" جِيلِي عَارِف قِيمتُه بَرَّة ".. هل يعبّر "بغدودة" عن الجيل الجديد؟

تصوير: -

كتب/ت مؤمن مسعد
2023-06-14 08:48:52


في إحدى صباحات شهر مايو الماضي، كنت جالسًا في مقهى قريب من منزلي رفقة صديقي، وكعادتنا نستمع سويًا للموسيقى ونتشارك الحديث عن موضوعات عديدة بشكل عشوائي، وكان أحد الموضوعات التي تطرقنا إليها هو حديث رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي عن "هروب" المصارع المصري أحمد بغدودة.

تصادف هذه اللحظة أغنية "منحوس" لـ ويجز مغني الراب الشهير، والتي تقول كلماتها "جيلي عارف فين الصح جيلي عارف قيمته برة"،  سَرحت قليلًا في تلك الموسيقى التي أعتبرها جزءًا من هوية جيلي، هوية حقيقية، نعيشها كل يوم ونشعر بمعانيها، بعد نهاية الأغنية أيضًا انتهى بنا الحديث، وكلًا منا تسيطر عليه حالة من الإحباط ويظهر على وجهه خيبة الأمل.

كان ذلك الشعور طبيعيًا في ظل واقع هو من سيئ إلى أسوأ، لقد تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية نحو 166.5 نقطة في مارس الماضي، مسجلًا بذلك ارتفاعًا قدره 3.2% عن فبراير السابق له، كما سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي البلاد نحو 34% خلال مارس 2023 مقابل نحو 12.1% للشهر نفسه من العام السابق.

ويبلغ عدد شباب مصر من سن الـ18 وحتى الـ29 وفقًا لتعريف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لهذه الشريحة، خُمس السكان تقريبًا ومع آخر تحديث وصل عددهم في سنة 2022 إلى 21.6 مليون نسمة، بنسبة 21% من إجمالي السكان.
لكن ترتفع نسبة البطالة داخل هذه الشريحة لتصل إلى 15.4% ذكورًا وإناثًا، وتتفاوت معدلات البطالة كثيرًا بين الجنسين، فتقل إلى 11% بين الذكور وترتفع إلى 36.5% بين الإناث، وتصل نسبة البطالة إلى أعلاها بين خريجي الجامعات، لتصيب أكثر من 33.3%، وذلك مع استمرار التفاوت الكبير بين الذكور والإناث.

بعد هذه الأرقام التي تتغنى بتردي أحوال الشباب، ليس من الغريب أن يكون ثُلث الفقراء فى مصر من الشباب، بل وأن يكون عُشر الفقراء من الحاصلين على شهادة جامعية، ارتفاع مستوى التعليم بين الشباب لا يضمن الحصول على عمل ولا التمتع بمستوى حياة تتوفر بها الحاجات الأساسية.

لا يهتم أغلبية شباب جيلي بسماع تلك الأرقام، ولكن من المؤكد أنه يهتم بهروب بغدودة، أو على سبيل المثال وليس الحصر واقعة الطالب مروان ياسر بأحد معاهد الهندسة الخاصة الذي نشر صورة لرفض مشروع قدمه ليفاجأ بتقييم سلبي ظنًا من أساتذته أنه مسروق كون مستواه أعلى من قدراته، الأساتذة الذين يحتاجون إلى دورات إعادة تأهيل لكيفية التعامل مع الطلاب المبدعين في مصر، لأنهم سبب رئيسي في هروب هذه العقليات المصرية المبدعة للخارج.

شئ منطقي أن يتطلع كل المواطنين والمواطنات إلى أن يكون الغد فى وطنهم أفضل من الحاضر، هل دوافع الوطنية ما زالت كافية لتجعل جيلي يحب مصر، أعتقد أنه دافع لا يمت للواقع بصلة، والشئ الوحيد الواقعي هو توقع أن صعوبات التعليم والعمل والوفاء بمتطلبات الحياة الأساسية سوف تدفع بعضنا إلى محاولة الهجرة من الوطن بحثًا عن فرصة لحياة كريمة.