وجبة الغلابة في مأزق.. زيادة أسعار "الفول والطعمية" بسبب أنابيب الغاز

تصوير: مريم أشرف - أسطوانات الغاز في محلات "الفول والطعمية"

كتب/ت مريم أشرف
2025-04-13 13:09:00

لم يكن صباح الجمعة الماضية عاديًا بالنسبة للمصريين، خاصة أولئك الذين يبدأون يومهم بوجبة فول وطعمية من أقرب مطعم شعبي. مع إعلان الحكومة رفع أسعار البنزين والسولار بقيمة جنيهين للتر، ظهرت تداعيات فورية على السوق، كان أبرزها زيادة أسعار أسطوانات الغاز، سواء المنزلية أو التجارية، ما ألقى بظلاله مباشرة على أسعار الإفطار الشعبي الذي يعتمد عليه الملايين.

ارتفعت أسعار أسطوانات الغاز المنزلية إلى 200 جنيه بدلًا من 150 جنيه، بواقع 12.25 جنيه للكيلو، في حين قفزت الأسطوانة التجارية، التي تعتمد عليها المطاعم ومحال الفول تحديدًا إلى 400 جنيه بدلًا من 350 جنيه، وفق قرارات لجنة تسعير المنتجات البترولية منتصف ليل الخميس الماضي.

لكن التأثير لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى قلب قطاع الأغذية الشعبية، وتحديدًا مطاعم الفول والطعمية، التي تواجه ضغوطًا مزدوجة، من جهة ارتفاع أسعار الغاز، ومن جهة أخرى ارتفاع تكاليف نقل السلع والمنتجات التي تعتمد على البنزين والسولار. 

هذا ما جعل تكلفة التشغيل اليومية لتلك المحال ترتفع بشكل ملحوظ، ما دفع البعض إلى التفكير فورًا في رفع أسعار منتجاتهم.

قرارات اضطرارية

كريم حسن، صاحب أحد محال الفول والطعمية في منطقة دار السلام، أوضح أن معاناته مع أسعار الأسطوانات بدأت قبل الزيادة الأخيرة، إذ كان يضطر إلى شراء الأسطوانة التجارية بـ400 جنيه من مستودعات خاصة، رغم أن السعر الرسمي أقل. 

ومع صباح الجمعة الماضية بعد غلاء الأسعار، وجد نفسه مضطرًا إلى شراء الأسطوانة نفسها بسعر 450 جنيه. يقول: "في الحي اللي أنا فيه، السوق متحكم فيه ناس معينة، وأنا محتاج أسطوانة كل يوم، ومش بقدر أقول لأ".

اضطر كريم لاتخاذ قرار برفع الأسعار، حيث سيزيد سعر طبق الفول من 7 جنيهات إلى 10 جنيهات، بينما سترتفع قطعة الطعمية من 2 جنيه إلى 3 جنيهات، وستتغير أسعار السندوتشات الجاهزة بزيادة جنيه أو اثنين، حسب نوع الحشو والمكونات، أما البيض المسلوق يبقى سعره مرهونًا بتحركات سعر البيض في السوق.

خلال السنوات الأربع الأخيرة، سجلت أسعار أسطوانات الغاز ارتفاعًا غير مسبوق، بلغ نحو 433%. ففي عام 2021، كان سعر الأسطوانة لا يتجاوز 75 جنيهًا، ليرتفع تدريجيًا إلى 100 جنيه في 2022، ثم إلى 150 جنيهًا في 2023.

وشهد العام 2024 قفزة حادة في الأسعار، حيث وصلت الأسطوانة إلى 250 جنيهًا، قبل أن ترتفع مجددًا مع بداية 2025 إلى 400 جنيه، في أكبر زيادة تُسجَّل خلال هذه الفترة.

تأثير مباشر على المستهلكين

إسلام سيد، موظف يعتمد على الفول والطعمية كوجبة إفطار يومية خلال عمله، شعر بتأثير الزيادة فورًا. يقول: "أنا كنت بحسب إفطاري بـ15 جنيه، دلوقتي هيزيد تقريبًا للضعف، ومع المواصلات، لازم أعيد ترتيب ميزانيتي، يمكن أستغني عن وسيلة مواصلات أو أغير نوع أكلي، وده قرار صعب".

أما محمد شعبان، صاحب محل فول آخر في منطقة دار السلام، أكد أنه يستخدم أسطوانات صغيرة أرخص سعرًا، إلا أن الأسعار الجديدة لأنابيب الغاز ستدفعه إلى زيادة أسعار كل المنتجات.

قال شعبان إن ارتفاع أسعار المواد الخام بنسبة تتراوح بين 30% و50%، وهو ما يضطره إلى رفع أسعار الأطباق بنفس النسبة تقريبًا، لكنه يؤكد: "هسيب كيس الفول بخمسة جنيه زي ما هو، ده دعم للناس اللي معندهاش، ومعتمد عليه في كل وجبة تقريبًا".

تأثرت وجبة إفطار جودي عبدالمقصود، طالبة في الصف الثالث الثانوي، عقب تلك الزيادة إذ تمثل شريحة أخرى متضررة من الزيادة، وهي شريحة الطلاب.

تقول إن والدتها طلبت منها التوقف عن شراء السندوتشات من الخارج بعد ارتفاع أسعارها، والاعتماد على طعام المنزل: "أنا باكل فول وطعمية، مش لحمة أو فراخ ليه مصروفي اليومي يوصل 30 جنيه ومش بيكفي؟".

أشارت إلى أن كلفة وجبتها الشهرية التي كانت لا تتعدى 550 جنيه أصبحت غير مضمونة بعد ارتفاع الأسعار وربما تزيد الضعف، لذا ستلجأ إلى تقليص عدد السندوتشات التي تتناولها في الإفطار أو تناول الطعام من المنزل قبل الذهاب للجامعة.

نتيجة تلك الزيادات المتتالية في أسعار أسطوانات الغاز سجل قطاع الغاز والوقود معدل تضخم بلغ 18.7% خلال عام 2024، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وتستهلك محافظة القاهرة نحو 18 مليونًا و892 ألف أسطوانة غاز سنويًا، وفق تقرير صادر عن المحافظة في عام 2023، ويُخصص الجزء الأكبر منها للاستخدام المنزلي بنسبة تصل إلى 87% من إجمالي الاستهلاك، في حين تمثل الأسطوانات التجارية 13% فقط.

تصوير: مريم أشرف - اسطوانات الغاز