تتجه أنظار جماهير النادي المصري البورسعيدي غدًا إلى استاد برج العرب، إذ يواجه الفريق نظيره النادي الأهلي في أولى خطوات الفريقين للمشاركة في النسخة 65 من بطولة الدوري العام، فيما تتعلق قلوب مشجعيه بآمال عريضة في تعويض النادي خسائره والاستيقاظ من كبواته.
وتأتي المباراة في ظل أسئلة تدور في الوسط الكروي ببورسعيد عن سبب إخفاقات النادي المتكررة وفشله في الفوز بأي بطولة منذ حصوله كأس مصر عام 1998 أي قبل 25 عامًا تقريبًا، وحزن لم يجف في نفوسهم عقب الهزيمة الثقيلة التي هبطت بسقف طموحات جماهير النادي، حين خسر نهائي كأس الرابطة المصرية بهدف مقابل أربعة أهداف سجلها نظيره "سيراميكا كليوباترا" في المباراة التي جمعتهما يوليو الماضي.
قبل هذه المباراة توحدت بورسعيد تقريبًا خلف النادي، وظلت استعدادات المشجعين لأسبوع كامل في المدينة التي سهرت ليلة النهائي حتى الصباح تقريبًا، اتحد فيه المشجعون القدامى مع الصغار ممن لم يشهدوا انتصارات النادي السابقة، فكثيرهم وُلد بعد عام 1998، لكن الهزيمة الثقيلة بعد مباراة الرابطة حولت الحلم إلى كابوس، وعاش الجمهور ليلة قاسية حزينة.
ويقف خلف النادي المصري محافظة كاملة تشهد شوارعها مع كل بطولة يشارك فيها زخمًا كرويًا في المقاهي وفي مقار مراكز الشباب التي يتجمع فيها مشجعوه، إذ تكتسي الشوارع وتمتلأ الميادين بلون أعلامه الخضراء، فهو الفريق صاحب الشعبية الأكثر بين مشجعي كرة القدم في بورسعيد.
ولم يغب فريق المصري عن المشاركة في بطولة الدوري المصري العام منذ انطلاقها عام 1948 إلا في موسمين بسبب العدوان الثلاثي على مصر، ومع ذلك يعجز الفريق عن تحقيق بطولة الدوري حتى الآن.
ورغم آمال المشجعين كل مرة يشارك فيها المصري في أي بطولة في حصدها، وايمانهم بضرورة الوقوف خلف فريقهم حتى وإن لم يصل إلى منصة التتويج، لا تغب تساؤلاتهم: لماذا لا نستطع تحقيق البطولات؟
ويعتقد محمد ياسين، المدير الفني الأسبق لنادي بورفؤاد والمريخ، في حديثه لـ"البورسعيدية"، أن هزيمة الفريق في كأس الرابطة مفاجئة للجميع، وأن جهاز النادي وقع في فخ كبير، إذ اعتمد فقط على حماس الجمهور دون استعداد جيد وخطة واضحة ومُحكمة للمباراة، وهو ما انعكس على شخصية اللاعبين في الملعب من توتر وعدم تركيز وفقد كثير للكرة، بالإضافة إلى أن كان هناك نسبة حظ سيئة للمصري في تلقي شباكه هدفين في بداية المباراة.
ويضع المدير الفني "روشتة" لنجاح النادي وتعويض هزائمه: “لكي تحقق بطولة محلية أو عالمية يجب أن يلتف جميع اللاعبين حول الفريق ويصدقون أنهم يستطيعون الفوز باللقب، وهذا تحديدًا يصنع روح وشخصية الفريق البطل، وبالطبع ذلك دور المدير الفني إيمانًا بأهميته في تطوير الفريق فنيًا، بالإضافة إلى العامل الجماهيري وهو أهم محفز لما يبثه الجمهور من حماس في نفوس اللاعبين".
ويرى ياسين أن من عوامل خسارات النادي المتكررة اضطرار فريقه إلى اللعب خارج أرضه لمدة زادت على عشر سنوات، وهو أفقد اللاعبون حماسهم وروح الفريق وعطلهم عن تحقيق بطولة واحدة؛ لأن اللعب على أرض استاد بورسعيد يمثل عامل رعب للمنافس دائمًا.
ويثق المدير الفني الأسبق لنادي بورفؤاد والمريخ من قدرة النادي على تحقيق بطولة في الفترة القادمة بدعم من جمهور بورسعيد فهو كلمة السر في تشجيع النادي، بالإضافة إلى إخلاص اللاعبين.
وطوى جماهير النادي المصري صفحة كأس الرابطة المصرية، استعدادًا لمباراة الغد ودعم الفريق، فيما لديهم أمل لا ينقطع بأداء متميز وقوي ومنافسة شديدة للنادي.
ويقول أحمد أسامة، الثلاثيني، إن النادي لا يمكنه تحقيق بطولة إلا عبر معجزة، داعيًا اتحاد الكرة المصري إلى الالتفات لمشكلات الأندية الجماهيرية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بينها.
واستاء أسامة من منظومة كرة القدم في مصر كلها، متحدثًا عن معاناة الأندية الجماهيرية كلها من نقص في الموارد المالية بالمقارنة بإمكانيات أندية الشركات التي يُغدَق عليها بميزانية كافية لأداء مُشرف، مضيفًا: “لولا كامل أبو علي رئيس النادي لتذيلنا جدول الدوري، لا يوجد تكافؤ فرص ولا جماهير تتوقع نتيجة مباراة سوى لفريقيّ الأهلي والزمالك، واتحاد الكرة غائب عن تقديم الدعم للأندية الجماهيرية".
وعلق في غضب: “النادي المصري ينقصه الكثير لكي يمتلك القدرة على المنافسة في جميع البطولات، فالجمهور هو اللاعب رقم 12، ومع ذلك فالنادي يلعب خارج أرضه منذ 11 عامًا، والجمهور يعاني للسفر، وهو ما أفقد اللاعبون في النادي روحهم المعنوية".
وتوقع أسامة بعد وجود أبو علي رئيسًا للنادي استطاعة فريقه منافسة الأهلي والزمالك على بطولة الدوري، لكنه في الوقت نفسه علق قائلًا: “لا يجب أن يرتبط نجاح النادي بشخص واحد، فلا حل سوى مشروع استثماري يُدبر دخلًا كبيرًا للنادي في السنوات المقبلة حتى لو رحل أبو علي وجاء مجلس إدارة جديد؛ لأن كرة القدم صناعة احترافية والاستقرار المادي أساس لتحقيق البطولات".
وفاز أبو علي برئاسة النادي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في أغسطس 2022، وساهم في تحقيق سيولة مادية لميزانية النادي ومنعت وقف قيده ثلاث مرات، لذا يعتبر المشجعون أن دعم النادي ماديًا مهم، لكنهم يطالبون باستقرار ما في مسيرة النادي وبعودة الجماهير مرة أخرى، كي يشعر اللاعبون أن فريقهم جماهيري بحق.
وهو ما يعزز كلام أبو المعاطي "17 عامًا" الذي يتلخص حلمه في تنظيم مباراة النادي في استاد قريب من بورسعيد لحين الانتهاء من إنشاءات استاد المصري الجديد، يقول: “نقف خلف نادينا، ونريد أن نعود لتشجيعه داخل مدينتنا، لدينا استقرار مادي ولاعبين ذو مستوى عالي، ولكن اللعب داخل المدينة هو أهم عنصر لتحقيق بطولة".
ولم يتوقع الشاب أن يقطع مسافة أكثر من 300 كيلو إلى استاد بورسعيد خلف فريق النادي في نهائي كأس الرابطة المصرية، ثم يخيّب النادي آماله، ويضيف: “أشجع النادي منذ الطفولة أبي وجدي ربياني على عشقه، ذهبت خلفه في نصف نهائي الرابطة قبل يوم من امتحان الثانوية العامة".
"نحن نحب الحياة والاحتفال، وهذا ما يميّزنا عن المدن الأخرى"، بهذه الكلمات انطلق الريس خميس، الستّيني وهو يتحدث بفخر عن جمهور مدينة بورسعيد وهو من كبار مشجعي النادي القدامى.
وعمل خميس رئيس بحري وسائق لنش بشركة القناة لرباط وأنوار السفن، لكن عمله لم يمنعه من دعم فريقه طوال الموسم، لدرجة أنه سافر ورائه في كل المباريات منذ طفولته.
وطاف خميس الملاعب خلف ناديه، يقول: “أنا من الأشخاص القليلة التي سافرت وراء الفريق، وفي وقت لم يكن للمصري ملعب محدد كنت أذهب معه في عدة مدن مثل دمياط وطنطا ورأس البر، وأجمع كل إجازتي في العمل للذهاب إلى مبارياته ولا تتخيل كم أنا حزين على ضياع حلم بطولة الرابطة".
ونقل الرجل وغيره من المشجعين القدامي للصغار حب الفريق وأهمية عدم التخلي عنه، حتى وإن لم يكن من الأندية المتصدرة لمنصات التتويج.
ولم تكن مباراة كأس الرابطة أمام سيراميكا كليوباترا هى الأولى التى يتحول خلالها الحلم إلى كابوس بعد ضياع البطولة، فقد سبق وخسر النادي المصري - والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1920، نهائي كأس مصر في عشر مرات سابقة، أعوام "1927، 1930، 1945، 1947، 1954، 1957، 1983، 1984، 1989، 2017".
تصميم باسم حنيجل
واقتنص النادي الأهلي كأس مصر من المصري في عام 1989 في عهد الراحل السيد متولى رئيس النادي الأسبق والذي تأهب لحمل الكأس لولا هدف علاء ميهوب فى مرمى المصري ليغير الأحداث ويضيع الحلم، وفي نهائي كأس مصر 2017 أمام الأهلي تقدم المصري في الوقت الإضافي وقبل لحظات من التتويج بالكأس تعادل المنافس فى الدقيقة 118 وخسر المصري البطولة في الدقيقة 121.
وشارك المصري في جميع بطولات "دوري منطقة القناة" منذ نشأتها وهي بطولة كان ينظمها الاتحاد المصري لكرة القدم قبل أن يحل محلها بطولة الدوري المصري.
وفاز المصري بهذه البطولة 17 مرة متتالية من عام 1932 حتى 1948، ليحمل لقب “زعيم القناة”، ونجح أيضًا في الفوز بكأس السلطان حسين ثلاث مرات أعوام 1933، 1934، 1937، وبكأس الاتحاد التنشيطية مرة واحدة.
تصميم باسم حنيجل
وتُوج ببطولة كأس مصر مرة واحدة عام 1998، عقب مباراة النهائي التي لعبها أمام فريق المقاولون العرب وفاز فيها بـ 4-3، والتي جرت على أرض ملعب استاد القاهرة بحضور نحو 40 ألف مشجع بورسعيدي "بحسب صفحة النادي على فيس بوك"، ليغيب بعدها عن تحقيق البطولات.