لا تخلو موائد الإفطار وقت أذان المغرب من "التمور"، التي تحتل مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث انتاجها.
وفي أسوان، تختلف التمور المصرية من حيث أنواعها وقيمتها الغذائية، منها: «الملكابي، السكوتي، البارتمودي»، وهي أشهر الأنواع التي يجود بها نخيل المحافظة تحديدًا، ويتم توزيعها وبيعها غالبًا في كل المحافظات بعد ذلك.
ورغم تصدر المحافظة المركز الأول على مستوى الجمهورية من حيث إنتاج التمور، بما تحتويه لما يقارب 2 مليون نخلة تقريبًا، لم يشفع ذلك أمام موجات ارتفاعات الأسعار المتتالية التي طالت البلح "التمر" هذا العام أيضًا.
وأمام شكوى المستهلكين من ارتفاع السعر الذي يتكرر في السنوات الأخيرة الماضية، يشتكي أيضًا المزارعين والتجار من أنهم مضطرون إلى ذلك بسبب ارتفاع تكاليف انتاجه فضلًا عن تضررهم من التغيرات المناخية التي باتوا يلحظون تأثيرها سواء على كميات إنتاجهم أو جودته.
أشهر عديدة يتابع فيها أحمد عبدالرازق، مزارع نخيل في أسوان، مراحل نمو النخل حتى يأتي شهر رمضان، والذي يبدأ فيه شحن التمور إلى القاهرة بعد تجفيفها، لكون القاهرة تدر ربحًا أفضل وسوق أوسع لبيع محصوله، على عكس محدودية مدينة أسوان في عملية البيع.
ويشير عبدالرازق إلى أن محصول هذا العام، كان أقل من العام الماضي، يقول: «التغيرات المناخية أثرت على حصاد التمور للعام الثاني على التوالي، بالإضافة إلى أسعار مستلزمات حفظ وتعبئة التمور، من جوالات وحبال والتي زادت أسعارها إلى الضعف عن العام الماضي».
ويواجه عبدالرازق تلك التحديات كل عام وقت الزراعة، لذلك يرى أن تجارته أصبحت مهددة، بسبب أن إنفاقه عليها أصبح يتخطى مكسبه، لا سيما أن النخيل يستغرق زراعته قرابة الخمس سنوات حتى يطرح تمور يمكن بيعها والكسب منها.
وفي قرية بنبان بمركز كوم أمبو، يقول مختار حمد، مزارع تمور آخر، يمتلك فدانين خصصهم لزراعة 500 نخلة: «إنتاج العام الماضي كان أفضل من هذا الموسم، إذ أثرت التغيرات المناخية على المحصول، فأصبحنا نصل إلى موسم الحصاد ونجد أن التمرة لم تنضج بشكل كامل بعد، ولكننا مجبرين على حصادها، لأن موسم الحصاد هو الوقت الأنسب للتجفيف».
ووفقًا لحمد، فإن ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة تمثل تحدَ آخر له، يعلق قائلًا: «شوال التمر كان بجنيه لكن هذا العام وصل لـ10 جنيهات، وعلبة التبخير ارتفعت من 11 إلى 70 جنيهًا، وفرشة تجفيف التمور اللي لازم أقوم بتغييرها 3 مرات في موسم التجفيف ارتفعت من 7 إلى 25 جنيهًا، بالإضافة إلى تكلفة نقل التمور إلى مناطق التجفيف، والأيدي العاملة التي وصلت إلى 150 جنيهًا يوميًا بدلًا من 100 جنيهًا».
يروِ عبدالرازق وحمد، أنه إذا نجح المزارع في المرور بكل تلك التحديات، والوصول إلى مرحلة الحصاد والبيع للتاجر، يصبح لديه ثلاث درجات من التمور (جيدة النضج ومتوسطة النضج والتالفة)، إلا أن الأخير هو من يتحكم في سعر التمور، فلا بد من أن تتخطى الكمية الناضجة كميات التالف، حتى يكون موسمًا مثمرًا للمزارع، ويكون قادرًا على بيع انتاجه.
يستعرض حمد الأسعار، قائلًا: «التمر الذي يباع بـ60 جنيهًا للكيلو وصل هذا العام إلى 120 جنيهًا، كما أن كمية الهالك وصلت هذا العام إلى نصف الإنتاج بعدما كانت مجرد 10 كيلو في النخلة فقط، نأمل أن تساعدنا الدولة بتوفير المستلزمات الخاصة بزراعة النخيل بأسعار مناسبة».
وبعد تجفيف النخيل، يبدأ دور التاجر، الذي يبدأ في التنسيق مع تجار المحافظات لبيع المحصول، يقول سيد حامد، تاجر تمور بين قرية بنبان والمنصورية بكوم أمبو، إن القاهرة والإسكندرية والشرقية أوسع الأسواق التي يشحن إليها تمور أسوان.
يقارن حامد بين أسعار تكاليف الشحن والتجهيز هذا العام عن العام الماضي، من حيث تكلفة العمالة التي يقول أنها زادت من 200 إلى 500 جنيه، وأن سيارة النقل للقاهرة وحدها تتكلف 6500 جنيه.
وتمثل التمور أحد السلع الهامة على المستوى الاقتصادي للمحافظة التي تتطلع مؤخرًا إلى تطوير نسب تصديرها، وهو ما دفعها إلى إنشاء منطقة لوجستية عالمية للتجارة، والتصنيع والنقل اللوجيستي للأسواق الأفريقية، تعرض التمور كأحد السلع الرئيسية فيها.
شحن المحصول على سيارات النقل، تبدأ رحلته الجديدة إلى البائعين ومن ثم المستهلكين، يقطع فيها أولًا ما يقارب 700 كم، قبل أن تصل إلى موائد الإفطار في القاهرة.