أصدرت وزارتا الكهرباء والبترول يوم الإثنين الماضي بيان حول زيادة فترة تخفيف الأحمال استمرار انقطاع الكهرباء لساعة إضافية طيلة الأسبوع الجاري، وأوضح البيان أن ذلك "من أجل الحفاظ على الكفاءة التشغيلية لمحطات إنتاج الكهرباء والشبكة القومية للغازات الطبيعية"، وذلك بسبب زيادة معدلات الاستهلاك المحلي من الكهرباء، نتيجة الموجة الحارة شديدة الارتفاع، وبالتالى زيادة استهلاك الغاز المولد للطاقة.
وتصدّرت أزمة قطع الكهرباء حديث مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم الأحد الماضي، وسط شكاوى لمواطنين من زيادة مدة الانقطاع عن المعتاد، وانزعجت فتحية محمد، ربة منزل تبلغ من العمر 65 عامًا، وتقطن بمنطقة الشرق بسوهاج، أن قرار قطع الكهرباء غير عادل، من القرار، مُعبّرة عن معاناته بقولها لـ"أهل سوهاج": “أنا مريضة سكر ومقدرش أبدًا أتحمل قطع التيار الكهربائي لمدة 3 ساعات، ناهيكي عن أزمة انقطاع المياه بالتزامن مع قطع التيار الكهربائي حيث أسكن في دور علوي، وأضطر للتعايش لـ3 ساعات بلا ماء أو كهرباء".
واضطرت فتحية للذهاب لمنزل أحد أبنائها خلال تلك الفترة، وفي رأي السيدة أنه لا يوجد عدالة في توزيع انقطاع التيار على كل المناطق.
معاناة الأطفال وتلف أجهزة كهربائية
وتُعبّر أسماء عبد العال، ربة منزل ذو الــ ٣٩ عامًا وتقطن بمركز طما بسوهاج، عن معاناتها بسبب قطع الكهرباء إلى هذه المدة، إذ أن لديها ثلاث أطفال، أكبرهما في الصف الأول الإبتدائي وطفلين توأم يبلغان شهر، اللذان يصرخان بشكل متواصل مع بدء انقطاع التيار الكهربائي داخل المنزل، ويستمر حتى عودتها، فضلَا عن الشكوى المستمرة من الطفل الأكبر من ارتفاع درجات الحرارة وعدم قدرته على تحملها، وتصل درجة الحرارة في محافظة سوهاج إلى 44 درجة مئوية.
وتستطرد أسماء في حديثها، أن أزمة قطع الكهرباء باتت مُزعجة بشكل كبير، ففي يوم وقفة عرفات كانت تشعر بالخوف الشديد على أجهزة المنزل بسبب عدم ثبات التيار الكهربائي وتذبذب سرعته، حيث انقطعت الكهرباء من الساعة الثالثة إلى الرابعة عصرًا، ومن الساعة الثامنة إلى العاشرة مساءً، ومن الساعة الثانية عشر إلى الساعة الواحدة صباحًا، هذا بالإضافة إلى ضعف التيار الكهربائي ثم عودته أقوى بشكل مفاجئ، مما أضرّ بالأجهزة الكهربائية.
مع علم أسماء بقرار زيادة تخفيف الأحمال إلى 3 ساعات، تواردت عدّة أسئلة داخل رأسها "ازاي أطفال هيتحملوا الزيادة دي؟ وأعمل ايه لو الأكل باظ؟ وازاي هطبخ أصلا؟"، بالإضافة لعدة أسئلة أخرى عن المسؤول عن تلك الأزمة التي وصفتها بـ"العبث"، وعن مدى استمرار الوضع وسبب عدم وجود حل نهائي للأزمة.
وظُهر أمس الثلاثاء أعلن مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في مؤتمر صحفي، عن قرار غلق المحال التجارية في العاشرة مساء، اعتبارًا من الأسبوع المقبل، لترشيد استهلاك الكهرباء، غير أنه لم يُشير نهائيًَا لانقطاع الكهرباء لأكثر من مرة في بعض المناطق بمصر، وأشار في بيانه إلى توقف قطع الكهرباء في الأسبوع الثالث بشهر يوليو وحتى نهاية موسم الصيف، ثم عودة تخفيف الأحمال ثانية حتى نهاية العام الحالي.
على جانب آخر وافقت سلمى حمادة، ربة منزل تبلغ من العمر 43 عامًا، وتسكن في مركز أخميم، البيانات الحكومية التي تلفت النظر أن سبب انقطاع الكهرباء هو الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة "صحيح احنا بنعاني، بس ده أفضل من حدوث حرائق بسبب التغير المناخي".
ومنذ فترة تعاني سلمى أكثر من انقطاع الكهرباء، فقد تضررت من تذبذب التيار الكهربائي في أيام العيد، وبدون أي قرار رسمي من الحكومة توقفت الكهرباء أكثر من مرة على مدار اليوم "وده سبب تلف في موتور التلاجة"، وقضت السيدة أيام العيد دون أن تهنأ به "كنت خايفة أوي على الأجهزة الكهربائية".
وعندما سمعت قرار زيادة مدة تخفيف الأحمال لمدة 3 ساعات كانت في غاية الاستياء، مؤكدة على "أي إنسان عادي ميتحملش قطع الكهرباء لتلات ساعات في الحر الشديد ده"، وبسبب ذلك قررت سلمى طهي الطعام في الصباح الباكر تجنبًا لفصل التيار.
من نفس المركز وصفت إيمان محمد أحمد التي تبلغ من العمر 45 عامًا، قرار قطع الكهرباء بـ"الفشل"، مُشيرة إلى أن الكهرباء خدمة يدفع المواطنون ثمنها، متسائلة "لماذا يتم قطعها؟ فهذا القرار سبب تدمير بعض الأجهزة الكهربائية ومعاناتنا صحيًا".
وداخل منزل إيمان تلفت جهاز "الديب فريزر" وشاشة الكومبيوتر، بسبب انقطاع الكهرباء خلال أيام العيد أكثر من مرة، دون أي تنبيه.
وترى السيدة الأربعينية أن هناك كثير من الحلول لأزمة انقطاع الكهرباء، بدلاً من زيادة مدة تخفيف الأحمال؛ منها ترشيد استخدام الكهرباء في المحلات والشوارع التي تستهلك إضاءة تزيد عن الحد المسموح به، فضلًا عن التوزيع العادل لانقطاع الكهرباء بكافة المناطق، مُشيرة إلى أن بعض الشوارع لا ينقطع بها الكهرباء نهائيًا بمركز أخميم.
قلق يسود بين طلاب الثانوية العامة
تعاني هنا أحمد، طالبة بالصف الثالث الثانوي وتسكن بمنطقة الزهراء بمدينة سوهاج، منذ إصدار قرار انقطاع الكهرباء ثلاث ساعات، وتعيش في توتر شديد، لكونها لا تتحمل إهدار دقيقة واحدة من وقتها بدون مذاكرة خلال فترة الامتحانات.
تعتمد الطالبة في مذاكرتها على شبكة الإنترنت، ومع انقطاع الكهرباء لـ3 ساعات ستتوقف مذاكرتها التي تعتمد على فيديوهات المراجعة على الإنترنت، واصفة القرار "كان مصيبة حلّت عليا"، ولا تجد الطالبة بديلًا عن التأقلم مع القرار "قُمت بتنزيل كل ما أريده من فيديوهات شرح على الكومبيوتر، وبذاكر حاليًا على كشاف الموبايل".
وبسبب المذاكرة على ضوء كشاف الهاتف المحمول تشكو هنا من ألم بعينيها، بالإضافة إلى عدم التركيز جرّاء ارتفاع درجات الحرارة، إذ ترتفع درجة الحرارة بمحافظة سوهاج إلى 44 درجة مئوية، وقررت الطالبة الانتقال إلى منزل خالتها الذي تضطر إلى ركوب مواصلتين للوصول إليه خلال فترة الانقطاع بمنزلها حتى تستفيد بتلك الفترة.
وأقصى طموحات هنا ألا يُقطع التيار في أثناء فترة الامتحانات، بسبب التعب والإرهاق الشديد الذي تتعرض له هي وزملائها، بسبب قطع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة التي تُفقدهم التركيز.
المحلات التجارية قصة معاناة أخرى
منذ انقطاع التيار الكهربائي بداية العام الماضي تأقلم أحمد حمادة- صاحب محل عصير- عليه، إلا أن استمرار الأزمة دون وجود موعد نهائي لحلها أثر على مبيعاته، فيما أصبح الأمر لا يُحتمل بالنسبه له مع انقطاع الكهرباء لثلاث ساعات قائلًا "أنا مش عارف أعمل إيه، خصوصًا إن عصير القصب هو الشيء الوحيد اللي مينفعش يتخزّن بعد مرور ربع ساعة من عصره هيبوظ"، مُوضحًا أن دخل المحل يأتي بالأساس من الإقبال على شراء عصير القصب، خاصة في فترة الصيف.
ويتخوّف حمادة من عمليات السرقة التي من الممكن أن تنتشر، خاصة أن انقطاع التيار يحدث في فترة المساء، ويرى الرجل الأربعيني أن سكوت المواطنين سيؤثر على استمرار الأزمة لفترات أكبر، مما يُهدد مصدر رزقه.
نفس المعاناة تؤثر على حسن علي، صاحب سوبر ماركت، ومبيعاته "الفترة دي الناس بتحب تاكل آيس كريم، طبعًا بيبوظ مع قطع الكهرباء"، وناشد حسن السلطات في عدم قطع الكهرباء لأكثر من ساعتين.