في فبراير الماضي بدأت محموعة من السيدات في بورسعيد الخروج في جولة لقيادة العجل صباح يوم الجمعة من كل أسبوع عبر بشوارع المدينة.
في السابعة صباحًا تجتمع المشاركات عادة لبدء الجولة التي تنطلق من شارع 23 يوليو، وتتخذ كل مرة مسار مختلف.
اختيار الوقت المبكر يوم الأجازة له سبب، وهو أن تكون الشوارع خالية، ويستطعن القيادة في المدينة دون مضايقات.
وعلى مدار مسار الجولة، تظل ميادة محمود، صاحبة فكرة الجولات، تراقب المشاركات، تطمئن إلى تأمينهن، وتتدخل حال مواجهة أي معوقات، وتحرص على التزامهن بالإرشادات مثل الاتجاه في خط سير واحد، والمرور في طرق معينة.
تقول ميادة: “لا تلتفت السيارات لقائدي الدراجات الذين يسيرون معها في نفس الشارع، خاصة في ظل عدم وجود مسار مخصص للدراجات".
وتضيف: "نحتاج إلى طريق مخصص لمرور الدراجات، بالإضافة إلى تخصيص أماكن لركن الدراجة في الشارع لتفادي سرقتها".
وقد بدأت رحلة ميادة مع قيادة الدراجات منذ أن كانت صغيرة، وبالرغم من رفض والدها التام للفكرة، بسبب "نظرة الناس والأقارب"، التي تنتقد قيادة النساء للدراجات، كانت ميادة تأخذ دراجة أخيها خلسة ودربت نفسها على قيادتها.
تقول ميادة محمود، الشهيرة بـ"ميادة دهب"، -31- عامًا: "أنا أمّ لولدين الأكبر لديه 8 سنوات والأخير حديث الولادة، بعد أن تزوجت منذ 9 أعوام سافرت رفقة زوجي إلى مدينة دهب، وتفرغت لهواية قيادة الدراجة خاصة لأن مشهد ركوب البنات للدراجات مشهد معتاد في دهب كونها مدينة سياحية، ولكن بدأت رحلة المتاعب منذ أن عدت إلى بورسعيد مجددًا منذ ثلاث سنوات".
تفسر ميادة الأمر وتقول: “لا زال النظرة السائدة في بورسعيد سلبية تجاه النساء التي تقود الدراجات، أرى في أعين كثير ممن أمر عليهم في الشارع نظرات استياء، يقصرون قيادة الدراجة على الذكور فقط، وحينما أقود دراجتي أواجه عادةً المضايقات خصوصًا من سائقي المواصلات العامة "الميكروباص".
تروي ميادة أنها ذات مرة وهي تقود الدراجة بصحبة أبنها صدمها سائق ميكروباص، ومضى في طريقه دون أن يلتفت لها، تعلق قائلة: "في هذه المواقف، أجد لوم من الناس لي شخصيًا، وتعليقات مثل: « كيف تكونين أمًا وتقودين دراجة؟ ومش خايفة تتوفي وتقابلي ربنا في حادث دراجة؟ إنتي كدة شبه الرجالة»، إلا أنها لم تستسلم بسبب حبها لتلك الهواية واعتمادها على الدراجة مؤخرًا في أغلب المشاوير.
زوج ميادة هو الداعم الأول لها، ينصحها دائمًا بعدم الالتفات لأحاديث من حولها لأن شغفها هو الأهم، تقول: «زوجي دائمًا يشجعني على قيادة الدراجة، وأبي حاليًا تقبل الفكرة جزئيًا بعد ما أخبرته أنني أصبحت مدربة ».
ومن مجرد هواية إلى تدريب وعمل، انتقلت ميادة إلى الجزء الثاني من رحلتها، حينما عرض عليها أحد مدربي قيادة الدراجات في المحافظة أن تنضم إليه كمدربة، لتختص هي بتعليم السيدات.
تقول: «بالفعل علمت سيدات وأطفال من كل الفئات العمرية، حتى أنني أتذكر أنني علمت سيدة تبلغ 60 عامًا وكانت في قمة سعادتها، لأن الهواية تصبح عادة وحبًا شديدًا لدينا».
ومن هنا جاءت فكرة الجولة الجماعية للسيدات لميادة، لتدعو من تعرفه منهن على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أول فبراير الماضي، وبعدما لاقت الدعوة انضمام كثير من السيدات، باتت الجولة أسبوعية، وتنضم إليها النساء من مختلف الأعمار السنية، تتشابه ظروف كثيرات منهن تقريبًا مع ميادة.