في كل عام يفتح دير السيدة العذراء بجبل الطير في سمالوط بمحافظة المنيا أبوابه للراغبين في الوفاء بنذورهم، وذلك في ظل احتفالات مولد السيدة العذراء، ذلك الطقس الذي يحضره الجميع، ويستأجرون شققًا قريبة من الدير، آملًا ألا تفوتهم البركة.
ومثلما استقبل الدير العائلة المقدسة "المسيح وأمه" في مصر، هربًا من بطش الإمبراطور الروماني هيرودس في بيت المقدس "أورشليم"، فإنه يشهد إقبالًا من الزوار للمشاركة في الاحتفالات والدعاء.
من جميع المحافظات جاء الناس لزيارة مكان مرت عليه العائلة المقدسة، يتذكرون كنيسة السيدة العذراء التي تقع على قمة جبل الطير المطل على النيل، تلك الكنيسة الأثرية المنحوتة من الصخر التي أسستها الملكة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين عام 328 ميلادية.
مع الاحتفالات توفر هيئة النقل في محافظة المنيا أتوبيسات لنقل الزائرين من مركز محافظة المنيا إلى الدير، والذي يبعد عن المحافظة بنحو 25 كم شمال شرق المنيا، فيما يقع هذا الدير في جبل الطير شرق النيل ويبعد 4 كم من مركز سمالوط.
20 جنيه هي أجرة الفرد، هكذا يوضح لـ"المنياوية"، محمد علي، سائق أتوبيس، إذ يقول: “نقف كل عام في هذه الفترة في منطقة الحبشي لنقل الركاب إلى الدير، هذا الوقت موسم لنا".
"المنياوية" تحدثت لأكثر من زائر داخل الدير، عن ذكرياتهم مع الزيارة وأمنياتهم ونذورهم
صموئيل ألبرت، طالب عمره 19 عامًا، من مركز سمالوط، يعتقد أن زيارته للدير أمر مقدس، يقول إنه يشعر براحة نفسية لرؤية الكنائس في الدير.
زار صموئيل الدير للمرة الأولى في عمر السادسة مع أسرته، يتذكر في فرح "المرجيحة" وتجمع الأسرة كلها.
كما يفتخر صموئيل بإقامته في سمالوط التي يوجد بها الدير، يقول: “أشعر بالفخر، وحين يسألني شخص من أين أنا؟.. وأقول سمالوط يسألني عن الدير"، موضحًا أن الفخر هذا العام أكثر لأن التنظيم جيد جدًا ومُشرف.
أما أم مينا، ربة منزل، تسكن في مركز ملوي بالمنيا، فجاءت لتوفي نذرها، تقول إن العام الماضي نذرت أيضًا لو رُزق ابنها بمولود ستأتي الآن وتضع مالًا، تضيف في سعادة: “جيت للعدرا ووفيت الندر".
وهو نفس ما فعلته هناء ممدوح، المدرسة في إحدى مدارس مركز مغاغة بالمنيا، إذ نذرت شفاء ابنها من المرض، وحين تعافى آتت إلى الدير للوفاء بالنذر، بعد أن تبدد الخوف من ورم أصاب ابنها في الغدة الدرقية.
جرجس عادل، 35 عامًا، من مركز دير مواس في المنيا، استأجر شقة داخل قرية جبل الطير لمدة أسبوع، ذهب وأسرته للاحتفال كما اعتاد كل عام، ودفع لمالك الشقة 500 جنيه، ليصبح الاحتفال باب للبركة وللرزق، مثل قول عصام سيد، من المنيا: “بعت ألعاب أطفال كثيرة بالمولد، انتظره الاحتفال من السنة للسنة، الزوار كتير، والشغل كمان".
لم تقتصر الزيارات إلى دير السيدة العذراء مريم في جبل الطير على الأقباط، فالمسلمون أيضًا ذهبوا، يقول عمر محمود، 48 عامًا من المنيا: “اعتدت وأسرتي زيارة المولد كل عام، مراسم الاحتفال مبهجة، وأولادي بيفرحوا".
والاحتفالات بمولد السيدة العذراء، شهدها الدير بين 18 إلى 25 مايو الجاري، وتتبع كنيسة السيدة العذراء مريم بجبل الطير إيبارشية سمالوط، ومطران الإيبارشية هو الأنبا بفنوتيوس.
ويكتسب المكان أهمية تاريخية، إذ يعد أحد محطات مسار رحلة العائلة المقدسة، والممتدة عبر 25 نقطة بمسافة 3500 كم، من سيناء إلى أسيوط، وفق موقع وزارة السياحة والآثار.
واستقرت العائلة المقدسة في مصر ثلاث سنوات ونصف.
ويذكر كتاب أصدرته وزارة السياحة والآثار، أن الكنيسة نُحتت في الصخر، وهي بالأصل كانت مقبرة فرعونية أو رومانية ثم تحولت إلى كنيسة.
ويوضح الكتاب، أن للكنيسة مدخل يقع جهة الغرب، يعلوه أحجار منحوتة مختلفة الأحجام، تتميز بنقوش تحتوي على أشكال أسماك وزخارف نباتية وحيوانية وآدمية، وتتخذ في تخطيطها نمط يقترب إلى الشكل البازيليكي، حيث تتكون من صحن ذو ثلاثة أجنحة.