى التلقي الفكري وحجم ثقافة الشخص ورؤيته للحياة.
يؤكد على هذه الفكرة صقر، من خلال اختياره وضع مقولة على باب المعرض للفيلسوف فيكتور هوجو "كثرة الإيضاح تُفسد روعة الفن"، ويضيف صقر أن الأهم هو معرفة فكرة المعرض التشكيلي، ثم الاعتماد على رؤية المتذوق لكل لوحة، وليس شرح الفنان لكل لوحة.
إنتقالًا إلى الحضور، فبعد انتهاء دوامها في البنك قررت مونيكا وليم، أن تقطع مسافة طويلة للزمالك، حتى تزور المعرض بعد أن تعرفت على موعده من خلال "الفيسبوك"، فعلى الرغم من كونها بعيدة عن مجال الفن، لكنها تحب تذوق الفنون وتحديدًا الرسم، وتقول ببسمة على شفتيها " أنا واقفة قدام كل لوحة بستمتع بالألوان وحركات الريشة والتقنية المختلفة كليًا، وتداخل الألوان مبهر، إلى جانب أني بقف قدام كل لوحة أفكر في هو كان بيفكر في إيه واحساسها إيه".
يحتوي المعرض على 20 لوحة، بداية من تاريخ 2022 حتى 2024، وعمل صقر على مدار عامين على اللوحات، ويستمر المعرض حتى يوم 9 مايو داخل "جاليري ليوان"، من الساعة 12 مساءً حتى 9 مساءً.