لا تتماشى الزيادة التي يتم إقراراها في أيًا من الشرائح الاجتماعية مع الغلاء المستمر الذي يلاحق كل شيء، والتي جعلت مصر من أعلى الدول في تضخم السلع الغذائية.
الشهر الماضي، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة المصرية إلى حزمة من الزيادات في الأجور والمعاشات، فأعلنت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي زيادة المعاشات الشهرية بدءً من هذا الشهر -مارس- بنسبة 15%، بينما رفع المجلس القومي للأجور الحد الأدنى بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه، بحسب الدرجة الوظيفية.
تأتي الحزمة التي أقرتها الحكومة تحت شعار "تخفيف العبء على المواطنين" بشكل مغاير لأصحاب المعاشات على أرض الواقع؛ فلا تبدو هذه الزيادة كافية لهم أمام ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات لأضعاف قيمها الأصلية، خاصة لأصحاب المعاشات المنخفضة التي لا تمثل زيادة ال15% ارتفاع حقيقي في قيمة دخلهم الشهري مقابل الزيادة في احتياجاتهم.
محمد: «استغنى عن بعض السلع»
محمد علي، 63 عامًا، أحد أصحاب المعاشات، رأى أن الزيادة دومًا ما يتبعها موجات غلاء ذلك لا تفيد نسبة الـ15% شيء، قال: «في أول بلوغي سن المعاش كنت أتقاضى 2000 جنيه كان يوفر هذا المبلغ لي ولزوجتي احتياجاتنا الشهرية، فزاد معاشي في الثلاث سنوات الأخيرة وأصبح حاليًا 2900 جنيه، لكن لا يكفي الشهر بسبب موجات الغلاء».
اضطر علي إلى الاستغناء عن بعض السلع الغذائية: «كنت أبتاع اللحوم يومين في الأسبوع والآن أصبحت مرتان في الشهر كله بسبب أن المعاش لا يكفي، فمن المقرر بعد الزيادة الأخيرة يصل إلى 3335 جنيهًا».
وأضاف: «في منتصف 2023 كانت ميزانية منزلي في الشهر 2000 جنيه وكانت تكفي إلى حد ما، ولكن بعد زيادة الأسعار بهذا الشكل أصبحت لا تكفي حتى بعد الاستغناء عن الكثير من الأساسيات، ونحن الآن على أعتاب شهر رمضان دون أن نستعد بشراء أي شيء من السلع الغذائية».
عصام يلجأ للعمل الإضافي
اللجوء إلى العمل الإضافي كان حيلة نبيل عصام، أحد أصحاب المعاشات الذي يتقاضى 2000 جنيه، إذ اضطر بسبب الغلاء إلى العمل «كاشير» في مطعم، لكون أبنائه في مراحل تعليمية مختلفة: «نسبة الزيادة لا تتماشى مع الأسعار الحالية».
لن يزيد عصام سوى 300 جنيه إضافة إلى معاشه الأصلي، لذا فهو لا زال مضطرًا إلى الاستمرار في عمله الإضافي الذي يتقاضى فيه 2500 جنيه، وبعد الزيادة المقررة للمعاشات في مارس المقبل سيصبح إجمالي دخله 5800 جنيه، عليه أن يعول بهم زوجة وثلاثة أبناء، يعلق قائلًا: « حتى بعد الاستغناء عن اللحوم والدواجن، لا يستطيع ذلك المبلغ الوفاء باحتياجات الأسرة».
محمد: «لا بد أن تناسب الزيادة غلاء الأسعار»
نفس المعاناة يعيشها محمد سيد أيضًا من أصحاب المعاشات، ويتقاضى 2300 جنيه، إذ لجأ للعمل في مدرسة خاصة ويعطي دروسًا خصوصية كي يوفر احتياجات منزله، قال: «كنا نأمل أن تكون نسبة الزيادة أكثر من ذلك حتى تناسب الغلاء في الأسعار».
أضاف: «وصل دخلي الشهري الآن بعد العمل الإضافي إلى 6 آلاف جنيه ولا يكفي الشهر بأكمله، رغم أن ميزانية المنزل في أوائل عام 2023 كانت قرابة 4 آلاف جنيه فقط، إلا أن تعليم أبنائي وعلاجهم والكهرباء والمياه وكل شيء يسلب الزيادة سريعًا دون الشعور بها».
يحاول محمد كغيره من أصحاب المعاشات الاستغناء عن الكثير من الاحتياجات الأساسية، فلم يعد هناك ملابس جديدة لأبنائه في فصل الصيف والشتاء، واللحوم والدواجن يبتاعها كل فترة وليس بشكل متكرر، كذلك فوانيس رمضان استغنى عنها ذلك العام بسبب ارتفاع سعرها.
ويبلغ عدد أصحاب المعاشات في مصر، وفقًا للهيئة القومية للتأمينات والمعاشات حوالي 11.5 مليون مواطن تقريبًا. وينص قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية في المادة رقم 35 على زيادة المعاشات المستحقة في 30 يونيو من كل عام، اعتبارا من أول يوليو بنسبة معدل التضخم، وقد حددت المادة أن يكون الحد الأقصى للزيادة 15%.