على مداخل صيدليات دار السلام، بدا الإعلان عن لقاح "الإنفلونزا الموسمية" لافتًا للأنظار.
يقول أصحاب الصيدليات والعاملون فيها أن توافر اللقاح ليس أمرًا جديدًا، بل يستلم كلٌ منهم سنويًا منه جرعات متفاوتة، ولكن هذا العام، وبدون تنسيق، قرر الجميع تعليق اللافتات التي تعلن عن وجوده، وتدعو سكان الحي للحصول عليه.
في هذا التقرير، تبحث "صوت السلام" في السبب وراء هذا القرار، وتجمع المعلومات الخاصة باللقاح نفسه، فهل اتساع حجم الإعلان عنه يرتبط بسبب معين هذا العام، أم أن أُلفة السكان لللقاحات والأمصال مع جائحة كورونا هي الدافع وراء ذلك؟
بدأ الأمر في أول سبتمبر، وهو الموعد الدوري التقليدي لموسم اللقاح المعروف شعبيًا بـ "لقاح الإنفلونزا الموسمية"، وعادةً يستمر موسم الدعاية والتلقيح حتى نهاية أكتوبر، لأن اللقاح تنخفض فعاليته بعد هذا الوقت.
اعتادت الصيدليات قبل كورونا على طلب أعداد محددة -قليلة جدًا- ينتظرها أفراد محددون معروفون في الأغلب لأصحاب الصيدليات، سواء من أصحاب الأمراض المزمنة أو من لديهم الوعي المسبق بالحصول على اللقاح للوقاية، تغير الوضع بعد فترة كورونا، تذكر الناس فيروسات الإنفلونزا، وظهر الاهتمام بالوقاية منها هي الأخرى، يقول محمد سلامة، أحد الصيادلة: "أدى انتشار حث الناس على الحصول على لقاح كورونا إلى بناء ثقافة "الوقاية" من خلال تلقي جرعة من اللقاح، لكن قبل كورونا بعام كان من النادر أن يطلبه أحد من الزبائن".
حسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية، تودي الانفلونزا الموسمية بحياة ما يصل إلى 650,000 شخص عالمياً كل عام، ووفقًا لاحصائياتها عام 2019 قبل ظهور فيروس كورونا، فالوفيات الناجمة عن الأمراض التنفسية كانت تحتل المركز الرابع في أسباب الوفاة على مستوى العالم.
لم تكن هذه الأرقام تنعكس بشكل واضح على اهتمام المواطنين بالوقاية من الإصابة بالأنفلونزا الموسمية قبل وباء كورونا، الذي أدى إلى حد ما بشيوع تداول الحديث عن "اللقاح"، وقد أوضح الصيادلة الذين تحدثت معهم في دار السلام أن ما فعلته كورونا انعكس أيضًا على مصل الانفلونزا.
30% تقريبًا كانت نسبة الزيادة في أعداد الجرعات التي طلبها إيهاب محمد، صيدلي، مشيرا إلى أن علاقته مع اللقاح خلال السنوات الماضية كانت تعتمد على طلب محدد من أسر أو أفراد بعينهم، لديهم وعي بفكرة اللقاح من قبل كورونا، فكان يطلب تقريباً 10 جرعات فقط كل عام، لكن الطلب هذا العام كان خارج المألوف، حيث زادت نسبة المبيعات وكان الإقبال من زبائن مختلفة.
سعر اللقاح 190 جنيها فى كل الصيدليات، وهو نفس الرقم الذي حددته وزارة الصحة في إعلانها عن توافر اللقاح في مقرات شركة فاكسيرا، وهي الشركة المنتجة لللقاح. يعتبر إيهاب السعر "غير مناسب" لبعض الأهالي في دار السلام، لذلك لم يحاول الترويج إلى المصل أكثر من وضع ورقة عن تواجده داخل الصيدلية، وحتى لا يساهم في ترسيخ فكرة تجارية اللقاح، فهو منتج صحي له طبيعة ويتطلب وعيا خاصا به.
يكمل إيهاب، أن سعر المصل داخل "فاكسيرا" أو الجهات الحكومية هو نفس سعر الصيدليات، لكن الصيدليات توفر المسافة للأهالى.
ليست الأزمة في سعر اللقاح في الجرعة الواحدة منه، بل إذا رغبت أسرة كاملة في الحصول عليه، هنا يبدو أن التكلفة الإجمالية لا تتناسب مع أغلب الشرائح الاقتصادية التي تعيش في دار السلام.
لجأت الأسر إلى تفضيل أكثرهم احتياجًا، يقول محمد سلامة، ويضيف: "فالأسرة التى تتكون من 4 أفراد تحتاج إلى 760 جنيها، وذلك يعد عبئا على الأسرة، لذلك تختار الأسرة تلقى الأطفال اللقاح خوفًا عليهم من الفيروسات التى تنتشر فى المدارس فى ذلك الوقت، وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، بينما تختار باقى الأسرة عدم تلقيه حتى لا يكون المبلغ عبئا عليهم".
ويوضح حسن عبد ربه، صيدلي، أن الأشخاص الذين يجب أن يتلقوا اللقاح هم أصحاب المناعة الضعيفة، والذي تزداد احتمالات إصابتهم بالإنفلونزا بشكل متواصل في فصل الشتاء، وطلاب المدارس والجامعات، وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وفى ذلك الإطار ينصح أشرف أحمد، صيدلي، الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح ببعض النصائح لمواجهة فيروس الإنفلونزا بأنةاعه، وأهمها هو ارتداء الكمامات والتعقيم، وشرب سوائل ومشروبات ساخنة بشكل مستمر، والاهتمام بالحصول على فيتامين "سى".
يرى أشرف أنهم بحاجة للالتزام والتعامل مع فيروس الإنفلونزا بنفس حذر التعامل مع فيروس كورونا، حتى يمر فصل الشتاء دون أضرار أو خسائر، لأن أغلب الوقت ينتشر فكرة أن الفيروس هو "مجرد دور برد وهيروح لحاله"، بينما أصبح الفيروس يترك أثارا مثل الحساسية والالتهاب الرئوي.
بسؤال الثلاث صيادلة عن نسبة مبيعات اللقاح هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، قال حسن أنها لم تزد عن الأعوام السابقة، وقال إيهاب أنها زادت بنسبة 30%، بينما قال محمد أنها زادت بنسبة 10%.
أجمع الصيادلة على أنه من المعلومات الأساسية التى تخص اللقاح والتي يحتاج الناس إلى معرفتها، هى أن الأطفال من عمر 6 أشهر مسموح لهم بتلقيه، لكنهم يتلقون جرعة أقل من البالغين، وأن كل الأشخاص مسموح لهم بتلقى اللقاح، وفى حالة الحوامل يجب مراجعة الطبيب أولاً.
بالنسبة للآثار الجانبية، فاحتمال حدوثها منخفض، وتكون شعور بأعراض الإصابة بالإنفلونزا وتستمر ليوم، لكن فى أغلب الحالات لا توجد أعراض جانبية، مشيرين إلى أن اللقاح لا يمنع الإصابة بالفيروس ولكنه يحد من الأعراض.
خلال الأيام الحالية، تبدأ الصيدليات في سحب المصل وإعادته مرة أخرى، بعد استمرار وجوده خلال شهر سبتمبر وأكتوبر، ذلك لأن تلقيه خلال باقى شهور السنة لا يكون بنفس الفعالية قبل موسم الشتاء.