مر شهر كامل، على شكاوى مواطنين بعدة مناطق بأسوان من تلوث مياه الشرب بالمحافظة، ورغم تأكيد تسجيل 28 إصابة بين سكان منطقة أبو الريش، فيما شُخّص في باديء الأمر بـ"نزلات معوية"، إلا أن شركة مياه الشرب والصرف الصحي سارعت بنفي وجود أي تلوث.
ومع انطلاق ماراثون العام الدراسي، الأحد 22 سبتمبر، ارتفعت حالات الإصابة إلى 128 حالة مع وقوع عدة حالات وفاة، ولم تنجح زيارة محافظ أسوان لمحطة مياه أبو الريش قبلي، ومجمع مدارس أبو الريش قبلي، في طمأنة أولياء الأمور، رغم نفيه تلوث المياه عبر توثيق شربه لمياه الصنبور، في وقت صرّح فيه وزير الصحة بأن الإصابات مجرد "نزلات معوية".
طواريء شعبية، وتضارب تصريحات، انتهيا بحالة من الذعر، مع إعلان خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، في مؤتمر صحفي عقده بمستشفى الصداقة التخصصي يوم 23 سبتمبر، إنه تم كشف وجود مرض بكتيريا "الإي كولاي"، ما دفع أولياء أمور، خاصة سكان منطقة أبو الريش ، على منع أطفالهم من الذهاب للمدارس في الفترة السابقة، حرصًا على سلامتهم، وسط غياب إجراءات الوقاية من "الإي كولاي".
"منعت أولادي من الذهاب للمدرسة".. هكذا بدأت "أميرة خليفة"، موظفة بشركة سياحة، حديثها حول قرارها في منع أولادها، الطلاب بمرحلتي الحضانة والابتدائى بمدرسة "أبازيد التجريبية".
تقول "أميرة" لعين الأسواني: "المدرسة تقع بكورنيش أسوان، أمام مرشح شركة كيما، هذه المنطقة تغطي خط مياه الشرب لدى منطقة أبو الريش، والمشكلة ليست في انتقال العدوى عن طريق شرب الماء فقط، بل في اختلاط التلاميذ، واستخدام المرحاض والتلامس"، وعلقت قائلة: "مهما نبّهت على أبنائي فلم يأخذوا احتياطاتهم في هذه الأمور، لكن الآن وبعد استقرار الوضع قليلًا، أرسلتهم للمدرسة مع تحذيرات شديدة لهم بعدم الشرب من الصنبور".
وقالت رحاب حمادة، ربة منزل، إنها "غير مستغنية" عن صحة أولادها، لذا فضلت عدم ذهابهم للمدرسة، خاصة مع صغر سنهما، فكلاهما بالمرحلة الابتدائية، ورغم أنها ليست من سكان منطقة أبو الريش أو بهاريف، لكنها شعرت بالخوف من إصابتهم بالعدوى.
15 يومًا من الغياب، كان قرار "رحاب"، وسط غياب طرق الحماية من تفشي "الإي كولاي"، وقلقها من نفاد كمية المياه المعدنية التي توفرها لأبنائها، والتي كانت ستتطلب ميزانية خاصة يوميًا.
تختتم رحاب حديثها قائلة: "بدأت أرسل أولادي إلى المدرسة، مع التحذير بعدم استخدام مياه المدرسة، وفيما يخص إجراءات الوقاية في المنزل فأنا أغلي المياه يوميًا قبل استخدامها في طهي الأكل حتى تقضي على وجود البكتيريا".
ورغم التحاق ابنة "شيماء علي"، ربة منزل، بمدرسة كيما الإعدادية، القريبة من مناطق تفشي العدوى، إلا أنها أكدت حضورها اليوم الدراسي الأول، بعد أن وفرت لها زجاجتي مياه معدنية، وأوصتها ألا تشرب من مياه الصنبور الخاص بالمدرسة أو استخدام مرحاض المدرسة، ومع ارتفاع تكلفة "المياه المعدنية" بدأت "شيماء" في غلي المياه قبل استخدامها، منذ اليوم الثاني للدراسة.
التجربة اختلفت كثيرًا مع لمياء خالد، مسؤول خدمة عملاء، فإصابة ابن شقيقتها، الذي يبلغ 10 سنوات، ويسكن بمنطقة أرض الجميلي، وهي منطقة بعيدة عن مناطق نشاط عدوى "الأي كولاي"، فقررت الأسرة منع كل أطفالها من الذهاب إلى المدرسة، خوفًا على سلامتهم.
فيما تؤكد "لمياء" أن قرار منع أطفال الأسرة من الذهاب لمدارسهم، استمر لمدة أسبوعين، استقرت خلالها حالة الطفل، وتعافي تمامًا، لكنها لا تزال تخشى عودته للإصابة، فيما لم تتوجه لإدارة المدرسة لمعرفة إجراءات وقاية التلاميذ من العدوى.
لكن مريم سيد، طالبة في الصف الخامس الابتدائي بمدرسة السيدة نفيسة، أكدت أن إدارة المدرسة أوصت الطلاب في طابور الصباح، بعدم شرب المياه من صنبور المدرسة حتى لا يتأذوا، فيما لم تمتنع "مريم" عن الذهاب للمدرسة منذ اليوم الأول، وسط إجراءات وقائية تمثلت في شراء مياه معدنية كافية لليوم الدراسي.
وأوضح عادل .م، مدير مدرسة تقسيم الصداقة، أنه لم يلاحظ غياب بين طلاب المدرسة بشكل غير طبيعي، مشيرًا إلى وعي طلاب المدرسة، الذين أكد أنه يسمعهم يتحدثون كثيرًا عن تلوث المياه، ويعلمون كيف تنتقل العدوى، ولهذا هم حذرين جدًا في التعامل مع المياه بالمدرسة، وأكد "عادل" أن أي من طلاب المدرسة لم تظهر عليه أية أعراض للمرض، كما لا يوجد غياب مستمر بين طلابه.
اتفقت مروة عابدين، معلمة بمدرسة عبد المجيد حسين الإعدادية، مع حديث "عادل"، مشيرة إلى أن إدارة مدرستها نبهت على الطلاب منذ أول يوم دراسي، بجلب مياه خاصة بهم، والابتعاد عن استخدام مياه المدرسة، مع الحرص على عدم التلامس أو استخدام الحمامات، واختتمت "مروة" حديثها، مؤكدة أن نسب حضور الطلاب كبيرة في المدرسة.