"الكانون" و"الفرن البلدي".. بدائل في مواجهة ارتفاع سعر "أنبوبة البوتاجاز"

أرشيفية من المصدر

كتب/ت حازم الجهيني - حبيبة حجازي
2024-09-25 19:07:11

صباح يوم الأربعاء الماضي، تفاجأ الأهالي بقرار وزارة البترول والثروة المعدنية بزيادة سعر بيع أسطوانة البوتاجاز "غاز الطهي" المنزلي والتجاري، إذ ارتفعت أسطوانات البوتاجاز المنزلي سعة 12.5 كلج من 100 جنيه إلى 150 جنيهًا، بزيادة بلغت 50 جنيهًا عن آخر سعر حدده مجلس الوزراء لسعر الأسطوانة في مارس الماضي.

وكانت تلك الزيادة الثانية خلال عام، إذ قرر رئيس الوزراء في مارس الماضي رفع أسعار أسطوانة غاز البوتاجاز سعة 12.5 كلج إلى 100 جنيه من المستودع للمستهلك، و200 جنيه للأسطوانة سعة 25 كلج.

الزيادة الأخيرة أثقلت الأعباء المادية على أهالي سوهاج، وذلك بسبب الزيادات المتتابعة في العديد من السلع؛ على رأسها الكهرباء والبنزين. فيقول صبحي السيد ذو الـ65عامًا، أحد سكان مركز المراغة بسوهاج، "أتقاضى معاش ذوي الهمم قيمته 800 جنيهًا نظرًا لتقاعدي على كرسي متحرك"، ويمثل المعاش دخل الأسرة الأساسي. 

ووقّعت مصر في مارس الماضي حزمة دعم مالي تبلغ 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تُغذّي التضخم، لكنها تستوجب في الوقت ذاته زيادة في أسعار منتجات محلية عديدة. 

ونتيجة لذلك رفعت الحكومة أسعار عدد من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليار جنيه في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو.

الفرن البلدي بدلًا من البوتاجاز

وبعد زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز قرر السيد، وهو أب لسبعة أطفال، بيع البوتاجاز، وسيصنع فرن بلدي بديلًا له، مُضيفًا في حزن "أنا هكفي ايه ولا ايه". 

ويجلس السيد أمام المنزل لبيع الحلويات والمناديل حتى يوفر مصاريف أسرته الشهرية، كما يساعده في العمل أبنائه ذا الـ16 والـ17 عامًا بجانب دراستهما، وعلى الرغم من ذلك فإن العائد المادي الذي يتحصّلون عليه خلال يومهم، لا يسد حاجاتهم الأساسية في ظل ارتفاع الأسعار. 

لجأت حميدة أحمد، السيدة ذات الـ45 عامًا وإحدى سكان مركز المراغة، إلى تقليل استخدام أسطوانة غاز البوتاجاز مرة واحدة كل شهر، وبحسب حديثها لـ"أهل سوهاج" أكدت على أنها ستعتمد على استخدام الفرن البلدي يوميًا، مستطردة في حديثها "أسكن بجانب الأراضي الزراعية، وعند شراء أسطوانة الغاز أحملها من المركز إلى منزلي"، ولكن بعد ارتفاع سعر أسطوانة الغاز ستتخلى عنها، مضيفة "وسأعمل على تجميع القمامة والقش المتبقي من أوراق الشجر والنخيل القابلة للاشتعال لأستخدمها في إشعال النار في الفرن البلدي". 

 وتُعلّق حميدة على أزمة ارتفاع غاز البوتاجاز قائلة "قبل الزيادة الأخيرة كانت أسطوانة البوتاجاز لا تكفي الشهر"، مستكملة حديثها "يعني هيبقى فيه نقص في الغاز اللي جوا الأنبوبة وكمان سعرها زاد، يبقى بلاش منها خالص"، مُشيرة إلى أن والدتها تعاني من أمراض الضغط وضيق التنفس، مما سيجعلها تواجه صعوبة عند استعمال الفرن البلدي، وستضطر حميدة إلى إخراج والدتها خلال عملية إشعال النار.  

وتعول حميدة عائلتها بعد وفاة والدها، إذ إنها تعمل في مجال تربية الطيور والأغنام، وهو ما يعتبر الدخل الأساسي للأسرة. 

ويعلق علي السيد، رب أسرة ولديه طفلين وأحد سكان مركز المراغة، على أزمة رفع سعر غاز البوتاجاز قائًلا إن زوجته ستلجأ إلى تقليل استخدام البوتاجاز في طهي الطعام، كما اضطرت إلى الامتناع عن صناعة المخبوزات لتوفير الغاز، واستطرد في حديثه قائلًا "تزامنت أزمة رفع سعر أسطوانة غاز البوتاجاز مع موسم دخول المدارس"، مستنكرًا الزيادة بقوله "أنا دفعت مصاريف مدارس ولادي الاتنين 1600 جنيه، ومش عارف هكفي باقي الزيادة دي ازاي؟!". 

يُعد علي السيد ضمن أسر محدودي الدخل، إذ يعمل بـ"اليومية" في مدينة سوهاج وقراها، ويسافر خلال إجازته إلى مدينة العلمين الجديدة كي يعمل على تحسين مستوى دخله. 

"الكانون".. خيار آخر  لمحدودي الدخل

سنية السيد ستلجأ إلى استخدام "الكانون" الذي يستغرق وقتًا طويلًا لطهو الطعام، وستستغني تمامًا عن صنع المخبوزات تمامًا التي تحتاج إلى البوتاجاز أو الفرن البلدي، مُستكملة حديثها قائلة إنها مُنفصلة وتعول طفلة، فيما تتقاضى معاش المطلقة بما يُقدّر 400 جنيهًا "والمعاش لا يكفي احتياجات الحياة الضرورية من مأكل وملبس ومشرب"، لذا تعمل سنية في حصاد وزراعة الأراضي الزراعية لسد احتياجاتها. 

لم يكن يعلم خالد عليش، أحد تجار بيع أسطوانات غاز البوتاجاز، أن سعر الأسطوانة سيرتفع، ليفاجأ به الأسبوع الماضي، فاضطر عليش إلى رفع سعر أسطوانة الغاز التي تبلغ حجمها 12.5 كلج للمستهلك من 150 إلى 165 جنيهًا "لتوفير سعر بنزين التروسيكل الذي يحمل أسطوانات الغاز"، ويستطرد عليش في حديثه قائًلا إن سبب زيادة سعر أسطوانة غاز البوتاجاز، هو زيادة سعر الغاز المعبأ بها وتكاليف النقل. 

وفي نهاية العام الماضي ارتفعت أسعار أنابيب البوتاجاز في سوهاج، بسبب نشوب حريق في مصنع البوتاجاز بمحافظة قنا في ديسمبر الماضي، مما رفع سعرها إلى 200 و300 جنيه، لعدم توافرها في المستودعات والاحتكار الذي فرضه التجار، وأرجع عليش الأزمة إلى غياب الرقابة من الجهات الرسمية. 

ويضيف مخلوف السيد، عامل بمستودع بمركز المراغة، أن أزمة حريق مصنع قنا أجبرت المستهلكين وقتها إلى إيجاد بدائل "في القرى اضطروا إلى استخدام الكانون والفرن البلدي، أما سكان المدن فلجأوا إلى وابور الجاز". 

وعلّق فتحي السيد، أحد تجار بيع اسطوانة غاز البوتجاز، بعد ارتفاع سعرها وقلة إقبال الناس عليها، قائلًا "الناس بتسألني عشان تعرف السعر فقط، والقليل منهم يقبل على شراء أسطوانة واحدة".

واستندت الزيادات الجديدة إلى قرار مجلس الوزراء الذي صدر في 27 يونيو عام 2019، بترشيد دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعي وتفويض رئيس مجلس الوزراء وزير البترول والثروة المعدنية باتخاذ الإجراءات اللازمة.

وتسعى مصر إلى تقليل نفقات احتياجاتها من الغاز الطبيعي، في إطار إجراءاتها التقشفية لتوفير العملة الصعبة، وهو ما دفع الحكومة في يوليو الماضي إلى إعلان تخفيف أحمال الكهرباء، نظرًا لما ساهمت فيه زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية، من زيادة حجم استهلاك الغاز الطبيعي المستخدم في إنتاج الكهرباء.

وفي أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة عن ترشيد استهلاك الطاقة لخفض كمية الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وقال مدبولي آنذاك "كلما خفضنا استهلاك الكهرباء، وفرنا مزيدًا من العملة الصعبة".