لازال مرض السكري أحد أسباب حدوث أزمات صحية كبرى في العديد من البلدان، خاصة مع انتشار ثقافة الوجبات السريعة التي تعد عاملًا رئيسًا في الإصابة بالمرض.
ويأتي اليوم 14 نوفمبر كيوم عالمي لمرض السكرى، كفرصة للتنبيه بخطورة المرض وإطلاق أجراس الإنذار حول ما يعانيه مرضاه حول العالم، ضمن 537 مليون مصاب عالميًا، بينهم نحو 19.8 % تونسي.
وتذكر إحصائية دراسة للمعهد الوطني للصحة العامة، بالتعاون مع وزارة الصحة التونسية، والجمعية التونسية لأمراض الغدد الصماء والسكري في عام 2021 أن 50 % من المصابين بمرض السكري غير مشخصين في تونس، أما المشخصين فوق سن الـ 15 عام فهم 15.5 % فقط.
ويمثل مرض السكري واحد من أسباب الوفيات الخمسة الأولى بين التونسيين، إذ يؤدي إلى وفاة 8.1 % من النساء، و5.7 % من الرجال، وفق إحصائيات عام 2021.
وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم؛ بهدف متابعة جهود تحسين الصحة، وإتاحة إمكانية الحصول على العلاج، في مواجهة مرض يتضاعف مرضاه حول العالم، وأغلبهم في بلدان متوسطة الدخل مثل تونس.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن السكري "الداء الصامت" قد يؤدي إلى الإصابة بالعمى، والفشل الكلوي، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وفي أعلى مضاعفاته يؤدي إلى بتر الأطراف السفلية، فيما ارتفعت نسبة وفياته بين عاميّ 2000 و2019 بنسبة 3 %.
وتشير إحصائيات المنظمة إلى ارتفاع ملحوظ بأعداد المصابين بالسكري في السنوات الخمس الأخيرة، مع توقعات بزيادة مضاعفة لهذه الأرقام، ليرتفع العدد إلى أكثر من 783 مليون شخص مصاب بحلول عام 2045.
ويواجه المصابين بهذا المرض المزمن أزمات صحية، رصدتها "المشعل" لمعرفة أبرز الصعوبات التي يواجهونها وذويهم.
فقدت، عربية الحفناوي، زوجها 53 عامًا؛ بسبب مرض السكري، إذ أصيب بجرح في قدمه أهمل في علاجه، ونتيجة للمرض كان التئام الجرح صعبًا، وكانت النتيجة إصابته بالقدم السكري وبترهما، مضيفة: “رغم محاولات عديدة من الأطباء لإنقاذ حياته لم تثمر جهودهم، وأصيب بغيبوبة قبل أن يفارق الحياة".
وتعاني سعيدة بوعنان، 53 عامًا، من مرض السكري، مشيرة إلى أن أبرز الصعوبات التي يواجهها مرضاه قلة وعيهم بخطورة المرض أثناء العلاج، خاصة وأن بعض الحالات قد تعاني من تذبذب في نسبة السكر في الدم، مما قد يؤثر على بقية أعضاء الجسم، ثم يؤدي إلى مخاطر قد تصل إلى الوفاة.
وتضيف بحزن بالغ: “فترة العلاج مدى الحياة، هذا مرض مزمن لا شفاء نهائي منه".
وداهم مرض السكري، لطيفة المكني منذ أكثر من 5 سنوات، وحين أصيبت بدرجته الأولى تعاملت بشكل غير منضبط معه، تقول: “لم أهتم بغذائي بشكل صحيح، ولم أقلل من السكريات، واستهترت بالعلاج، حتى نصحني الطبيب بأخذ أقراص، وفي النهاية تدهور وضعي الصحي، وأصبح إجباريًا عليّ استخدام حقن الأنسولين للعلاج".
وهذه الحقن أرهقت المكني نفسيًا وجسديًا، خاصة وهي تداوم على حقن جسدها ثلاث مرات في اليوم، تضيف بحزن: “من الصعب العثور على مكان في الجسم لحقنه، ونحن لا نعاني فقط من كثرة الأدوية، ولكن أيضًا من حرماننا من تذوق بعض الطعام والشراب".
وحقن الأنسولين تم اختراعها في عشرينيات القرن الماضي كدواء يعطى بالحقن بديلًا للأنسولين الطبيعي الذي يفرزه البنكرياس.وتخشى سعيدة بو عنان، من الدخول في غيبوبة أو سكتة دماغية تؤدي إلى الموت، خاصة وهي أيضًا تقوم بأخذ حقن من نوع الأنسولين الأصفر ذي التأثير الطبي الفعال والقوي، والذي قد يؤدي إلى هبوط قياسي في نسبة السكر في الدم، خاصة وهو نوع أنسولين سريع المفعول يعمل بين 10 و30 دقيقة من حقنه في الجسم، ليغطي احتياجات الجسم من الأنسولين خلال وبعد تناول الوجبات.
وهناك نوع آخر من الأنسولين يسمى الأخضر، وهو متوسط المفعول، ويغطي احتياجات الجسم لمدة نصف يوم، ويبدأ مفعوله بعد ساعة من الجرعة، حسبما نشرت مجلة طبية هي "الطبي".
ويقول عاطف بن براهم، أخصائي التغذية، لـ"المشعل"، إن الوقاية من المرض تتم بالحفاظ على جسم صحي، وممارسة نشاطًا بدنيًا رياضيًا لمدة 30 دقيقة يوميًا، وإتباع نظام صحي غذائي يقلل من السكريات والدهون ويتخلص من التوتر.
وتشجع منظمة الصحة العالمية على اعتماد تدابير فعالة للوقاية من مرض السكري، وفق ما تم في إعلانها أبريل 2021 عن ميثاق عالمي؛ يهدف إلى إدخال تحسينات مستدامة للوقاية من المرض وتقديم الرعاية للمصابين به.
وأكدت المنظمة أن من ضمن التدابير، وضع المبادئ التوجيهية العلمية بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية، ووضع القواعد والمعايير الخاصة بتشخيص المرض ورعاية المصابين به.
وأقرت المنظمة في مايو 2022 خمس غايات عالمية حول المرض للانتهاء من تحقيقها بحلول 2030، وهي الوصول إلى وزن الجسم الصحي والحفاظ عليه، الإبقاء على النشاط البدني بممارسة النشاط المعتدل لمدة 30 دقيقة يوميًا، إتباع نظام غذائي صحي يحد من تناول المواد السكرية والدهون المشبعة، عدم التدخين، الرعاية الطبية لمعالجة آثار السكري.