حنين للماضي

تصميم: محمد صلاح

كتب/ت شهد الهيثم
2025-03-22 13:39:00

داخل مكتب كبير في أشهر شركات دبي، تدخل السكرتيرة حاملة تلك الملفات الثقيلة التي طلبها منها مديرها وتردد.. 

السكرتيرة: سيد لؤي ها هي ملفات الصفقة التي طلبتها مني.

لؤي: حسنًا ضعيها هنا 

وضعت السكرتيرة الأوراق وهمّت بالخروج، وبعد مرور نصف ساعة، أرجع لؤي كرسيه بتعب وتنهد تنهيدة طويلة، ومن ثم وقف لينظر إلى الشرفة، واستمر بالنظر حتى استوقفه صوت جاء من الشارع، لبكاء طفل على فانوس رمضان.

نظر لؤي من شرفة مكتبه، ليرى والدة الطفل تحاول إسكات بكائه بشتى الطرق، بدأت عينا لؤي تذرف دموعًا، فقد اشتاق إلى ذكرياته التى افتقدها عندما كان في مصر، فقد تذكر أجواء تركيب زينة رمضان مع إخوته عندما كان في سن الثامنة من عمره.

عاد لؤي وجلس على مكتبه، وظل ينظر للاشئ حتى غلبه النعاس، وعندما استيقظ وجد لؤي نفسه مُغطّى بلحاف، وفي شقته القديمة بمصر، شهق لؤي ونظر ليده وقدمه، وقال: مهًلا ما هذا؟ لماذا أنا بشقة والدي؟ ولماذا أنا بجسد طفل؟ 

توقف لؤي عن التفكير، عندما سمع صوت "اصحى يا نايم رمضان كريم"، هذا صوت المسحراتي الذي اعتاد على سماعه كل رمضان، ذهب لؤي للشرفة، ولكن لم يستطع أن يقف لوقت طويل في الشرفة، شد كرسيًا ووقف ينظر ويتأمل بائعي الكنافة وهم يصنعونها والأطفال تلتف حولهم، منتظرين سلاسل الكنافة الذهبية التي يغزلها بكل حرفة، وعلى الجانب الآخر أطفال يزينون الشوارع، يتسابقون على من سيزين هذا الفرع، وأم مع طفلها يمسك فانوسه ويهزه تارة يمين وتارة يسار.

استوقفه كل هذا، أخته التي تصغره بسنة وهي تشد قميصه، ليزين معها زينة رمضان،  ذهب لؤي معها فوجد والده الذي يتحرك بنفسه دون مساعدة أحد، ووالدته التي عادت للحياة، وهي توبخ أخيه الكبير بسبب جلوسه الطويل على التلفاز، وهي ممسكة بهاتفها المحمول، اقتربت والدته منه وقالت: هيا يا لؤي لتُحضر طلبات السحور مع والدك، رمضان غدًا، بدون أي مقدمات حضن لؤي والدته وهو يبكي، بدأت والدته تُهدّأ من روعه: حسنًا حسنًا إذا كنت لا تريد الذهاب مع والدك، فلا بأس ولكن توقف عن البكاء.

بدأ لؤي يجيب والدته، ولكن الكلمات خرجت من فاهه بشكل متقطع، حاولت والدته أن تُفهمه بشتى الطرق، ذهب لؤي مع والده وأخيه ليشتروا طلبات السحور، ثم رجع إلى المنزل.

بعدها أخذ لؤي يلعب مع إخوته، حتى انتهت والدته من صنع السحور، وقبل أن يأكل، نام فجأة، وضعته والدته على السرير وخرجت، وحينما استيقظ وجد نفسه في مكتبه بدبي، وأوراق الصفقة مبعثرة في كل أنحاء مكتبه. نظر لؤي بابتسامة، وقد خانته دمعة من عينيه، وقال لنفسه: لقد اشتقت لتلك الذكريات الجميلة، ليتها تعود، حتى أشعر بأجواء رمضان مرة أخرى.