وهم كليات القمة وواقع المستقبل "غير المضمون"

تصوير: تصميم - باسم حنيجل

كتب/ت رحمة أشرف
2024-02-04 00:00:00

كان حوارًا ما يزال عالقًا في ذهني منذ كنت في الصف الثالث الإعدادي، حينما شاركت في مسابقات القراءة بمدرستي، وكانت من شروط المسابقة قراءة خمسين كتابًا في مجالات متعددة، فاتجهت إلى قراءة الكتب في مجال العلوم المتنوعة، بدأت وقتها التعمق في قراءة كتب الجيولوجيا وزاد حبي وشغفي بالقراءة في هذا المجال.

حينها تحدثت مع صديقتي وأخبرتها عن قراري عندما أنهي الثانوية العامة، سألتحق بكلية العلوم قسم الجيولوجيا، ثم ذهبت إلى والدي للحديث معه عن رغبتي تلك فكان الحما يغمرني، ولكنه قطعني بجملة صارمة جعلت الحلم مستحيلًا: "أنت في مصر الشهادة دي هتعلقيها في البيت ملهاش شغل".

كنت في البداية أظن أن والدي لا يرغب في التحاقي بهذه الكلية بسبب رغبته في التحاقي بكلية الطب، لكونها كلية قمة كما يقول يُشاع. كنت دائمًا اعترض على هذا الأمر لأنه يدور في ذهني إذا كانت كلية الطب هي الأفضل دومًا فلماذا وجدت باقي الكليات؟.

ولكن مع مرور الأيام سألت العديد من أقاربي وصديقاتي ومعلميني كان وجهة نظرهم مثل والدي، أن هذه الكلية لا استطيع العمل بها إلا في مجال التدريس ولا تستحق كم المعاناة في كليه العلوم من أجلها.

حينها قررت أن أغير هدفي وأفكر في هدفًا آخر، وبعد مرور عام التقيت بمعلمة داخل المدرسة، وأخبرتني أن حبي الكبير للقراءة وحبي لتطوير ذاتي وحب الاطلاع يؤهلني دخول كلية السياسة والاقتصاد.

وقتها سمعت للمرة الأولى عن هذه الكلية وجذبني الاسم، فقررت البحث عنها وسألت الكثير من المعلمين والأقارب لمعرفة المعلومات، أخبرتني إحدى صديقاتي أن شقيقته التحقت بهذه الكلية، ولكن حتى الآن لم تجد عمل يناسب مجال دراستها، هنا أصبح شغفي بهذه الكلية يقل حتى بات معدومًا.

مرّ عامًا آخر، وأصبحت أمام الخيار الأصعب وهو القرار بالالتحاق بالقسم الأدبي أو العلمي، ولكن عندما قررت الدخول إلى القسم العلمي فرع الرياضيات من أجل كلية الهندسة، واجهت رفضًا كبيرًا من عائلتي وبالأخص والدي فأخبرني أن كلية الهندسة للذكور فقط بسبب العمل الشاق، وأصبحت في حيرة من أمري، فكل الكليات التي أرغب الالتحاق بها ليس لها مجال عمل.

في إحدى مرات سفري إلى مسابقات القراءة التي كانت من شروطها التحدث باللغة العربية الفصحى، أخبرني أحد الموجهين القائمين على المسابقة أن طريقتي في أثناء تحدثي باللغة العربية تشبه مذيعات الطقس وبرامج الأطفال.

في البداية لم أكترث لكلامه، ولكن لاحظت بعدها أن كثيرًا من المعلمين وصديقاتي يرون نفس الأمر فيّ، فبدأت الفكرة تتسلل إلى عقلي لاسيما مع حبي للكتابة، فقررت الالتحاق بالقسم الأدبي حتى انضم لكلية الإعلام بعد انتهاء الثانوية العامة.

وعندما ظهرت النتيجة لم يؤهلني مجموعي للالتحاق بكلية الإعلام بسبب مادة اللغة الإنجليزية، وأصبحت في حيرة من أمري فكل الكليات متساوية أمامي، واحتدم الجدل بيني وبين والدي حول التحاقي بكلية التجارة أو دار العلوم، وفي النهاية قررت الالتحاق بكلية التجارة نظرًا لتعدد مجالاتها في العمل ومستقبلها المضمون.