عكس اتجاه السُفن!

أرشيفية

كتب/ت ملك محمود
2023-10-17 00:00:00

تملك الرياضة المصرية سجلًا حافلًا بالنجوم والبطولات، لاعبون صاروا أساطير في عدة رياضات، تغنت الجماهير بأسمائهم، لما قدموه من إنجازات، يأمل الناس في استنساخ هؤلاء الأبطال مرة أخرى في الوقت الحالي.

أنا أيضًا لدي الرغبة مثل الآخرين إما في ممارسة الرياضة أو استنساخ البطل، مارست رياضات عديدة ومنها الألعاب الجماعية والفردية، تدربت على "كرة السلة، كرة اليد، السباحة، الجمباز، الكاراتيه"، لكنني لم أشعر بعد بهذا الإحساس، أن تنتمي إلى رياضة معينة وتحبها عن ظهر قلب.

بحثت كثيرًا، ويشهد لي المدربين بتجريبي ممارسة كل الرياضات، ولم استقر في واحدة منها، إذ لم أمارسها إلا عام واحد لقلة شغفي برياضة معينة.

لكن مشهد ما غير مساري، في يوم ما حين كنت أدرس في الصف الخامس الابتدائي، اصطحبتني أمي في جولة على كورنيش النيل بأسوان، قلبي امتلأ بالسعادة حين رأيت مراكب رياضة التجديف تجري مع المياه، لاحظت أمي وشعرت بسعادتي وقالت: "عايزة تروحي يا ملك.؟".

نظرة عابرة ورجاء لأمي، أخطو نحو أولى مراحل التدريب على التجديف، مع كل خطوة تزداد السعادة.

الآن وصلت وأمي إلى المدرب الخاص برياضة التجديف، محمد يسري، وعندما انتهينا من اللقاء، عدت إلى المنزل، بحثت عن شقيقتي الكبرى، كانت منتبهة للتليفزيون، ألحيت عليها كثيرًا للخروج سويًا ولم تحب.

الساعة تشير الآن إلى الثالثة عصرًا، أنا وأختي خرجنا إلى الكورنيش، وجدت اللاعبين يجرون، الحيرة ملأت وجهي الذي زاد احمرارًا بسبب أشعة الشمس الساطعة، لفتنا أنظار المدرب ضحك من خجلنا وقال: “عادي يا بنات لازم تجروا عشان تتحسنوا أكثر".

جربت وأختي، الجميع يهتف لنا بالتشجيع، تحمست على عكس أختي.

كل يوم يمر نتعلق بهذه الرياضة، صرنا أنا وهي أعضاء عائلة من 160 لاعب.

حانت اللحظة المنتظرة، سافرت أختي للبطولة الثانية بمدينة العلمين الجديدة، الفرح ساعني، لكن بعض الحزن سيطر عليّ، إذ لم أسافر معها، على الرغم من قوتي البدنية التي أدهشت أسرتي وأنا في الصف الأول الإعدادي.

حصدت أختي في البطولة الميدالية البرونزية، زاد حماسي وبهجتي، لكن لكل أمر نصيب، التدريب توقف؛ بسبب خلافات بين المدرب والإدارة إذ كان التدريب مجاني مدعم من النادي.

منذ التوقف لم استمتع بحياتي، رياضتي تنقصني، فقدت شحنات كبيرة من السعادة والطاقة للمغامرة.

انتقلت من التجديف إلى الاهتمام بالتكنولوجيا، شاركت مرتين في مسابقة "انتل للعلوم والهندسة"، قدمت أبحاثًا إلى مسابقات أخرى، ونسيت أنني كنت لاعبة يهتف لها الجمهور.

نعم أصابني الحزن، فجئت وجلست بالنادي لعلي أشعر بتحسن، رأيت أطفالًا يمسكون بمضارب لم أرها من قبل، بحثت، فرأيت صالة "تنس الطاولة"، عيني لمعت من جديد إلى مستقبل أرسمه، دخلت وسألت المدرب عن التفاصيل وأخبرت أمي ودعمتني في قراري الجديد.

بعد يومين بدأت ممارسة الرياضة، كنت في الصف الأول الإعدادي ووصلت إلى الثالث، شاركت في بطولتين، حصدت المركز الرابع مرة والخامس مرة ثانية، لكن لم أتخل عن حلمى القديم، فمن أسبوع إلى آخر أذهب إلى تدريب رياضة التجديف.