سر اختفاء عم أيوب

مسحراتي

كتب/ت عمار جودة
2024-03-30 11:00:03

«الله أكبر الله أكبر» انطلق أذان الفجر، ولكن للمرة الثالثة لم يناد عم أيوب المسحراتي علينا ويوقظنا من أجل السحور، بعدما اعتادنا النوم عقب صلاة التراويح والاستيقاظ على صوته.

توقعنا أن يكون الأمر عاديًا، حتى ذهبت أنا ووالدي إلى المسجد، فوجدنا حيرة بين الأهالي عن اختفاء عم أيوب لا سيما أنه لم يفعلها من قبل قط كما قالت والدتي. مرّ اليوم رغم أن الأحاديث كلها كانت عن اختفائه.

وفي اليوم التالي تكرر الأمر ولم يوقظنا عم أيوب، حتى قرر رجال الحي الذهاب إلى منزله للاطمئنان عليه بسبب الخوف من أن يكون مريضًا أو توفاه الله، ذهبنا لصلاة العصر، ولكن الأسئلة تدور في ذهني خوفًا عليه. عم أيوب رجلًا طيبًا أسمر البشرة، أبيض القلب يحبه الجميع، يوقظنا على أذان الفجر منذ سنوات ويمرح مع الأطفال.

توجهنا إلى منزله بعد الصلاة، صعد ثلاثة رجال وبدءوا في طرق الباب لمدة ربع ساعة، والجميع لديه فضول وخوف على مصيره، اقترح عم صابر أحد رجال المنطقة أن نسأل الجيران عن مفتاح منزله، فوافقنا وكل منا لديه سيناريو مختلف لعم أيوب.

وجدنا مفتاح مع صديق له بالعمارة يدعى عم فاضل، فالكل هنا متعب من الفضول والخوف ويريد أن يعرف ماذا حدث لعم أيوب؟.

قال عم فاضل والقلق يكسو وجهه: «ماذا حدث لأيوب كان يتحدث معي أول أمس قبل الإفطار وكان جيدًا؟».

حاول أن يدخل المفتاح في الباب ويده ترتعش لكنه سقط منه أكثر من مرة، حتى أدخله مر الوقت ببطء ونحن ننتظر وأسئلة كثيرة تدور في الأذهان، حتى خرج عم صابر وقال إن الشقة فارغة وأيوب ليس بها: «يمكن راح يجيب حاجة» قالها محاولًا إن يداري حزنه وقلقه.

عدنا للبيت والنقاشات مستمرة هل نبلغ الشرطة أم نبحث في المستشفيات؟، حتى غفونا ولكن القلق يزداد، واستيقظنا على أذان الفجر دون سحور بعد اختفاء عم أيوب الذي افتقدناه.

وفي الصباح قَسم الرجال أنفسهم كل شخص مكلف بالبحث عنه في مكان ما إلا إننا لم نجده، وظلت حلقات النقاش مستمرة في الحي، وفجأة صاح أحدهم بصوت عال: «انظروا من هناك» كان عم أيوب يقترب بهدوء.

وقال: «ماذا بكم؟»، كنا نقفز حتى نزف البشارة للأهالي، ونقول: «وجدنا عم أيوب».

هلّ الجميع وبدأ عم أيوب يحكي أين كان وهو يضحك، ونحن نستمع بلهفة شديدة: «أسف على قلقكم، ولكن جاءتني مكالمة في منتصف الليل يخبرونني أن شقيقي الأكبر توفى، وسافرت إلى البلد وقضيت ثلاثة أيام العزاء».

لنرد جميعًا: «لقد افتقدناك يا عم أيوب وافتقدنا صوتك وألحانك»، وفي فجر اليوم التالي عاد صوت عم أيوب: «أصحى يا نايم وحد الدايم».