أسوان مدينة الباب المفتوح ومشتى الطيور المهاجرة 

تصوير: صورة أرشيفية

كتب/ت أمنية حسن
2022-02-03 00:00:00

 

خلال فصل الشتاء يحتشد الآلاف من البط الأسود الغطاس علي جزيرة الشلال الواقعة جنوبي أسوان، حيث يهاجر ضمن أسراب الطيور من أوروبا إلي شمال أفريقيا، ويستقر سرب منه في جزر النيل حيث يبدأ صيده بالغطس للبحث عن الأسماك الصغيرة.

وفي صبيحة مشمسة تحرك فريق من مراقبي الطيور من بمرسى معدية جزيرة أسوان، يحملون العدسات المقربة ودليل للتدريب علي المراقبة يتحرك القارب بهدوء بين جزر النيل، إحدي المتدربات تحمل دفتر الملاحظات لتسجيل الطيور التي تشاهدها ومقارنتها بالدليل المصور لأنواع الطيور.

"ينتبه المتدربين لملاحظات الفريق بأن الوقت المبكر من الصباح أفضل فرصة لمراقبي الطيور ودراستها قبل بداية حركة المارة بالشوارع القريبة من المياه وتجبر الضوضاء الطيور علي الإبتعاد عن أماكنها".

منذ بداية شهر يناير الجاري 2022، حتى تاريخ نشر هذا التقرير رُصد 117 نوعا من الطيور بأسوان بحسب موقع "ايبرد" المتخصص في إحصاء أعداد الطيور وأماكن تجمعها.

يقول "عمرو عبد الهادي" باحث بيئي ومدير شركة خاصة لتدريبات لتعلم مراقبة الطيور لـ"عين الأسواني": "ترتبط مجموعات الطيور بالبيئة التي تحتاجها للتغذية التي تبحث عنها، وتعد مدينة أسوان بيئة مناسبة للطيور البرية، حيث يتجمع بها 200 نوعا معروفا للطيور بطول خط ضفاف النيل عامة، وبين منطقة السد وخزان أسوان، بالاضافة إلى بحيرة ناصر".

شاركت معدة التقرير على مدار ثلاث أيام بتدريب وجولات ميدانية لمراقبة الطيور بمنطقة الشلال والجزر المتفرعة بطول مجرى نهر النيل فى مدينة أسوان.

يقف عمرو الهادي وهو يعتمر قبعة واسعة تحميه من أشعة الشمس وتوفر غطاء لعينيه وهو ينظر في تليسكوب مراقبة وهو يحاول حفظ توازنه علي القارب المتحرك، ويقول لـ "عين الأسواني": " فصلا الربيع والخريف يعتبر حركة نشطة لهجرة الطيور، ففي الربيع تسير حركة الهجرة بطريقة عكسية تعود من أماكن هجرتها إلي أماكن تكاثرها، وفي الخريف حركة عادية تأتي فيها الطيور من أوروبا إلي أفريقيا".

يحدد عبد الهادي خط سير الهجرة من أوروبا وشرق آسيا باتجاه وسط وجنوب افريقيا، ونوع أخر من الهجرة العرضية، من الغرب إلي الشرق بالإضافة إلى هجرات المرتفعات والتي تترك الطيور مناطق إقامتها بالمناطق المرتفعة كالجبال لمناطق بأسطح منخفضة.

هجرة الطيور إلي أسوان في فصل الشتاء وترحل في الربيع، وطيور تتخذ مصر كممر للهجرة ولا تهبط عليها.

ويضيف: "مواسم هجرة الطيور يمكن أن تكون فرصة جيدة للترويج لنوعية سياحة مراقبة الطيور بأسوان، ومن المهم مراقبة الطيور ودراسة حالتها كنقطة مهمة، فوجود الطيور في بيئة معينة دليل على صحة هذه البيئة والعكس صحيح اختفائها دليل على مؤشر سيء، لأن الطيور لها دور في تلقيح البيئة وتخليصنا من الآفات".

تواجه الطيور البرية مخاطر إستمرار تواجدها كمشكلة التلوث وإزالة البيئات المخصصة عن طريق إزالة نبات "البوص" المستقر على ضفاف نيل أسوان، الذي من الممكن أن يكون مقر لـ 10 أو 20 نوعا من الطيور ويزال البوص لتمهيد الطرق دون انتباه لما قد يعرض الطيور للاختفاء بالإضافة إلي مواقع محطات الرياح وأبراج الضغط العالي.

من أمثلة الطيور التي اختفت، طائر الزقزاق المصري الذي اختفى من مصر منذ فترة التسعينات لتدهور البيئات الخاصة به التي تعتمد على الشواطئ الرملية.

تقول الدكتورة "سمر عبدالعظيم" مدير إدارة محمية جزر نهر النيل، لـ"عين الأسواني": "إن جزر نهر النيل توفر البيئات الملائمة للمبيت والراحة والغذاء والتكاثر لأكثر من 200 نوع من الطيور بعضها مقيم بشكل دائم مثل أبو قردان و الهدهد و الزقزاق البلدى و دجاجة الماء و صقر الجراد و العصفور الدورى و الغراب البلدى و اليمام و صياد السمك الأبقع، ومن الطيور المهاجرة وأهمها الطيور المائية مثل البط بأنواعه الخواضات و البلشونات و الغر والنوارس و البجع والبشاروش.

وتضيف: "هدفنا حماية الطيور البرية بأسوان من ضمن الآليات المستخدمة "العد الشتوي" كوسيلة لتشجيع وتحفيز المواطنين على رصد مكون حيوي هام والحفاظ عليه وتشجيع الناس على عد الطيور بدلاً من إطلاق النار عليهم وصيدها".

بدأ العد الشتوي للطيور في أسوان عام 2008 ومازال حتى الآن في شهر يناير من كل عام، هذا العام كان بالتعاون مع الجمعية المصرية لحماية الطبيعة وشركة خاصة وعدد من المتطوعين.

فسرت "سمر عبدالعظيم" أهمية العد الشتوي بأنه أحد طرق رصد الطيور ومعرفة التغيرات التى تطرأ عليها وعلى الموائل الخاصة بها، تتم الاجراءات بتحديد فريق العمل من الباحثين والمتطوعين و تحديد مناطق وطرق الرصد بكل منطقة وتجهيز معدات الرصد من نظارات الميدان والتليسكوب.

العد المستمر كل عام يساعدنا في تحليل البيانات وتقدير الزيادة أو النقص فى الأنواع وأعداد الطيور، بعد ذلك نحاول معرفة أسباب هذا النقص هل نتيجة فقد الموائل مثل إزالة نبات البوص من على بعض الجزر بالنيل.

تتنوع الطيور البرية ومناطق توزيعها بمحيط شمال افريقيا والتي يظهر بعضها بمدينة أسوان جزر نهر النيل والتي تعتبر من الاراضي الرطبة وكمسارات للطيور المهاجرة،نشأت نسبةٌ كبيرةٌ من هذه الجزر بعد بناء السدّ العالي في أسوان، ويعتبر 144 جزيرة معلنة كمحميات طبيعية فقط في مصر ولها أهمية كبيرة في التنوع البيولوجي، فهي أراض تنتمي تحت "اتفاقيّة رامسار" وهي اتفاقية دولية تدعوا لحماية الأراضي الرطبة ومواردها والخدمات التي تقدمها للبشرية والتي تمٌثل بيئة مناسبة لتوالد كثير من أنواع الأسماك التي تعتبر غذاء لهذه الطيور ونباتات مختلفة كالنبق والجميز والتوت.