بدأت ثقافة إنتاج المسلسلات أقل من ثلاثين حلقة في الظهور على شاشات التليفزيون العربي، وبات شهر رمضان تحديدًا فرصة لعرضها في العامين الأخيرين، بعيدًا عن "المط" الذي كان قد يضطر إليه صناع الدراما في السنوات السابقة.
من المسلسلات التي تدخل في هذا النطاق في رمضان الجاري مسلسل كامل العدد من بطولة دينا الشربيني وشريف سلامة، والذي لاقى استحسانًا على مواقع التواصل الاجتماعي من المشاهدين، وكان أحد الأعمال الذي ترددت حولها تعليقات الناس للحديث عن تميز قصتها أو أداء الممثلين فيها. لم يركز المسلسل على قضية أو رسالة واحدة يريد الأبطال إيصالها من خلال هذا العمل الفني بل أعتقد أنه أثار قضايا متعددة وإن كانت جميعًا تحمل الطابع الاجتماعي، فهو ناقش مشكلة الزواج في سن صغيرة ومشاكل الطلاق وتحمل مسئولية الأطفال، بالإضافة إلى مشاكل فترة المراهقة والتنمر.
تدور أحداث المسلسل حول قصة ليلى التي تجسدها الفنانة دينا الشربيني وهي أم لأربعة أطفال شريف وأمينة وحسن وحسين، أنجبت طفلين من طليقها الأول، المخرج الذي خاف من تحمل مسئولية الأولاد فتركهم، ثم تزوجت مرة أخرى لتنجب توأم ولكنها حصلت على الطلاق مرة أخرى بعد تعرضها للخيانة.
تقابل ليلى في رحلة مع أصدقائها إلى أسوان أحمد، الدور الذي يؤديه الفنان شريف سلامة، وهو أب لثلاثة أطفال، فريد وفريدة وفرح، وهم يقيمون مع جدتهم في أمريكا بعد فاة والدتهم.
يرتبط أحمد وليلى ببعضهما البعض وهما يخفيان وجود الأطفال إلى أن يكتشف أحمد سر ليلى بعد اضطرارها للذهاب إلى المستشفى مع ابنها الأصغر فينفصل عنها ليكتشف أن الحب أقوى من العقبات ويتزوجا بعد محاولات مضنية في إقناع الأطفال بهذه الزيجة، وتتوالى الأحداث.
أكثر ما أعجبني في المسلسل هو الصداقة الجميلة بين ليلى وشقيقتها هند وصديقتهما إنجي، فهن يساعدن بعضهن البعض، سواء من ناحية محاولة مساعدة ليلى في السيطرة الاهتمام بأبناءها ورعايتهم، أو محاولة إنجي في عودتها للرجل الذي تحبه.
يسلط المسلسل الضوء أيضًا على نموذج جيد من نماذج الصداقة بين الرجال متمثلة في صداقة أحمد بصديقه طارق، وصداقة تيمور والد ليلى بصديقه مجدي وهي الصداقة التي دامت لسنوات طويلة حتى وفاة مجدي.
أعجبني أيضًا أداء دينا الشربيني فهي جسدت دور الأم لأربعة أطفال بشكل رائع، كما أعجبني شخصيتها التي تصرّ على عيش قصص حب مختلفة وخوض أكثر من تجربة لكي لا تنتهي حياتها عند الأطفال فقط، ولكن استفزني تكرارها الدائم لجملة "وحياة ربنا" فهي تستخدم هذا المصطلح في جميع أعمالها الفنية وفي حياتها الشخصية خلال لقاءاتها التليفزيونية المختلفة.
أما أمينة ابنة ليلى، فقد أدت دورها كفتاة متنمرة بامتياز خاصة خلال إظهارها لتغيير نمط حياتها وفقًا لزيجات والدتها المتعددة، فهي أثارت أعصابي أحيانًا وتعاطفت معها أحيانًا أخرى خاصة في المشهد الذي دار بينها وبين شقيقها شريف، عندما ذهبت لترى والدها الغائب عنها لسفره ولم تجد منه الاهتمام فتركته وغادرت المكان لتجد شقيقها ينتظرها أمام الباب واحتضنها مكررًا جملة "أنا موجود".
ومن ناحية أخرى، جسد أبناء أحمد نماذج جيدة لفكرة تحمّل الأطفال لنتيجة القرارات الخاطئة للآباء، فهم تحملوا نتيجة قرار جدتهم بإرسالهم إلى والدهم لإنهاء زيجته، وواجهوا صعوبة في بدء حياتهم من جديد في بلد ومدرسة جديدة بأصدقاء جدد، مما جعلهم يواجهوا صعوبة في التعامل مع من حولهم.
سلط المسلسل الضوء أيضًا على العلاقات التي قد تكون موجودة في حياتنا وغير مفهومة، منها حب إنجي صديقة ليلى لرجل أكبر منها في العمر، فهي علاقة اكتشفنا فيها العديد من التفاصيل والمفاجآت خاصة في منتصف المسلسل.
كما شاهدنا أيضًا علاقة آية سماحة مع صديقها في العمل الذي يحبها ولكنها اعتبرته صديقًا لها، بسبب تحملها لمسئولية تربية شقيقتها بعد وفاة والدتها، فهي لم تعد تفهم كيفية التعامل مع مشاعرها بالطريقة الصحيحة، وهي علاقة مختلفة لم تناقشها الدراما بشكل واضح من قبل.