في صباح يوم عاديّ في إحدى المصانع، فوجيء الجميع بصعود شاب، إلى أعلى قمة في المصنع، حاملًا في يده حبلًا، ليحاول التخلص من حياته أمام زملاؤه، رافضًا أزماته المالية، التي تضاعفت بعد إخباره بعدم تجديد عقده، وضرورة تركه لوظيفته بنهاية الشهر.
توجهت فرق النجدة والإنقاذ التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بنابل، الاثنين الماضي، لإنقاذ 40 عاملة بمصنع السنافر لألعاب الأطفال، الذي يقع بمنطقة سيدي التومي في بني خلاد، وذلك بعد إصابتهن بالإغماء، عندما شاهدن زميلهن في المصنع، وهو يحاول الانتحار شنقًا.
تقول سيرين البطنيني، عاملة، وشاهدة عيان على الواقعة لـ"المشعل": "قرر المصنع عدم تجديد عقود 350 عاملًا، كان من ضمنهم، زميلنا الذي حاول الانتحار، فهو شاب في العشرينات، من القصرين، جاء ليسكن في منطقة سيدي التومي، ليعمل في المصنع، ولكنه فوجيء بإبلاغه بتسريحه، بعد انتهاء مدة عقده، نهاية هذا الشهر".
وأضافت: “فوجئنا في صباح اليوم التالي، بأن زميلنا أحضر معه حبلًا، وصعد إلى أعلى المصنع، محاولًا الانتحار شنقًا، قائلًا إنه يحتاج إلى العمل، لأن لديه العديد من المسئوليات، ولكن تدخل أصدقائه سريعًا، وصعدوا إليه، وأقنعوه بالعدول عن قرار الانتحار، وخلال هذه الفترة، شعرنا جميعًا بالفزع، فتعرضت العديد من النساء للإغماء".
بعدما ساد الشعور بالهلع، ووصلت فرق الإنقاذ لإسعاف العاملات اللاتي تعرضن للإغماء، انتشرت بعض الإشاعات، أبرزها هو إجهاض إحدى العاملات لجنينها من شدة الفزع، وعن ذلك تقول شاهدة العيان، إيمان الزيني، الممرضة بالمستشفى المحلي: “استقبلنا 40 عاملة مصابة بحالة إغماء، الاثنين الماضي، وتعاملنا معهن، حتى تعافين، كان من بينهن 3 نساء حوامل".
أوضحت الزيني، تحويل السيدات الحوامل إلى طبيب مختص في النساء والتوليد، للكشف عليهن، خاصة أنهن كن في حالة شديدة من الخوف والفزع، مشيرة إلى أنه لم يتم تسجيل وقوع أي حالات إجهاض بين النساء الثلاث.
ومن جهة أخرى، قال المهدي شاشية، رئيس بلدية بني خلاد، إن مصنع السنافر تابع لشركة ألمانية، نظامها في التعاقد، هو عدم التجديد لمن انتهى عقده، مشيرًا إلى أن البلدية لا تستطيع التدخل في نظام إدارة المصنع، نظرًا لأنه ملكية خاصة.
حاول "المشعل" التحدث مع العامل الذي حاول الانتحار، ولكن دون جدوى، حيث أنه وُقف عن العمل، حالما يتم مراجعة موقفه من قبل إدارة المصنع، ففضّل الاختفاء عن الأنظار حاليًا.
كما امتنعت مديرة المصنع عن الرد على أسئلة "المشعل" لتوضيح موقف الإدارة من العمّال الذين انتهت عقودهم، وجدير بالذكر، أنه يعمل بالمصنع حتى الآن 3000 عامل من النساء والرجال.