تيكا في طرابلس

تصميم باسم حنيجل

كتب/ت عبدالرحمن خليفة
2024-07-27 11:10:09

أحب التنس، كان أبي يرى دائمًا مدى شغفي للعبة، فاختار أن يكون اسم شهرتي "تيكا"، كي يكون على وزن اسم اللعبة التي أحلم بممارستها منذ أن وعيتُ على الدنيا.

"تيكا".. تعالْ إلى هنا، واخطر والدك ليُجهز السيارة لنقل اللاعبين إلى ملعب المباراة في مدينة طرابلس، كان هذا صوت كابتن جمال مدير نادي طرابلس للتنس.

نعم، طرابلس الليبية، فقد قادت الظروف والدي للعمل بها منذ عام، يسوق والدي السيارة المُخصصة لفريق التنس، ويصطحبني معه حين أُحسن التصرف في المنزل والدراسة.

كانت أمتع اللحظات حين أرافقه، كنت أشاهد اللاعبين أثناء المباراة ويزيد انبهاري، ويزداد حبى للتنس، وكان أكبر صدام بيني وبين الإحباط حين كان "أواب" لاعب النادي يلعب، فذات مرة في وقت الراحة أمسكت بالمضرب، فقال لي وقتها: "هدى لعبة للأغنياء، ما بينفع تلعبه، هذه المضرب براتب شهر لوالدك"، وعلى الرغم من حديثه المُحبط، لكنه دفعني لأتعلم أكثر.

ها أنا أكملت الخامسة عشر من عمري، منذ ثلاثة أعوام أخذت مضرب غير مُخصص لأحد اللاعبين من مخزن النادي، منذ ذلك الوقت بدأت في مشاهدة كابتن عادل يُدرب ويوجّه اللاعبين من بعيد، وبعدما ينتهوا أدخل إلى الملعب، وأبدأ في ممارسة اللعبة كما شاهدتها، ومن هنا بدأ تعلّقي بالتنس يزداد.

في يوم ما شاهدني الكابتن عادل، وأنا أمارس "التنس"، فصاح فيّ "تيكا تعالْ وعندما اقتربت منه قال لي أنت تحركاتك ممتازة وضربتك متميزة، من وين جبت هذا الأداء؟".

كنت في مُنتهى السعادة حينما وقعت تلك الكلمات عليّ، لكنّي كنت خائف أن يؤذي أبي الذي كان يعمل سائقًا في هذا النادى، والسبب أني لستُ مُسجلًا ولا يحق لي ممارسة التنس داخل الملعب، ولكن حدّثني كابتن عادل أنه سيصطحبني إلى مكان مجاور ويُعلّمنى أكثر، لم أخبر أبي، خشيتُ أن يمنعني من الذهاب إلى التمرين بصُحبته، وذهبت أول مرة دون أن أُخبره، قضيتُ يومان في غاية المتعة، أمارس ما أحب باحترافية، أسمع التعليمات وأستوعبها سريعًا، وأحلم بالتقدم.

بعد انتهاء التمرين تحدثت مع كابتن عادل حول اعتقاد أبي أن ممارسة التنس لن تُجلب لي المال، كنت قد قلتُ لأبي أني أمارسها في أوقات الفراغ، فكان رده عليّ "هذه اللعبة ليست لكل الناس، وأنه اختار لي اسم الشهرة فقط ليكون قريبًا من اسم اللعبة حتى لا أحزن على عدم الممارسة". أتذكر حين رآني أبي ذات مرة وأنا أشاهد اللاعبين من خلف السور، حدّثني قائلًا: "بتحب التنس؟"، أومأتُ بالإيجاب، فقال لي "من هيدا اليوم انت اسمك تيكا".

استمع كابتن عادل إلى كلامي، وكان رده "سوف أتحدث مع أبيك حتى نُسجلك في نادي، وسوف أقنعه، لا يجوز أن تفعل شيئًا دون علمه"، وبالفعل أقنع كابتن عادل أبي، وبعد مرور ستة اشهر من التمرين أشارك الآن في بطولة طرابلس للناشئين، مُنافسي في النهائي كان "أواب"، تبادلنا نظرات الغضب في بداية المباراة، تحولت في منتصف الوقت لنظرات تنافس متبادلة، وانتهت بأن نظرت إليه نظرة انتصار وفرح.