في غزة، تصارع الأمهات من أجل بقاء أطفالها أحياء، وأخرى تحارب للحصول على قوت يومهم، وثالثة تعاني لتدفئتهم في برودة الشتاء. كل أم في فلسطين الآن إما تحارب أو تصارع أو تعاني إذ يجسدن وحدهن مفهوم آخر عن الأمومة.
ويأتي عيد الأم هذا العام على أمهات غزة وهن يعانين أوضاعًا إنسانية صعبة، إبادة يتعرضن لها، وسط أعمال قتل يومية تمارسها ضدهم قوات الاحتلال الاسرائيلي.
في غزة؛ تقتل قوات الاحتلال الاسرائيلي يوميًا في غزة 63 امرأة بينهن 37 أمًا، منذ حرب السابع من أكتوبر، أي أن كل 30 دقيقة تستشهد أم فلسطينية، وذلك وفق تقرير أعدته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في يوم 1 من مارس الجاري.
يؤكد التقرير أن استهداف الأمهات يدمر عائلات فلسطين، ويهدد حياة الأطفال بسبب حرمانهم من الحماية الاجتماعية التي تمثلها الأمهات لهم، ومن تبقى منهن على قيد الحياة تعول الأسرة كاملة، فهناك 3 آلاف امرأة على الأقل أصبحن أرامل.
وقدرت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عدد الأطفال اليتامى بحوالي 17 ألف طفل منذ بدء الحرب.
من بين التحديات التي تواجهها الأم الفلسطينية، هي حماية أطفالها وإبقاء الرضع على قيد الحياة في ظل انعدام المواد الأساسية كالماء والغذاء، فهناك 68 ألف أم مُرضعة في غزة، بحاجة إلى تدخلات وقائية وعلاجية وغذائية فورية لإنقاذ حياتهن.
وأدت تلك الأوضاع إلى إصابة أكثر من 8000 طفل دون سن الخامسة بالهزال، مهددون بتأخر النمو والمرض والوفاة، بالإضافة إلى معاناة أكثر من 4000 طفل من حالات الهزال الشديد، طبقًا لبيانات الأمم المتحدة.
الطعام أيضًا يمثل تحديًا آخر، إذ تتولى الأمهات مهام جلب الطعام، وهن آخر وأقل من يأكل في الأسرة، فكل 4 من 5 نساء يأكلن وجبة واحدة في اليوم أي نسبة 84% من إجمالي عدد نساء القطاع.
وبينما 95 % من الأمهات لا يتناولن الطعام مطلقًا لعدة أيام لتوفيره لأطفالهن، تجد 87% من النساء أي 9 من كل 10 سيدات صعوبة أكبر في الحصول على الغذاء مقارنة بالرجال، وتلجأ بعض النساء الآن إلى آليات تكيف قاسية، مثل البحث عن الطعام تحت الأنقاض أو في بقايا الطعام، في وقت يعاني فيه سكان غزة من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي.
وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الحوامل في قطاع غزة بنحو 52 ألف امرأة، وهناك 5 آلاف سيدة تلدن شهريًا في ظروف غير إنسانية، الكثير منهن يعجزن عن الوصول إلى المستشفيات بسبب الحرب بعدما خرجت جميع المستشفيات عن الخدمة.
وقدر تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك نحو 180 امرأة يخضعن يوميًا لعمليات ولادة وصفها بأنها "غير آدمية"، إذ تتم دون تخدير وفي ظروف طبية غير سليمة ما يهدد إصابتهن بمضاعفات قاسية.
وعلى صعيد عملية النزوح أيضًا كان هناك تحديات ومعاناة للنساء، إذ يبلغ عدد سكان قطاع غزة 2.3 مليون نسمة، فيما بلغ عدد النازحين نحو 1.9 مليون، بينهم مليون امرأة وفتاة يبحثن عن المأوى والأمان، بحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.
بينما تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أنه منذ الحرب وحتى الآن استشهد نحو 30 ألفًا و717 شخصًا 70% منهم من النساء والأطفال، بينهم نحو 9 آلاف امرأة، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم أقل من الواقع، حيث تفيد التقارير أن العديد من النساء استشهدن تحت الأنقاض.
بينما تمثل النساء نسبة 75% من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72 ألفًا و156 جريحًا، بحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.