أكثر من 100 يوم مرت على معركة طوفان الأقصى بين قوات المقاومة الفلسطينية حماس والاحتلال الإسرائيلي، الذي فرض منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن حصارًا شديدًا على قطاع غزة بأكمله، دفع العالم للتعاطف مع الفلسطينيين لاسيما المدنيين والأطفال.
ذلك التعاطف قاد العالم لشن حملات مقاطعة للمنتجات التي تنتجها شركات تدعم الاحتلال سواء بالدعم العلني أو المادي، كان منها منتجات أمريكية وألمانية، إلا أن المقاطعين واجهوا أزمة البحث عن بديل مصري للمنتج المستورد الداعم للاحتلال بشكل أو بآخر.
عدم توافر المنتجات المصرية أو غلاء أسعارها استغلالًا للأزمة، مثل عائق أمام البعض في استمراره بالمقاطعة، لاسيما في المحافظات مثل سوهاج. «باشكاتب» رصد تلك الأزمة بالحديث مع مواطنين عن رحلتهم في المقاطعة ومدى توافر المنتج المصري.
أروى محسن، 18 عامًا، من محافظة سوهاج، وإحدى الفتيات اللاتي اشتركن في المقاطعة منذ يومها الأول، تقول: «لاحظت أن معظم المحلات مازالت تبيع منتجات المقاطعة وقلة قليلة تعتمد على المنتج المحلي».
أكثر من منتج محلي جربته أروى خلال رحلتها في المقاطعة وتفاجئت بالجودة التي لم تكن متوقعة، لكن أزمة توافر تلك المنتجات هي أكثر ما يزعج أروى: «المنتجات المصرية ليست متوفرة ولا أجدها بسهولة، لكن سعرها مقارب لأسعار المنتجات المستوردة».
لمست أروى استغلال بعض التجار لحملات المقاطعة من أجل رفع الأسعار، كان منها شركة مياه غازية مصرية شهيرة، غزت الأسواق في المقاطعة وكانت تطرح بسعر 8 جنيهات ثم أصبحت تصل للمستهلك بسعر 15 جنيهًا.
هي نفس الأزمات التي تواجهها عهد الفخراني، 19 عامًا، من سوهاج، وإحدى المقاطعات للمنتجات الداعمة لإسرائيل والتي تبحث يوميًا على أسماء منتجات مصرية بديلة للمستوردة، إذ ترى استغلال للمقاطعة من قبل المحلات من خلال رفع أسعارها وذلك في حال توافرها.
أما فاطمة عادل 18 عامًا، منذ نفس المحافظة، تؤكد أنها نادرًا ما تجد المنتجات المصرية في المحلات، رغم أنها مقاطعة منذ انطلاق تلك الحملات: «العلامات التجارية المحلية بها منتجات جيدة وأخرى سيئة لكن أسعارها ارتفعت للغاية».
رغم ذلك، مازالت فاطمة مقاطعة لكل منتج يدعم الكيان، إذ ترى أن المقاطعة لا بد لها أن تستمر للأبد وليس فترة الحرب فقط، لذلك تستخدم أحد التطبيقات الإلكترونية الشهيرة من أجل معرفة هل المنتجات التي تشتريها محلية أم تدعم إسرائيل.
بعض الشباب أيضًا في محافظة سوهاج، مقاطعون للمنتجات الإسرائيلية، منهم أحمد علي، 17 عامًا، يشتكي من عدم توافر المنتجات المصرية وارتفاع سعرها، بسبب استغلال التجار للمقاطعة وعدم الإلتزام بالتسعير الخاص بالمصانع.
لدى البائعين والتجار رأي آخر، إذ يؤكد مصطفي محمد، يعمل في كشك بمحافظة سوهاج، أن حملة المقاطعة نجحت في اتجاه العامة إلى شراء المنتجات المصرية التي أصبح المستهلكين يسألون عليها بالاسم.
يقول: «المقاطعة ليست لها تأثير سلبي، لأنني استبدلت المنتج المستورد بالمحلي، ونسب البيع تأثرت بنسبة قليلة قبل وبعد المقاطعة، لكن العامة يشعرون بالسعادة حينما يجدون المنتج المصري متوفر».
يوفر مصطفي المنتجات المصرية عن طريق الإنترنت و بعض صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إلا أنه يشتكي مثل المواطنين من ارتفاع اسعار المنتجات المصرية من قبل الموزعين، لزيادة تصل إلى 3 أو 4 جنيهات في أحد منتجات المياه الغازية.
فيما يوضح هشام حاتم أحد العاملين في المحلات، أن حملات المقاطعه لها تأثير كبير علي نسبة البيع في المحل بسبب عدم شراء العامة لمنتجاتها، إذ لم يستطع التخلص من البضاعة المستوردة غير المباعة، فأمامه خيارين أما بيع منتجات المقاطعة بلا مكسب أو إبقائها لديه في المحل حتى تنتهي صلاحيتها ثم يقوم بالتخلص منها، كما يواجه صعوبة في توفير المنتجات المصرية بسبب عدم توافر الموزعين.
ويري محمد وليد 17 عامًا، مواطن من سوهاج، أن حملات المقاطعة لها تأثير ، إذ أن هناك بعض المنتجات بدأ سعرها يقل بشكل ملحوظ، كما أن جودة بعض المنتجات المصرية قد تكون أفضل من منتجات المقاطعة التي تم مقاطعتها.
يوضح أن هناك أيضًا منتجات محلية سيئة للغاية، مثلما توجد منتجات مصرية جيدة، لم يكن يعرفها قبل المقاطعة، ولكنه عزم الأمر على شرائها حتى وإن انتهت المقاطعة بسبب تلك الجودة غير المتوقعة، إذ يستطيع معرفة المنتج المصري من الداعم للاحتلال من خلال الكود المدون عليه.
عدم توافر المنتجات المصرية كان أزمة أيضًا بالنسبة له، بسبب نفادها سريعًا إلى جانب التلاعب في الأسعار، وزيادة بعض أسعار المشروبات الغازية المصرية بين 3 إلى 5 جنيهات مرة واحدة، واختلافها بين محل والآخر.
أما محمد عادل، 17 عامًا، مواطن من سوهاج، يرى أنه لا يوجد تأثير على المحلات بسبب المقاطعة ويراها يوميًا في كل مكان، بينما يعاني بحثًا عن المنتجات المصرية بسبب عدم توافرها، أما عن الجودة فهناك منتجات جيدة وهناك منتجات سيئة كما يقول.
وتسائل محمد عن دور الرقابة على أصحاب المحلات الذين يقوموا بتزويد الأسعار بطرق مبالغ فيها، لأن بعض المنتجات سعرها مرتفع وجودتها ومذاقها سيئة، ويستخدم تطبيق «قضيتي»لمعرفة طبيعة المنتج إذا كان من ضمن منتجات المقاطعة أم لا.
إسلام كمال، أحد تجار المشروبات الغازية في سوهاج، أوضح أنه لا يوجد موزع رسمي لأحد العلامات التجارية الشهيرة للمشروبات الغازية، وأن أقرب موزع يقع في محافظة أسيوط، ويختلف سعرها من محل إلى آخر رغم قلة الكمية المتوافرة.
فيما تري رشا صبري 37 عامًا، أن حملات المقاطعة تسببت في أن التجار رفعوا أسعار المنتجات، حيث يتم بيع المنتجات بأسعار أغلى مما هو معلن عنه، أما عن التوافر قالت أنها موجودة في بعض الأحيان ولكن ليس بشكل دائم، وإذ تواجدت تكون مرتفعة السعر.