بعد أسابيع من جمع محصول المانجو بمزرعته الواقعة بقرية الرمادي بمركز إدفو، بدأ الحاج "جمعة عبد الكريم" بتجهيز أقفاص المانجو للمشاركة بمهرجان المانجو، كفرصة جيدة لبيع وتسويق فاكهته لأهالي مدينة أسوان، ليصل سعر كيلو المانجو لـ 15 جنيها و200 جنيه للقفص الواحد.
في السادس والعشرين من شهر يونيو الماضي، افتتح اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، مهرجان المانجو للعام الثاني على التوالي، بحديقة الشيراتون بكورنيش النيل، بدأ المهرجان لأول مرة عام 2021 بغرض التسويق لفاكهة المانجو الأسواني التي تزيد عن 45 نوعا، بحسب البيان الصادر من الصفحة الرسمية لمحافظة أسوان، وأن المهرجان يسعى إلى زراعة 50 مليون شجرة مانجو، لزيادة إنتاج المحافظة من المحصول إلى 600 ألف طن سنويا.
وتحتل المانجو المركز الثاني بين الفاكهة في محافظة أسوان، وتصل مساحة الأراضي المزروعة بها إلى 30 ألف فدان موزعة على قرى مركز إدفو وكوم أمبو ودراو .
"دبشة، فص، تيمور، جولب وصديقة، أهم أنواع المانجو بمزرعة "فؤاد حسين" الواقعة بقرية الرمادي بمركز إدفو، يقول "فؤاد" لـ"عين الأسواني"، أن مزرعته هذا العام تأثرت كغيره من أصحاب المزارع، بالتغيرات المناخية، واستمرار الصقيع لفترة طويلة، الذي أثر على أشجار المانجو، التي لا تتكيف مع البرودة، وأوضح "فؤاد" أن إنتاج هذا العام أقل من العام الماضي، الذي حصدت مزرعته فيه 10 أطنان من فاكهة المانجو، بينما هذا العام تراوح الإنتاج بين 5 ونصف و6 أطنان.
وبالنسبة لأسلوب الزراعة، يخبرنا أنه يعتمد على خبرته الطويلة التي اعتادت عائلته وقريته الزراعة بها بالطرق التقليدية، مع الاستعانة بمهندس زراعي لإرشاده باستمرار أثناء زراعة أشجار مزرعته، ففي الماضي كانت هناك مساهمات من بعض الجمعيات والمؤسسات بطرق الزراعة الحديثة والدعم للمزارعين، للتقليم والرش، لكن بعد جائحة كورونا، توقف الدعم، مضيفا، وحاليا نصرف على الأشجار حسب قدرتنا المادية.
يقول"محمود طه" مزارع بمركز إدفو أن الأنواع المبكرة لفاكهة المانجو لم تتأثر بالمناخ، فميعاد حصادها كان قبل تغير المناخ للصقيع بفترة طويلة، والذي أثرعلى الأنواع الأخرى التى سقط معظمها من الأشجار قبل نضجه بشكل كامل والتي من المفترض أن تحصد في نهاية الموسم، مضيفا، فوصل إنتاج مزرعتي إلى أقل من العام الماضي بحوالي ثلثي الكمية الإجمالية، وعن الأنواع التي يزرعها، يقول "محمود" أنه يزرع أكثر من خمسة أنواع كالسنارة والتيمور والكيتو، من نفقاته المادية بدون مساعدة من أي مؤسسة أو جهة لتطوير أسلوب زراعته.
يقول الدكتور "الحسيني حمد" باحث بمعهد بحوث الفاكهة الاستوائية لـ"عين الأسواني"، إن التغير المناخي سيغير الخريطة الزراعية في المستقبل، مما يرجح بدء التفكير في الطريقة المعتادة لزراعة المحاصيل، فنجد أقرب مثال محصول المانجو هذا العام، الذي انخفض إنتاج بعض أنواعه، مثل العويس والزبدة، نتيجة انخفاض الجو لفترة طويلة والاضطرابات المناخية، فكان يمرعلى المزارعين الأربع فصول في يوم واحد.
مضيفا، تعد المانجو المحصول الثاني في محافظة أسوان، فالمانجو الأسواني بأنواعها المختلفة تستطيع منافسة المحافظات الأخرى، لكن نحن في حاجة إلى إعداد بعض المراحل للنهوض بمستوى المانجو الأسواني وحل مشكلة سوء الخدمة على الأشجار، عن طريق زيادة وعي المزارعين بضرورة حصاد المانجو بعد نضوجها بالكامل وعدم الاستعجال في حصادها، والقيام بالعمليات الفنية الصحيحة، والتركيز على الاهتمام بالأشجار في الفترة ما بين بعد الانتهاء من حصاد المانجو وبدء التشجير، والتي تعد من أهم الفترات التي ينتج عليها زراعة محصول العام التالي، بالإضافة إلى عدم تقليم الأشجار بشكل مستمر، فأغلب المزارعين يقلمون الأشجار مرة واحدة، ومنهم من لا يقلمها من الأصل ليصل ارتفاع الشجرة لـ 15 مترا، بجانب الري بقسوة على الأشجار، وعدم التخلص من الأفرع المصابة، واستخدام السماد غير المناسب للشجر، وتوزيع العناصر الغذائية على الأشجار بشكل عام، فمن الخطأ اتباع هذا النظام، فعن طريق الحالة الفسيولوجية للشجرة يتم الحكم على العنصر الذي نعمل عليه، وليس كل الشجر بشكل موحد، فتنبع أغلب هذه المشكلات من التفكير السائد لدى المزارعين القائم على عبارة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".
يوضح الدكتور "الحسيني حمد" أن سوق زراعة المانجو ينقسم إلى قسمين، صغار المزارعين والمستثمرين، وتتلخص أغلب المشكلات مع صغار المزارعين، في عدم معرفتهم بالآليات الصحيحة والحديثة للزراعة، بخلاف المستثمرين الذين يملكون القدرة المادية على توفير الطرق الحديثة للري واستشاريين ومهندسي زراعة ويمكنهم تقسيم المواد المستخدمة في الزراعة بشكل أكثر تنظيمًا، ففي النهاية يمكن أن نجد صغار المزارعين ينفقون أموالًا أكثر من المستثمرين على مزارعهم، فيجب أن يكون هناك تنسيق ودعم أكثر بين المزارعين والجهات المعنية لرفع مكانة المانجو الأسواني والتي تمتلك جودة أفضل من غيرها، لزيادة الإنتاج، خاصة لوضع خطة حول التغير المناخي الذي سيؤثر على خريطة الزراعة.