"طوارئ شعبية" في أبو الريش..كيف تعامل الأهالي مع أزمة "النزلات المعوية"؟

تصوير: صورة أرشيفية من المصدر - توزيع زجاجات المياه على أهالي قرية ابو الريش

تبنى مواطنون بقرية أبو الريش قبلي وبحري في محافظة أسوان، خلال اليومين الماضيين، عدة تدابير احترازية مختلفة للتعامل مع تزايد أعداد إصابات مواطني القرية بما وصفته وزارة الصحة في بيان رسمي بـ"نزلات معوية" دون توضيح رسمي للسبب وراء ذلك، بينما تستمر  شيوع شكوك سكان القرية تجاه "مياه الشرب". 

 فكانت اللافتة الأولى هي إذاعة إمامي مسجدي عمر بن الخطاب والسلام، بمنطقة أبو الريش بحري، عبر مذياع المسجد، نصائح وقائية ترتبط بعدم استخدام مياه الشرب مباشرة من الصنبور، دون تعريضها للغليان، أو استخدام فلتر تنقية المياه.

أسعار الأنابيب

وقد تلقت هانم خيري، ربة منزل تسكن منطقة أبو الريش، التوجيهات الخاصة بغلي المياه بحالة من "الإحباط" كما تصفها، نظرًا لأن ذلك سيدفعها إلى استهلاك أكثر لغاز أنبوب البوتوجاز التي تضاعف سعرها منذ أيام، ورغم مخاوفها إلا أنها أصيبت بـ"همّ" آخر وهو تكلفة إضافية إذا انتهى غاز "البوتاجاز" سريعًا.

 تقول "هانم": “لا أمتلك أي فلتر للمياه، لذلك سأضطر إلى "غلي" الماء قبل ملئه في "الزير" الذي أحتاج إلى تعبئته مرتين يوميًا، لاستخدام مياهه في الطهي، وشرب عائلتي وأيضًا لشرب الدواجن التي أربيها، وعائلتي كبيرة لا نمتلك سوى "زيرين" فقط، وزيادة استهلاك أنابيب البوتاجاز في ظل ارتفاع سعرها الكبير مؤخرًا سينعكس هذا على تكاليف حياتي اليومية".

بينما تعلق نادية مصطفي، ربة منزل، أنها مضطرة إلى غلي المياه، خصوصًا لاستخدامها للشرب: "أما بالنسبة للطبخ فأنا استخدم مياه الحنفية بشكل طبيعي ".

طلاب بلا خطة

وفي أول أيام العودة للدراسة بمدرسة 23 يوليو الابتدائية؛ اضطرت بوسي شحات، معلمة، وزميلاتها، إلى شراء زجاجات مياه معدنية، مفسرة ذلك بقولها: "طعم المياه بصنابير المدرسة سيئ، والمياه غير صالحة للشرب، ومع انتشار حالات القيء والإسهال، فضّلنا شراء زجاجات مياه معدنية".

وتشير بوسي إلى أن معلمات وإدارة المدرسة لم يكن لديهم أي خطة للتعامل مع الطلاب، فيما يخص انتشار أي عدوى في المحافظة، ورغم زيارة محافظ أسوان مجمع أبو الريش بحري، الملاصق لمدرسة 23 يوليو، صباح الأحد 22 سبتمبر، إلا أنه لم ينتج عن الزيارة أية تنبيهات لأطقم إدارة المدراس بالقرية. 

وبعد تعرض حنان عبدالفتاح، ربة منزل، للإصابة بالعدوى المنتشرة بقريتها، بدأت في تسخين المياه لدرجة الغليان قبل استخدامها، إذ يمنعها غلاء الأسعار من شراء فلتر تنقية مياه، فيما علّقت "حُجزت بالعناية المركزة، بعد أن فقدت الوعي بسيارة الاسعاف أثناء توجهي للمستشفى، وبعد أن تعافيت، فسأضطر لغلي مياه للطهي، وبدأنا في وضع ميزانية لشراء مياه الشرب من المحال المجاورة، كوقاية لأسرتي". 

وأشارت حنان لأنها تلقت العلاج بالمستشفى الجامعي بأسوان، واقتصر على حقن ومحاليل، لمواجهة أعراض القيء والإسهال وارتفاع درجة حرارة جسدها، فيما تحسنت حالتها بعد يوم واحد من تلقي العلاج بالمستشفى، باستكمال علاجها بالمنزل.

تقسيط

التقسيط كان الحل الوحيد أمام علاء حسن، أعمال حرة، الذي قال إنه اضطر لشراء فلتر تنقية مياه 8 مراحل بالتقسيط، لدفع 500 جنيه شهريًا، بدلًا من الاستمرار في تحمل تكلفة شراء مياه معدنية يوميًا لأسرتي، فلون مياه الشرب متغير بشكل يتضح للعين المجردة، بحسب قوله، وبعد انتشار حالات العدوى، كان لابد من وضع خطة وميزانية جديدة للوقاية، كما يضيف.

مبادرة 

وأمام الميزانيات المحدودة لأبناء القرية، وارتفاع أسعار الفلاتر، حاولت لبنى نصري، متطوعة بمبادرة "كلنا واحد"، تخفيف الأعباء عن جيرانها بالقرية، حيث قالت "نقوم بتوزيع زجاجات مياه معدنية على أهالي منطقة أبو الريش الذين يعانون من أمراض مزمنة، وعلى المسجد بالمنطقة".

وتضيف لبنى موضحة "وزعنا 80 كرتونة من زجاجات المياه، و20 قارورة كبيرة، بالإضافة إلى توزيع علاجات مطهرات معوية مثل أقراص انتينال، وفلاجيل، وستربتوكين، بهدف الوقاية المسبقة لأصحاب الأمراض المزمنة، لأن إصابتهم بأي عدوى ستكون أخطر".

ويذكر أن شركة المياه والصرف الصحي بأسوان أخذت عينات من جميع محطات وروافع محافظة أسوان بإجمالي (103) محطة ورافع بواسطة الجهات المركزية المختصة بتحليل المياه وجودتها، أكدت على سلامة المياه من التلوث، فيما تستمر أزمة تفشي العدوى، دون تفسير واضح من وزارة الصحة لماهية العدوى، أو خط القضاء على انتشارها.