على مدار عشر سنوات تقريبًا، يعتمد فرن عمرو مصطفى في شارع الفتح بحي دار السلام على زملاؤه أحمد أبو السعود ووائل شعبان للعمل خلال موسم خبز "كحك وبسكويت" رمضان وعيد الفطر.
فمع بداية شهر رمضان، تبدأ استعدادات الجميع، يجهّز عمرو الفرن واستعداداته، بينما يستعد كلًا من أبو السعود وشعبان لأدوارهم المختصين بها في هذه الصناعة، الاول يعدّ خامات "البسكويت" الذي يشتهر به، والثاني المسؤول عن الكحك ومذاقه المميز، لكن قبل ذلك، يستعد كلاهما لرحلة طويلة يقضيانها بعيدًا عن منازلهم بل ومحافظاتهم، يبدآنها بالاستعداد إلى القدوم إلى القاهرة من محافظتهم أسيوط.
لفرن "مصطفى" شهرة معروفة في دار السلام، لا يعلم الكثير أن الفريق الذي يقف خلف هذه المخبوزات يأت إلى الحي خصيصًا لها. يتحدث مصطفى عن الأمر بأنه يلقي لهذا الموسم أهمية خاصة عنده، ولذلك فقد حرص أن يكون الفريق المشارك فيه "متخصص وقادر على انتاج كحك وبسكوت متميز" على حد قوله.
يعمل أبوالسعود بشكل أساسي ك "شيف" حلويات، لذا فيبدو أن استعداداته لصناعة البسكوت التي يقول أنه يحفظها، لها طريقة خاصة، لذا فهو يحرص على أن يأت إلى القاهرة منذ بداية رمضان حتى يشتري الخامات بنفسه ويحضّر باقي المكونات بنفسه.
أما وائل شعبان، فيصل إلى القاهرة في الأسبوع الثاني من رمضان، يمكث عند أخته التي تقطن في نفس الحي، ويخفف هذا من وطأة غربته عن أسرته لباقي الشهر الذي يظل العمل فيه متواصل لصناعة تخصصه "الكحك".
وفي الأسبوع الثالث، وبعد أيام العمل المكثفة المغلقة، يبدأ عمرو في فتح أبواب المخبز والاستعداد لعرض مخبوزاته، ورغم أن ذلك يبدو مبكرًا عن باقي الأفران التى تفتح في الأسبوع الرابع، إلا أنه يفضّل ذلك كي يبدأ في جذب الزبائن وعرض الأسعار.
يرصد عمرو هذا العام انخفاض عدد المقبلين على الشراء، فالأسعار التي زادت بالفعل السنوات الماضية بسبب ارتفاع المكونات الخام، زادت أكثر هذا العام عقب الزيادات الأخيرة التي شهدتها كل السلع الغذائية تقريبًا عقب انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، فوصل سعر كيلو الكحك أو البسكويت ل 100 جنيه، بينما كان 70 جنيه للكيلو فى العام الماضي، وسعر كيلو الغريبة 120 جنيه للكيلو، وكان سعرها 75 جنيه، والبيتي فور 120 جنيه للكيلو وكان 80 جنيه.
يوضح عمرو أن هذه الزيادة بسبب ارتفاع سعر الخامات للضعف، وأن هذه الحالة من انخفاض اقبال الزبائن على الشراء بدأت العام الماضي لكنها هذا العام "أسوأ" على حد قوله، يقول: "الزبائن إما لجأت لتقليل الكميات اللي بتشتريها وآخرون لجأوا لصناعتها في المنزل".
يحاول عمرو أن يوزع عينات من الكحك على المارين في شارع الفتح المزدحم دومًا أو المقبلين على شراء المخبوزات الأخرى حتى يجذب الزبائن للمذاق الذي أهتم به لدرجة أنه طلب متخصصين من محافظة أخري يعمل معهم منذ سنوات.
أحمد ووائل من وقفة العيد، مع حصولهم على راتب العمل، ثم العودة إلى محافظاتهم لقضاء العيد مع أسرهم، ويأخذ عمرو إجازة بعد أول يوم عيد لمدة أسبوع، معلنًا انتهاء الموسم السنوي، ولكن هل هذا العام سينتهي أيضًا ما أنتجه من مخبوزات؟