خيّمت حالة من الحزن والأسى على أهالي قرية الحريدية التابعة لمركز المراغة بمحافظة سوهاج، منذ مساء السبت الماضي، بعد وقوع العقار المكون من ثلاثة طوابق، وإصابة زوجة صاحب المنزل وبناته الثلاث، بالإضافة إلى اثنين من المنقذين، بكسور وجروح وكدمات وسحجات متفرقة بالجسد، فيما استمر الانهيار على مدار يومين متتالين.
خلال اليومين ظهر تعاون الأهالي مع بعضهم، إذ أنقذوا الأم وبناتها الثلاث، كما أخرجوا عدد من جثث حيوانات وطيور وأغنام من بين الأنقاض، وأشار شهود العيان إلى وجود جهاز عروس تُقدّر قيمته حوالي 150 ألف جنيه، فيما استغرق إخراج العروس شيماء رمضان السيد، التي كان من المقرر إقامة عرسها بعد شهور قليلة، نحو ساعة كاملة "كانت مدفونة تحت ما يقرب من متر ونصف من الحطام"، كما قال جدها خلف الله صبره لـ"أهل سوهاج".
واشتكى مصابي الحادث من رفض مستشفى سوهاج الجامعي بقرية الكوامل التي نُقلوا إليها على إثر إصابتهم، الرعاية الكاملة لهم إلا بعد دفع مبالغ مالية وصفها الأهالي بـ"الباهظة"، كما نشرت باشكاتب في تقرير سابق، خاصة أن حالتهم حرجة ولا يملكون المال لتلقّي العلاج.
ونجح الأهالي في التكاتف بينهم وجمع التبرعات للأسرة، وبحسب تصريح عبدالرحمن، المسؤول عن جمع التبرعات، ذكر أن الأهالي تبرعوا بـ25 ألف جنيه لإتمام علاج الأسرة المتضررة.
اختفاء الجهود الرسمية
على الجهة المقابلة لم تُرسل المحافظة أو المجلس المحلي معدات لحمل الأنقاض، نظرًا لضيق الشارع ووجود عمود كهربائي يعيق الطريق، وحتى الآن رغم وعود المحافظة، إلا أنها لم تُرسل أي معدات في اليوم التالي، كما ذكر حامد السيد، أحد شهود العيان.
وبحسب السيد فإن تأخر المحافظة دفع الأهالي إلى اتخاذ قرار بإزالة العمود وتركيب "كلسونة" بإحدى المنازل المجاورة لإدخال المعدات، ومع ذلك لم ينتظروا وصول المعدات، بل قاموا بحمل وإخراج الأغراض الخفيفة من أسفل الأنقاض بأنفسهم، لاستكمال عملية إخراج الأثاث والأدوات الكهربائية، مما عرّضهم إلى الخطر.
وأضاف السيد أنه خلال عملية الإنقاذ ظلت جدران المنزل تتساقط عليهم، مما تسبب في إصابات المنقذين بجروح وكدمات نقلوا على إثرها إلى مستشفى المراغة وعدد آخر أصيب بإصابات طفيفة، لكن تحملوها لاستمرار عملية الإنقاذ.
"الأنقاض غطّت البنات"
علم السيد بالحادث نتيجة صراخ الناس وانتشار التراب في المكان، واستطرد بقوله إن الناجين كانت حالتهم صعبة، فيما تأثر هو بهيئتهم، إذ ذكر أن الأنقاض غطّت جميع سكان المنزل، وأشار إلى وصول سيارة الإسعاف بعد ربع ساعة من الحادث.
وأكد والد ربة المنزل، خلف الله صبره، أن الحادث وقع حوالي الثامنة والنصف من مساء السبت، بينما كانت الأسرة نائمة في الطابق الثاني، مُضيفًا أن حالة الأم وفتياتها الثلاث خطيرة، إذ تعرضوا لإصابات في الرأس، تحديدًا الأم التي تعاني من ارتجاج في المخ، مع شكوك بوجود نزيف داخلي، فيما تتلقى الأسرة العلاج في الوقت الحالي.
لم يكن مالك العقار، رمضان السيد، داخل المنزل حين وقوع الانهيار، بل علم بالحادث أثناء تواجده في عمله بمدينة بورسعيد، عبر اتصال من أحد الجيران، وعاد بعدها على الفور ليجد أسرته مصابين داخل المستشفى، وبلا مأوى، وظهر رمضان في حال يُرثى لها، في فاجعة صعُب عليه إدراكها، إلا أنه ظل يردد "ده قضاء الله وقدره".
وانهيار العقار ذو الخمسين عامًا جاء بسبب بناؤه بالحجارة القديمة، وتسقيفه بجريد النخيل، فيما ذكر شقيق صاحب العقار أن المنزل كان مُتهالكًا.
ولم تظهر أي جهة رسمية باستثناء الإسعاف، سوى في الساعات الأخيرة من مساء أمس، إذ توجه محافظ سوهاج، اللواء الدكتور عبد الفتاح سراج، إلى مكان الحادث، وأعلن عن تكفل المحافظة بتوفير مسكن للأسرة بأجر مدفوع لمدة 6 أشهر.