لم تعد بلاد الصعيد تُعرف بطبيعتها الخشنة، فهي تطورت مع الوقت، ليشارك اليوم ثلاث فتيات من الصعيد ببطولة كأس مصر للجمباز، وهن، ميار محمود، بيري مرقص، ويسر إسلام.
لم تخش الفتيات الثلاث من الوقوف أمام الجميع، ولعب هذه الرياضة، التي تحمل في طياتها نعومة الصعيد التي لم نعتد على رؤيتها، فسافرن إلى القاهرة للتألق، وإبراز موهبتهن للمشاركين من جميع محافظات مصر، فتقول والدة اللاعبة ميار، لـ"عين الأسواني": “هذه البطولة ليست الأولى التي تلعب فيها ميار، فهي حاصة على ميداليتين ذهبيتين، بعدما شاركت سابقًا في مسابقتين تحت سن 6 سنوات".
وأضافت: “رحلة ميار لتعلم الجمباز لم تكن سهلة، فهي كانت تشعر بالإرهاق الجسدي في بعض الأوقات، وهذا طبيعي، كما أننا ندفع مبلغ ماليًا للاتحاد لكي تسافر للمشاركة في البطولات، فالسفر إلى القاهرة مشقة كبيرة، لأننا نتحمل جميع التكاليف، سواء كانت مصاريف الانتقالات، أو الطعام، أو شراء ملابس اللعبة، فكل لاعب يجب أن يشتري ملابسه الخاصة بالبطولة، وهي ذات مواصفات معينة، فسعرها باهظ الثمن".
أوضحت والدة ميار، أن فترة البطولة تشكل ضغطًا نفسيًا ليس بالنسبة لابنتها فقط، بل هي من تشعر بأنها في أقصى لحظات التوتر، خوفًا من أن تصاب ميار من أي حركة تلعبها بطريقة خاطئة خلال عرضها، مشيرة إلى أنها تحب أيضًا أن تفوز ابنتها، وتحافظ على مركزها في البطولة، فهي تخشى عليها من الخسارة.
على عكس ميار، بطولة كأس مصر للجمباز، هي البطولة الأولى لـلاعبات بيري، ويسر، فتقول والدة يسر: “نعمل كأمهات، على توفير كل شيء تحتاجه الفتيات، من مال وغذاء، بجانب توفير الراحة النفسية لهم، داعين الله أن يجبر بخاطرهم، وهذه البطولة تشارك فيها جميع المحافظات، ولا نلعب ضد بعض، بل يعرض كل طفل موهبته بشكل منفصل".
مشوار طويل سارت فيه الفتيات مع المدرب أحمد خضري، الذي يعد دوره هو أهم دور، خاصة في ظل عدم توافر الإمكانيات اللازمة لهذه اللعبة في الصعيد، وعن ذلك يقول خضري: “دربت الفتيات حتى أصبحن مستعدات بشكل يضمن لهن الحصول على الميدالية الذهبية، وذلك بعد سنوات من تأهيلهن، خاصة وأن الأجهزة الرياضية لهذه اللعبة غير متوفرة في أسوان، بسبب عدم شهرة الجمباز كلعبة رياضية هنا، وبالتالي عدم الاهتمام به".
أوضح خضري أنه وبسبب الظروف، تطول مدة التدريب على لعبة الجمباز في الصعيد، عن بقية المحافظات الأخرى، حيث تدربت بيري على اللعبة لمدة 3 سنوات، بينما تدربت ميار لمدة سنتين، أما ميار فتدربت سنة واحدة فقط، مشيرًا إلى أنه اختارهن للمشاركة في بطولة كأس مصر للجمباز، بسبب القوة والعزيمة التي رآها في أعينهن.
يقول خضري: “تتمنى الفتيات أن تكن بطلات في لعبة الجمباز مستقبلًا، ولكن هذا الحلم مستحيل في أسوان، بسبب عدم توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك، فالجمباز من أصعب رياضات العالم، وبجانب التدريب البدني، يحتاج إلى رعاية خاصة من الأهل، والاهتمام برفع الروح المعنوية للاعب، ولكن كلما زاد الضغط، تضعف عزيمة الأهل، وبالتالي يصبح الطفل غير قادرًا على اللعب".
نفت لاعبات الجمباز، يسر، بيري، وميار، تعرضهن للتنمر من المجتمع الأسواني، مشيرات إلى أن الجميع رحب بهن كبطلات للجمباز في المدينة.
تكللت جهود بطلات أسوان في الجمباز بالنجاح، فبعدما لعبن بطولة كأس مصر للجمباز أمس الثلاثاء، حصلت بيري مرقص، ويسر إسلام على المركز الأول، بينما حصلت ميار محمود على الميدالية الفضية.