في السابعة مساء يومي الخميس والجمعة الماضيين، الموافق 10 و11 أكتوبر، اكتظ الملعب الفرعي بمركز شباب مدينة سوهاج بالشخصيات العامة ومتعافين من الإدمان، لمشاهدة فعاليات مباريات البطولة الأولى لكرة القدم على مستوى محافظات الصعيد للمتعافين والعاملين بمراكز الإدمان ومستشفيات الطب النفسي وعلاج الإدمان، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية.
نظم الفعالية المجلس القومي للصحة النفسية والمركز الإقليمي للصحة النفسية، بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة والمركز التخصصي، ومركز أبطال للطب النفسي وعلاج الإدمان بسوهاج.
ضمّت البطولة 10 فرق من سوهاج وأسيوط والمنيا والبحر الأحمر وأسوان، وكان من بينهم 4 فرق من محافظة سوهاج، ففي مباريات يوم الجمعة لعب مركز اليقظة ضد مركز التخصصي لعلاج الادمان، ليحقق المركز التخصصي نتيجة 3/1، بعدها تأهل المركز التخصصي للعب ضد مركز أبطال، محققين تعادل 1/1، ولكن مع لعب ركلات الجزاء تأهل المركز التخصصي للعب ضد فريق أسوان، وفاز المركز التخصصي بأربعة أهداف مقابل صفر لفريق أسوان، مما أهلهم للنهائي ضد أسوان مرة أخرى، وفازوا أيضًا بركلات الترجيح 3 مقابل صفر.
المكافآت والحوافز.. أسلوب تعامل مع المتعافين
بعد إعلان النتيجة تحدثت أهل سوهاج مع بعض مدربي الفرق وبعض الشباب المتعافين من الإدمان، كان من ضمنهم عماد عزوز مدرب فريق الأبطال، فيقول عماد "واجهت صعوبة كبيرة في دمج اللاعبين، وتواصلهم داخل الملعب، وذلك بسبب تأثير التجربة التي خاضوها مع الإدمان، فقد كانت حياتهم قبل التعافي معتمدة على كونهم أفراد منفصلين، لذلك كنت أتبع معهم أسلوب الهدايا والمكافآت لتحفيزهم، والتي كانت تجدي ثمارها".
يستطرد عماد فى حديثه قائلاً "تعتبر هذه البطولة أول بطولة حقيقية على مستوى المحافظات للمدمنين المتعافين، فلقد شاركنا في العديد من المباريات من قبل، لكن بشكل ودي بين مراكز محافظة سوهاج".
أما عن الفوز أِشار عزوز في حديثه "لم يكن لدي أمل في الفوز، قدر ما كنت أتمنى تحقيق الهدف الرئيسي للدورة، وتستطيع التأثير على هؤلاء المتعافين إجتماعيًا ونفسيًا وجعلهم يشعرون بتقبل المجتمع لهم".
الفكر السلبي أكبر عائق للمتعافي
يقول إسلام عشري، مدرب فريق المركز التخصصي، إن الفكر السلبي كان أكبر عائق أمام فريقه "لأن المتعافي يرى نفسه شخص غير مقبول من المجتمع حتى بعد علاجه"، مضيفًا "كان ذلك الشعور المسيطر عليهم في أغلب الأوقات، فمن الصعب استعادة المتعافي حبه لنفسه بهذه السرعة".
فرح سامي منير، أحد اللاعبين بفريق المركز التخصصي، والبالغ من العمر 35 عامًا، الذي تعافى من الإدمان منذ 7 سنوات، بفوز فريقه، أما عن التدريبات فاستمرت لثلاثة أشهر، 3 مرات أسبوعيًا، بالإضافة إلى الذهاب للنادي الرياضي مرة أو مرتين في الأسبوع، بحسب قوله.
منذ ممارسة منير لرياضة كرة القدم وشعر بفارق كبير "تجربة التعافي مع شباب مروا بالتجربة مثلي ساهمت كثيرًا في تغيير نظرتي لنفسي"، وأكمل بقوله "دائمًا أشعر وسطهم بأني شخص محبوب ومقبول، له دور وقصة وطموح، بعد رفض أهلي والمجتمع وجودي؛ فوجدت دافعًا للتعافي والتزمت بالخطة العلاجية".
ويختتم حديثه قائًلا "من صغري بسمع كلمة فاشل، أخوك أحسن منك، والبنت أحسن منك،.. إلخ"، أما حاليًا بعد رحلة تعافيه فيشير بقوله "أصبحت شخص ذو وعي ثقافي أعلى وصحة نفسية وبدنية أفضل".
بجانب كرة القدم كأسلوب علاجي، استخدم منير العلاج بالفن أيضًا "أصبحت أرسم أشياء أحبها وأتأمل فيها"، أما عن التحديات يرى منير أن المجتمع كان العقبة الأكبر "المجتمع لا يزال ينظر إلى ماضي الأشخاص، فلماذا ينظر المجتمع للماضي السلبي للأشخاص ومهاجمتهم والحكم عليهم بالفشل رغم أنه ماضي"، وتمنى منير أن يوجّه المجتمع للتعامل بطريقة أفضل مع المتعافين "لو المجتمع عاوزني ناجح يبقى يدعمني حتى لو بنظرة أو ابتسامة أو كلمة طيبة، يعرفني إني محبوب ومقبول.. وأنا هنجح".
عبّر كذلك محمود جلال، أحد اللاعبين بفريق المركز التخصصي، البالغ من العمر 38 عامًا، ويقطن بمركز الصلعا، عن سعادته، نتيجة شعوره بالقبول مجتمعيًا من خلال ممارسته كرة القدم "لم أتلق دعمًا سوى من مسئول المركز التخصصي، هو اللي عرفني إني إنسان من حقي أعيش وأتعايش زي أي حد طبيعي".
ويختتم حديثه قائلاً "بعد التعافي شعرت بالفرق في جميع نواحي الحياة خصوصًا من ناحية الجسدية، فكنت دائمًا ما أشعر بالعجز أثناء التعاطي، أما عن البطولة فيقول محمود كنت لا أهتم بالفوز أو الخسارة، ولكن مكسبي الوحيد أني وسط الناس".
وأشاد محمد زكريا، وكيل مديرية الشباب والرياضة بسوهاج وأحد حكام البطولة، بأداء اللاعبين في الملعب على المستوى الفني، فيقول شارك فى هذه البطولة 10 فرق من داخل وخارج محافظة سوهاج منهم ٤ فرق من المحافظة نفسها، مُشيرًا إلى أن تلك البطولة تجردت من المعايير والشروط، بهدف دمج المتعافين مع المجتمع، ومؤكدًا على أن ممارسة الرياضة تُعد من أكثر الطرق النافعة للتعافي من الإدمان.