"أسطى دكتور".. “محمد" يجمع بين المقص والسماعة

تصميم - باسم حنيجل

كتب/ت عبدالرحمن خليفة
2023-10-16 00:00:00

في المنيا الجديدة لا تدب الحياة في كل الشوارع، وتفتقر المدينة إلى الكثير من المحال، ومن ضمنها أماكن الحلاقة، لذا يعمل محمد صابر كحلاق "دليفري" في أثناء فترة دراسته في كلية الطب البيطري بجامعة المنيا، إذ ذاعت شهرته بين سكان مدينته.

ورغم عدم تقصير أسرته معه في نفقات الدراسة، فإن صابر قرر تعلم هذه المهنة للاعتماد على نفسه، مستكملًا إرث العائلة فيها مثل والده وأعمامه في مركز ملوي بالمنيا.

من صبي حلاق مع والده، بدأ صابر خطواته الأولى في تعلم مهنة الحلاقة وهو لم يكمل بعد عامه العاشر، وهو الثالث في الترتيب بين أشقائه.

وفي عمر الثالثة عشر لم يكن قد تعلم كل أسرار المهنة، إلا أنه بعد ثلاث سنوات بدأ نجمه في الحلاقة يظهر، الزبائن يأتون من أجله، بينما يقف ممسكًا بالمقص ويجاوره أبيه يعلمه في محل الحلاقة الذي يقع في منطقة شارع المجيدي في مركز ملوي بالمنيا.

يدير الأب المحل حتى الآن ويعمل فيه، وفي وقت الإجازة الدراسية يترك صابر المنيا ويعود ليقف مع أبيه في المحل.

يقول محمد لـ"المنياوية": “في أثناء دراستي بالصف الثالث الثانوي، كنت أعمل في وقت الفراغ أو وقت الراحة من المذاكرة، ثم توقفت في فترة الامتحانات وعدت مرة أخرى.

"الدكتور محمد".. بهذا الاسم يحلو لزبائن صابر مناداته.

مؤخرًا أطلق الطبيب صفحة على "فيس بوك" بعنوان "بيعافر"، يديرها بمساعدة أصدقائه، ممن استطاعوا الوصول به إلى عدد أكبر من الزبائن، ثم عبر الإعلانات الورقية التي نشرها في مدينة المنيا الجديدة وصل إلى مجموعات أوسع، إذ يذهب إليهم في المنازل للحلاقة، في إحياء لحرفة "المزين" القديمة التي راجت في أزمنة قديمة وتظهر شخصًا يحمل حقيبة بها أدوات الحلاقة: “المقص، المشط، موس الحلاقة".

يقضي محمد وقته بين الدراسة في الكلية والعمل كحلاق في المنازل، يقول: “بخلص كليتي الساعة 5 مساءً، ثم في 6 مساءً أبدأ عملي إلى 12 ليلًا، ثم أعود إلى السكن في مدينة المنيا الجديدة أتعشى وأذاكر إلى الثالثة صباحًا"، هكذا هو يوم محمد منذ ثلاث سنوات.

لا يعبأ صابر بكلام الناس، يردد: “كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر"، خصوصًا من ينتقدونه كونه يدرس الطب، يعلقون: “إزاي انت حلاق وتدرس الطب!.. ركز في الدراسة.. وسيب الحلاقة"، يقول "قبل أن أكون طبيبًا كنت حلاقًا.. طالما أنا قادر على التفرقة بين المجالين فلمَ لا.. الأمر كله في تنظيم وقتي".

يضيف: “فخر لي العمل حلاقًا.. أهلي يدعموني ثم عميد الكلية والأساتذة وزملائي".

وتعرض محمد لتعليقات سلبية، تردد الكلمات التي يدرك أنها مبنية على عنصرية تجاه مهن معينة، مثل: “هو ابن الطبال حيطلع قاضي"، لكنه تجاهل هذا الكلام، يقول: “قبل دخولي كلية الطب كنت محمد، والآن الدكتور محمد".

ويطمح صابر بعد التخرج إلى فتح عيادة، يوضح: “لكنني لن أنسى مهنة الحلاقة، سأطورها وأكبرها"، موجهًا نصيحة للشباب: “انزل وكافح قبل التخرج واسعى ولا تخجل من أي مهنة مادمت تعمل بعرق جبينك".