أطلقت مكتبة رفاعة الطهطاوي يوم الثلاثاء الماضي، مبادرة المكتبة المتنقلة، فقد شعر مدير المكتبة، صلاح الجعفري، بمعاناة سيدات القرى المحيطة بسبب بُعد مسافة القرية عن المكتبة الواقعة في مدينة سوهاج، ما يمنعهن من التردد على المكتبة.
وبحسب حديث الجعفري لـ"أهل سوهاج"، فإن الدافع الرئيسي الذي جعله يُطلق المبادرة، هي مكالمة هاتفية دارت بينه وبين إحدى سيدات القرى، وكان فحواها "نحن سيدات القرى الكثير منا مُتعلمات، لكن العادات والتقاليد تمنعنا من الذهاب للمكتبة للقراءة"، فحتى الآن لا تزال نظرة المجتمع إلى السيدات تمنعهن من ممارسة الأنشطة.
تهدف المبادرة لتوصيل الكتب إلى الأمهات والأطفال في القرى والمراكز التي لا تتوافر لديهن إمكانية الحضور إلى المكتبة، على أن تتولى عملية الاستعارة إحدى السيدات من رواد المكتبة من كل قرية، تستطيع الحضور للمكتبة مرة كل شهر، كما يقول الجعفري، وذلك تيسيرًا عليهن من مشقّة الحضور أسبوعيًا.
ويؤكد الجعفري أن الاستعارة متاحة على أي كتاب ضمن المكتبة، وفي جميع المجالات، بنحو 20 كتاب في عملية الاستعارة الواحدة، وتقوم السيدة بتوزيع الكتب على سيدات وأطفال القرية.
القراءة رغبة الجميع
لاقت الفكرة استحسانًا كبيرًا لدى رواد المكتبة ومُتابعي المجموعة الخاصة بها على موقع الفيسبوك، ومن بين التعليقات طالبت إحدى الفتيات بتطبيقها في قريتها نظرًا لحبهم للقراءة، وأكملت قائلة "لكن فعلًا محدش بيقدر ينزل سوهاج كتير والأغلبية مش بيطلعوا برة القرية".
وطالبت فتاة أخرى بتطبيقها ليس فقط في القرى، بل في بقية مراكز المحافظة بسبب بعد المسافة بين تلك المراكز ومدينة سوهاج.
ونفّذ الجعفري أولى عمليات الاستعارة، الأربعاء الماضي، إذ قامت سيدة من قرية الصلعا باستعارة الكتب، وتولت مهمّة توصيلها لنساء وأطفال قريتها، وتبعد الصلعا عن مدينة سوهاج نحو ثلث ساعة.
سلسلة من المبادرات
لم تكن تلك المبادرة هي الأولى بالمكتبة، فقد نفّذ الجعفري عدد من المبادرات المهتمة بالتثقيف، منها مبادرة "اترك الهاتف وصاحِب كتاب"، التي أطلقها في إجازة نصف العام للطلاب، لحثّهم على القراءة خلال تلك الفترة، ولم يكتفْ الجعفري بذلك فقط، بل قام بتكريمهم.
وانبثق عن تلك المبادرة، مسابقة تُعني بتلخيص الكتب، وشارك فيها 60 شخص، كُرّموا أيضًا. ومن بين المبادرات الأخرى التي أطلقتها المكتبة، "أنشودة رمضان"، وتتضمنت التلاوة والإنشاد والشعر والقصة، وفاز فيها 18 مشارك، كما ذكر الجعفري.
لن تكون مبادرة المكتبة المتنقلة الأخيرة بمكتبة رفاعة الطهطاوي، بل حلقة ضمن سلسلة من المبادرات التي ستنطلق مع الإجازة الصيفية. ومنذ عام ونصف يُحاول الجعفري زيادة عدد رواد المكتبة وقرائها، وإتاحة الفرصة لغير القادرين أيضًا على القدوم للمكتبة، عبر تلك المبادرة، إذ شغل منصب مدير المكتبة في عام 2023.
يُذكر أن مكتبة رفاعة رافع الطهطاوي، هي واحدة من أكبر ثلاث مكتبات أثرية على مستوى الجمهورية، وإحدى المعالم الحضارية بمحافظة سوهاج، حيث تضم 1437 مخطوطًا نادرًا، و16 ألف مطبوعة. كما تحوي العديد من النوادر الخطية وأمهات الكتب، منها مخطوطات عتيقة ترجع إلى القرن الرابع الهجري.
كما تحتوي على مؤلفات الشيخ رفاعة الطهطاوي، وهو من قادة النهضة العلمية خلال القرن التاسع عشر، وُلد في 15 أكتوبر 1801 بمدينة طهطا بسوهاج، وبحسب موقع هنداوي، فقد قدّم الطهطاوي مشروعًا نهضويًا رائدًا، استفادت منه الحركة الثقافية والعلمية في مصر، وبُني عليه من خلفه من جيل النهضة المصرية أوائل القرن العشرين.