"قعدة عصاري".. عروض حكي لمناهضة "زواج القاصرات" في أسوان

تصوير: من المصدر - عروض حكي "قعدة عصاري" للتوعية بمخاطر الزواج المبكر

كتب/ت إسراء عبد الظاهر - علياء سيد
2024-08-28 18:07:07

 

 

اختتم، أمس، مشروع "قعدة عصاري"، بالتعاون مع مؤسسة دوار للفنون والتنمية لمناهضة الزواج المبكر في قرى الصعيد، من خلال عروض حكي تُقدّم لأول مرة عن الزواج المبكر للإناث والأضرار التي تترتب عليه .

بدأ العرض في السابعة مساءً، مع انطلاق أغنية "بيبه" للشاعر عبد الرحمن الأبنودي بفيلم "عرق البلح"، وبعدها بدأت كل حكاءة بعرض قصة تدور أحداثها عن زواج القاصرات، منها حكاية عن طفلة أجبرها أهلها بالزواج، وخرجت من منزل والدها وهي ترتدي فستانها الأبيض، ثم عادت إليه بعد فترة قصيرة مُرتدية كفنها الأبيض، وحكاية أخرى عن زواج فتاة قاصر من ابن عمها للحصول على الميراث، وعند الطلاق بها كان الطلاق شفهيًا، دون أوراق رسمية تُثبت الزواج أو الطلاق، وكثير من الحكايات الأخرى.

ويُحدد قانون الطفل المصري 2008، الحد الأدنى للزواج عند 18 سنة لدى الإناث والذكور، ووفقًا لتعداد مصر لعام 2017 يتبين أن واحدة تقريبًا من بين كل عشر فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 – 19 سنة يتزوجن أو كن متزوجات فيما سبق، مع وجود فارق كبير بين المناطق الريفية والحضرية، بحسب تقرير صادر عن المجلس القومي للسكان عام 2022.

بحسب التقرير، ففي مارس 2021 اتُخذت إجراءات لإصدار قانون منع الزواج المبكر، حتى يضمن حقوق الفتيات، إلا أنه حتى الآن لم يُطبّق.

صعوبات واجهت المشروع
صرحت أميرة خليفة، مُدربة بمشروع قعدة عصاري لـ"عين الأسواني" أن المشروع شكل من أشكال مواجهة العنف الذي تتعرض له الفتيات بشكل فني، لطرح مشكلة الزواج المبكر في محافظات الصعيد، وتقول أميرة إن المشروع يناقش جميع المشكلات المتعلقة بحقوق المرأة الإنجابية والجنسية في مجتمعات الصعيد، ومن ضمنها زواج القاصرات، ويستهدف المشروع الفتيات من عمر 15 سنة حتى 35 سنة.

وأشارت أميرة إلى أن استخدام فن الحكي موروث ثقافي، لتوصيل الرسالة عن طريق الحكي، وتابعت قائلة إن مقياس أثر المشروع لن يكون في الوقت الحالي "لكن سيظهر على مدار أعوام بالتراكم"، وأضافت "أما حاليًا قدرنا نغير فكر بعض الفتيات، خاصة أن الفتيات يبادروا بالحكي عن حواديتهم الشخصية، ودي إشارة إن فيه نسبة نجاح وإحساس عندهم بالوعي".

واجه المشروع عدد من التحديات، منها اعتراض بعض المواطنين في القرى، فتقول أميرة "كنا بنشتغل فى قرية، وبعد ما اشتغلنا توعية مدة من الوقت، المسؤولين الموجودين بالقرية اعترضوا وحاولوا يمنعوا استمرار المشروع"، وأضافت المدربة أن اعتراض المسؤولين كان بسبب حساسيتها، بالإضافة إلى أنها "تمس المجتمع الأسواني بشكل سيء"، على حد قولها.

ومن بين التحديات أيضًا، أن الفتيات كان يشعرن بالخوف لعرض حكاياتهن داخل مجتمعاتهن "شيء مُحزن لأن لازم أبدأ تغيير في المجتمع اللي أنا فيه".


تدريبات وأماكن عروض الحكي

عروض الفتيات التي قامت بها كان ورائها مُدربة حكي، هي عبير الدرديري التي درّبت المشاركات على مدار 15 يوم، وقمن بثلاثة عروض في قرى أسوان "قرية سلوا، عزبة سليمان علي، قرية فارس، قرية المنشية بكوم أمبو"، كما تذكر عبير.

وتروي مروة سيد، متدربة وحكاءة، أنها أعجبت بالفكرة وشاركت بالتدريب لتتعلم كيفية الحكي والثبات أمام الجمهور والكاميرا، فيما تقول إن مدة التدريب استغرقت خمس ساعات في اليوم "التدريبات لم تكن شاقة، بل بالعكس كانت ممتعة، وانتظر كل يوم لذهابي للتدريب، وأتمنى أن أصبح ممثلة على المسرح".

ومن بين الحضور، كانت أميرة كمال، التي تعلمت ألا تتعجل بالزواج إلا بعد إتمام السن القانوني "لأنه يؤثر على حقوق المرأة، ويمنعها من تسجيل شهادة ميلاد الطفل، وفي حالة حدوث طلاق لا تستطيع إثبات بأن الطفل ابنها".
وافقتها الرأي هبة عابدين، ربة منزل، أن الزواج لا يقتصر على ارتداء الفستان الأبيض والبدلة "لكن مسؤولية كبيرة، والفتاة إذا تزوجت في سن صغير يسبب أضرار صحية"، وتضيف رانيا حسني، طالبة ثانوية عامة، أن الحكايات المروية من واقع مجتمعها تحدث بالفعل "كنت أفضّل يناقشوا زواج القاصرات بشكل علمي أكثر ويشرحوا الأضرار وكل ما يتعلق بالموضوع، لأني بفضل طريقة النصح أكثر من القصص".

يُذكر أن قعدة عصاري هو مشروع لفتيات وسيدات من الأماكن المهمشة في محافظة أسوان، ويعمل المشروع مع فتيات من قرية فارس لمناقشة العنف القائم على النوع الاجتماعي، خاصة زواج القاصرات باستخدام فن الحكي، وتُدرّب الفتيات على مهارات الحكي لإقامة العروض اللاتي يسمعهن من قريناتهن اللاتي مررن بتجارب شبيهة.

مشروع "قعدة عصاري" للتوعية بمخاطر الزواج المبكر