معيلات يواجهن التضخم.. عبء مضاعف على النساء في مصر

سهام عثمان

كتب/ت أمنية حسن
2024-03-21 16:00:06

 

أكثر من 13 ساعة عمل، تقضيها أسماء عبدالمتعال، 44 عامًا، يوميًا؛ لتوفير احتياجات أبنائها الثلاثة، لا سيما أنهم في مراحل تعليم مختلفة، إذ أصبحت مسؤولة عنهم بشكل كامل إلا أن الصعوبات المادية ظلت تطاردها.

قبل أن تدخل أسماء في تلك الدوامة كانت متزوجة وتعيش في إحدى الدول العربية برفقة زوجها، حتى انفصلا وعادت إلى مصر برفقة الأبناء وأصبحت هي المسؤولة عن الإنفاق عليهم بعد امتناع زوجها، لتدخل في عداد النساء المعيلات بمصر.

أسماء هي واحدة، ضمن 12 مليون سيدة معيلة في مصر، تتحمل الإنفاق على نحو 3 ملايين أسرة، بسبب غياب الزوج أو وفاته أو وقوع الطلاق وامتناعه عن الإنفاق، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

 

أسماء: «يعمل أبنائي لمساعدتي في الإنفاق»

يبدأ يوم أسماء، مُعلمة رياضيات، في السابعة صباحًا، إذ تذهب إلى المدرسة وتعود في الثانية ظهرًا، ثم تخوض رحلة أخرى مع الدروس الخصوصية، ولا تستطيع التوقف حتى تنفق على أبنائها، إذ إن النفقة الزوجية التي قدرتها المحكمة لها بقيمة 3 آلاف جنيه ونصف، لا يدفعها الزوج بسبب تواجده خارج  مصر.

تتقاضى أسماء ألفي جنيه من المدرسة، رغم رفع الحكومة في فبراير الماضي الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، على أن يطبق القرار ابتداءً من أول مارس 2024 إلا أن مدرستها لم تطبقه إلى الآن.

تقول: «قبل انفصالي كنت أعمل وأشارك مع زوجي في النفقات، ولكن الحمل زاد على عاتقي بعدما أصبحت أتكفل بكل مصاريف الأبناء، وأضع التعليم والغذاء في الأولوية دون الرفاهيات». تتضح معاناة أسماء في عمل ابنها في صيدلية بجانب دراسته الجامعية، وابنها الأوسط يعمل فقط خلال الإجازات من أجل مساعدتها.

أكثر المواقف القاسية التي تعرضت لها أسماء حين حصل ابنها على مجموع يؤهله للالتحاق بكلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية التي تتكلف 11 ألف جنيه في العام، مما دفعها للاستدانة وتراكم الديون عليها لتحقيق حلم ابنها.

زينب: «أصارع زيادة الأسعار يوميًا»

معاناة زينب محمود، 50 عامًا، سيدة معيلة منذ 10 سنوات، كانت أكبر، إذ إن لديها ابنة واحدة جامعية، يرسل زوجها منذ انفصالها عنها ألف جنيه فقط نفقة، إلا أنها لا تكفي، وبسبب عدم حصولها على شهادة جامعية لم تتمكن من الحصول على عمل يدر عليها ربحًا.

تقول: «لجأت إلى التقشف إلا إن الأسعار وتحديدًا السلع الغذائية في زيادة يومية، لذلك أعتمد على مساعدات مالية من العائلة، وأصعب ما أمر به هو عدم قدرتي على تلبية احتياجات ابنتي، لذلك بدأت في تجارة صغيرة في التوابل التي أبيعها لنساء الحي لكنها غير مجدية».

تعاني النساء المعيلات في مصر بسبب غلاء الأسعار وعدم وجود وظائف لهم، إذ تراجع معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة، فكانت نسبة مشاركة الإناث 22% خلال العام 2012 وتراجعت إلى 16% خلال وفق بيانات البنك الدولي، 2022، في وقت سجل فيه التضخم السنوي نسبة 35.7% خلال يناير الماضي.

 

جنوبية حرة: « الضغوط الاقتصادية متزايدة على النساء المعيلات»

سهام عثمان، مديرة البرامج ومسؤولة العلاقات العامة في مؤسسة «جنوبية حرة» غير حكومية، تقول إن الوضع الوظيفي للمرأة يختلف عن الرجال، لا سيما العمالة غير المنتظمة مثل المحال والصيدليات وغيرها.

وتوضح أن الاختلاف الأبرز في قلة فرص المرأة بتلك الوظائف، إلى جانب عدم وجود قوانين عمل تضمن حقوقهم، مضيفة: «الضغوط الاقتصادية متزايدة على النساء المعيلات، وفي حال وقوع الأسرة بأزمة مالية تتحمل النساء عبئًا مضاعفًا في المناورة تجاه زيادة الأسعار المستمرة».

جانب آخر لأزمة النساء المعيلات، تتحدث عنه عثمان، وهو أن الوصم المجتمعي للمطلقات يكون أحيانًا عائقًا أمامهن في الحصول على فرص عمل، إلى جانب السن والصورة النمطية المأخوذة عن وهن صحة النساء.

وترى سهام أن الحل في توصيل ما تقدمه الدولة من دعم للمرأة المعيلة إلى المنازل والبيوت، عن طريق حملات طرق الأبواب والتعاون مع الجمعيات الأهلية؛ لتثقيف النساء بحقوقهن التي تقدمها الدولة لهن.