يوم السبت الماضي الموافق 19 أكتوبر تفاجأ الركاب بمحافظة سوهاج بزيادة الأجرة نتيجة ارتفاع أسعار البنزين للمرة الثالثة خلال عام، صاح أحد الركاب قائلًا "إيه يا عم الزيادة دي؟ كنا بندفع أقل من كدا"، ليجيبه السائق "ما هو البنزين غلي هنعمل ايه؟"، زاد الموقف من احتقان ركاب الميكروباص الذين ظهرت عليهم علامات الضيق، ولكن في صمت.
في 18 أكتوبر الماضي زادت أسعار البنزين والسولار، إذ ازداد سعر لتر بنزين 95 إلى 17 جنيه، بدلًا من 15 جنيه،، وبنزين 92 وصل سعره إلى 15.25 جنيه بدلًا من 13.75 جنيه، أما بنزين 80 ارتفع إلى 13.75 جنيه، في حين أصبح لتر السولار بـ13.50 جنيه. وتعد تلك المرة الثالثة خلال عام، وهو العام الذي اتفقت فيه القاهرة مع صندوق النقد الدولي على برنامج قرض موسع بقيمة ثمانية مليارات دولار.
كانت حبيبة محمود تستقل ذلك الميكروباص متجهة إلى الجامعة، بعد إصدار القرار بيوم، وصُدمت الفتاة مثل الجميع، لكنها وجدت البعض يدفع مُتقبلًا الزيادة على مضض، مما منعها من السؤال أو الاستهجان حتى، وكل ما استطاعت فعله هو تقليل مشاويرها غير الضرورية ودمجها مع مشاوير ضرورية "هحاول أقلل مشاويري وأضرب مشوارين في واحد لتوفير تمن المواصلات".
كعادتها تستقل ميرفت علي، موظفة بمدرسة حكومية بأخميم، التوكتوك عند ذهابها لمدرستها من شرق أخميم إلى غربها، إلا أنها فوجئت بزيادة أسعار المواصلات، قائلة في حديثها لـ”أهل سوهاج”: “لقد تسببت الزيادة بحدوث مشادة كلامية بيني وبين صاحب التوكتوك، حين أعلن أن أجرته 15 جنيه، بخلاف ما اعتدت عليه في السابق، فقد كانت تبلغ ٧ أو ١٠ جنيهات”، استغربت السيدة كثيرًا لأن الزيادة لم تكن بسيطة، بل الضعف تقريبًا، مشيرة إلى أنها بعد يأسها من التفاوض مع سائق التوكتوك اضطرت لارتضاء السعر.
توضح ميرفت أزمتها بخصوص ارتفاع أسعار المواصلات، فأسعار المواصلات ستكلفها نحو 2000 جنيهًا من مرتبها، نظرًا لأن لديها ثلاثة أطفال يستقلون المواصلات يوميًا إلى مدارسهم، بالإضافة إلى حصول أحد أبنائها على دروس خصوصية بالصف الثاني الثانوي، أي أنه يحتاج إلى ركوب المواصلات بمعدل أكبر.
ترى آلاء محمود، طالبة بالصف الثالث الثانوي، أن الأزمة لا تكمن فقط في ارتفاع أسعار البنزين، بل في استغلال السائقين وعدم الرقابة عليهم، إذ تقول: "سائقي الميكروباصات بيزودوا الأجرة بمعدل كبير، وبيتحججوا ساعات إنهم مش معاهم نص جنيه فكة"، موضحة أن البعض قد يرى أن نصف جنيه لن يزيد الأمر سوءًا، لكنه في الواقع-بحسب رأي آلاء- يسبب أزمة لدى كثيرين، إذ أن ارتفاع كل تعريفة يزيد من عُمق المعاناة.
وعلى الجانب الآخر تجنبًا للجدال مع الركاب، رفع مصطفى أحمد، سائق تاكسي، أجرته نحو خمس جنيهات فقط، يرى أحمد أن الزيادة التي قررها ليست كبيرة "أنا مضطر بسبب زيادة سعر البنزين". في الوقت نفسه لاحظ السائق قلة الإقبال على ركوب التاكسي "بفكر إن الحل البديل يكون في ركوب عدد من الأفراد زي الميكروباص، بس أعتقد الناس مش هتوافق على الحل ده".
علامات الذهول كانت واضحة على وجه عصام علي، مدير مدرسة بالصوامعة، بعدما سمع قرار زيادة أسعار البنزين، نظرًا لأن الزيادة الأخيرة كانت في يوليو الماضي، أي منذ ثلاثة أشهر، وتزامنت الزيادة الحالية مع عودة العام الدراسي، ويتجه علي يوميًا إلى عمله بسيارته، وكان يدفع في السابق 1500 جنيه شهريًا في شراء البنزين، أما الآن سيتكلف نحو 2000 جنيه "عشان كدا قررت أركب مواصلات بدل العربية".
تعد الزيادات الأخيرة مؤثرة على دخل حسناء علي، معلمة بمدرسة بمنطقة الكوثر بسوهاج، إذ تقول إنها تذهب إلى مدرستها يوميًا بالسيارة، وتضطر إلى شراء البنزين أربع مرات شهريًا، فضلًا عن استقلال أبنائها للمواصلات العامة للذهاب إلى الجامعة أو المدرسة "دي هيخلّ بالميزانية".
حينما أعلنت الزيادة صباح الجمعة الماضية، افترضت أصالة محمود، طالبة بالسنة الأولى بمعهد تمريض، أن أسعار المواصلات سترتفع نصف جنيهًا كما اعتادت، إلا أن هذه المرة تفاجئت بزيادتها جنيهًا كاملًا، لذا فبجانب مصروفات الكتب الدراسية ستضطر أصالة إلى دفع ما يقارب 40 جنيهًا يوميًا، إذ تركب الشابة ست مواصلات يوميًا للوصول إلى معهد التمريض البعيد عن قريتها "مش عارفة هعيش ازاي، لأن الميزانية بتاعتي كدا هتضرر".
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في يوليو الماضي إن أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجيًا حتى نهاية عام 2025، مضيفًا أن الحكومة لم تعد قادرة على تحمل عبء الدعم على الوقود وسط زيادة الاستهلاك. وتعهد رئيس الوزراء ألا تجتمع لجنة تسعير الوقود الحكومية مرة أخرى سوى بعد مرور ستة أشهر أخرى.