اصطدم قطار ارتفاع الأسعار هذا العام بـ “التمر” مهددًا أحد أكثر العادات التي كان يتمسك بها المواطنين على موائد افطارهم، ولم يشفع لهم أن مصر تحتل المركز الأول عالميًا في الإنتاج بنسبة من 18%، إذ تمتلك 16 مليون نخلة مُثمرة بإنتاجية 1.6 مليون طن من التمور سنويًا، ما أهّلها لاحتلال المرتبة الثامنة في قائمة الدول المصدرة للتمور.
في محافظة سوهاج اشتكى أغلب المواطنين من ارتفاع أسعار التمور، ولجأ البعض إلى تقليل الكمية أو العزوف التام عن الشراء، وفي نفس الوقت يعاني البائعون من قلة الإقبال.
عبدالله ماهر، أحد بائعي التمور، قال: «بدأنا في بيع التمور خلال أوائل شهر فبراير، ولكن الأسعار المرتفعة سببت لنا معاناة مع اقتراب شهر رمضان؛ بسبب اختلافها وارتفاعها عن أسعار العام الماضي، وكان لذلك أثر على إقبال المواطنين في الشراء».
حاول ماهر حل تلك الأزمة من خلال التواصل مباشرة مع مزارعي التمور حتى يقلل التكلفة على المستهلك في النقل: «كما لجئنا إلى العروض على كراتين التمور، حتى يصبح المواطن قادرًا على الشراء».
وعن الأسعار أوضح أنه على صعيد الصناعة المحلية؛ بلغت كرتونة التمور 3 كيلو نحو 120 جنيهًا، أما الـ5 كيلو بلغت 220 جنيهًا، وهناك نوع جاف يصل سعر الـ3 كيلو منه إلى 170 جنيهًا، أما التمر السكري القصيم من السعودية بسعر 350 جنيهًا لـ3 كيلو.
ويرجع ماهر أسباب ارتفاع أسعار التمور هذا العام، إلى ارتفاع سعر البنزين المستخدم في النقل، وأجر العاملين في الزراعة والبيع نتيجة ارتفاع أسعار كل شيء.
ورصدنا أسعار التمور في المنافذ الحكومية، منها منفذ مبادرة كلنا واحد عبر أحد مسؤوليها، في سوهاج، الذي أكد أن جميع الأصناف لديه مصرية محلية، فكان سعر الـ5 كيلو 225 جنيهًا، أما الـ3 كيلو 125 جنيهًا، بينما الأنواع الأجود يصل سعر الـ5 كيلو منها إلى 275 جنيهًا.
وأوضح المسؤول أن بالأسواق الخارجية يوجد التمر المستورد الذي يكون أغلبه سعوديًا بسعر 135 جنيهًا تقريبًا للكيلو، بينما المصري يكون البلح درجة أولى بسعر 68 جنيهًا للكيلو، أما الـ3 كيلو بسعر 120 جنيهًا، وهناك أنواع يبلغ سعر الـ5 كيلو منها 125 جنيهًا، مبينًا أن اختلاف الأسعار يرجع إلى الشركات ودرجة جودة البلح.
أثر ذلك الارتفاع على المواطنين. نادية أحمد، ربة منزل، أعربت عن استيائها من الأسعار: «الأسعار مرتفعة بشكل كبير عن العام الماضي، لذلك قللت الكميات التي تحتاجها الأسرة طول شهر رمضان، فوجدت تمرًا يباع بـ120 جنيهًا لـ3 كيلو، وهذا يساوي سعر 5 كيلو من التمور خلال العام الماضي، مع قلة الجودة إلاحظت أن الإقبال على شراء التمور ليس كثيفًا حاليًا مقارنة بالازدحام خلال العام الماضي على منافذ البيع في نفس الفترة».
نفس المعاناة، تعيشها هند مظهر، ربة منزل من محافظة سوهاج، أكدت أن الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ هذا العام، لذلك لجأت إلى تقليل الكمية التي اعتادت عليها: «العام الماضي استطعت شراء كرتونتين من التمور أحدهم 10 كيلو والأخرى 5 كيلو، أما العام الحالي قللت الكمية بكرتونة 5 كيلو والأخرى 3 كيلو فقط».
وتتفق هند مع نادية في أن الإقبال على شراء التمور هذا العام كان متوسطًا في المحال، بالرغم من أن الإقبال في ذلك الوقت خلال العام الماضي كان كثيفًا بسبب رغبة المواطنين في شراء التمور للإفطار عليها خلال شهر رمضان، مما يؤكد ارتفاع أسعارها وعزوف المواطنين على الشراء.
بينما يصف عبداللطيف، رب أسرة، أسعار كراتين التمور هذا العام بالباهظة، لذلك اتجه إلى تقليل الكمية إلى النصف نتيجة زيادة الأسعار: «الجودة قلت والأسعار ارتفعت، لذلك لم استطع شراء نفس الكميات التي تكفي الأسرة كل عام من شهر رمضان».
وتدلل الأرقام على أن مصر ليس لديها أزمات في صناعة التمور، إذ بلغ حجم الإنتاج خلال العام 2022 قرابة مليون و800 ألف طن، في وقت يبلغ فيه عدد مصدري التمور حوالي ٢٤ مُصدرًا، وصدرت مصر خلال العام 2020 نحو 34 ألف طن من التمور، بينما العام 2022 بلغ حجم الصادرات 45 ألف طن، وفي العام 2023 كان حجم الصادرات من التمور 50 ألف طن.