شهدت الدورة الثامنة لمهرجان أسوان، مشاركة خمسة أفلام ضمن برنامج خاص للسينما السودانية، أفلام صُنعت قبل الحرب السودانية الأخيرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، إلا أن الأفلام جسدت معاناة السودان من الحروب على فترات طويلة، أفلامًا تعبر عن المرأة السودانية أو صُنعت ببصمة مخرجات سودانيات، منعتهن ظروف الحرب القاسية من حضور الأفلام.
قدّم برنامج الفيلم السوداني القصير، ثلاثة أفلام من توزيع شركة ماربلز للإنتاج الفني، وهم "نساء الحرب"، "طوبة لهن"، "سينامون داليا"، إلى جانب فيلمين من إنتاج معهد السودان للأفلام "كالوس برؤوت" و"حكاية مآب" على شاشات فندق توليب.
محمد الطريفي، المخرج الموزع السوداني وممثل شركة ماربلز للإنتاج الفني، الذي كان حاضرًا في برنامج الفيلم السوداني القصير، أوضح الصعوبات التي واجهها في عملية جمع الأفلام، نظرًا لانقطاع الاتصالات في السودان بسبب الحرب والتواصل مع مخرجي الأفلام السودانية، حتى استطاع البرنامج جمع خمسة أفلام وفقًا لشروط المهرجان التي تلزم بضرورة أن تكون بطلة الفيلم امرأة أو مخرجة العمل.
وأضاف أنه حاول الحصول على أفلام تتحدث عن الحرب كفرصة جيدة لعرضه في مهرجان عالمي، ويقول: "نستطيع أن نساهم في تسليط الضوء على الحرب وتداعياتها للعالم، وهناك أفلام مشاركة تتحدث عما بعد الحرب من استمرار المعاناة وعبء أكبر يقع على عاتق النساء".
افتتح فيلم "طوبة لهن"، للمخرجة رزان محمد، برنامج الأفلام السودانية في 21 أبريل الجاري، الذي وثق معاناة النساء في إقليم دارفور بمعسكر أب الشوك، أحد مخيمات النازحين، وفيه تعمل نساء في صناعة طوب البناء الأحمر وسط بيئة شاقة، وكان قد سبق أن نزحوا خلال الحرب الأهلية عام 2003، وعاودوا النزوح مرة ثانية بعد أحداث 15 أبريل 2023.
في العرض الثاني للبرنامج قدم فيلم "سينامون داليا"، للمخرج خيري سمير، الذي يروي حكاية الفتاة داليا التي تعمل في مول ووظيفتها ارتداء شخصية ميكي واللعب مع الأطفال، إلا أنها تواجه في حياتها الخاصة مشكلات، وتتغير شخصيتها مع الوقت، حتى تصل في النهاية لنظرة مختلفة لذاتها.
وقدمت المخرجة هاجر حسن فيلم "كالوس برؤوت" الذي يتناول تاريخ المسرح في مدينة بورتسودان ودور اتحاد الأدباء والفنانين في نشاط الحركة الثقافية في المدينة آنذاك، ويحكي الفيلم "حكاية مآب"، للمخرج صلاح برق، عن تداعيات الحرب من خلال الطفلة مآب التي تروي تلك اللحظات.
وفي اليوم الختامي للبرنامج، أمس، عرض الفيلم الوثائقي "نساء الحرب"، للمخرج القدال حسن، قصص بعض النساء اللاتي عشن ويلات الحرب في إقليم النيل الأزرق في السودان، ويتحدين الظروف لخلق أثرًا إيجابيًا على مجتمعاتهن.
ويرى محمد الطريفي أن المعاناة تولد الإبداع، ورغم الظروف القاسية التي تشهدها السودان حاليًا، إلا أن صانعي الأفلام يحتاجون إلى سرد قصصهم، ويأمل عودة النشاط السينمائي، والوصول إلى مهرجانات عالمية، مثلما نجحت أفلام مثل "ستموت في العشرين" و"وداعًا جوليا"، اللذان أعطا أمل لصانعي الأفلام السودانيين في وصول صوتهم إلى العالم.
ويختم الطريفي حديثه بأن الحرب الأخيرة هي العقبة الآن في سبيل تطور الحركة السينمائية، كما أوضح أن عدم الاستقرار السياسي يسبب صعوبة في إمكانية الحصول على تمويل، مُشيرًا بأسف إلى أن بعض مخرجي الأفلام يقيمون في مراكز الإيواء.