رغم زيادة الأراضي المنزرعة في سوهاج بنسبة 5% عن العام الماضي، إلا أن المزارعين اختلفوا بين الرضى وعدمه في نتاج محصولهم من القمح هذا العام.
ووصل توريد محصول القمح حتى الآن في محافظة سوهاج إلى 69 ألفًا و307 طنًا و915 كيلو من الأقماح بالشون والصوامع بنطاق المحافظة منذ بدء توريد الأقماح، وفقًا لما أعلنه المهندس محمد إبراهيم، وكيل وزارة التموين بمحافظة سوهاج، حيث وصلت المساحات المنزرعة بالقمح حتى الآن إلى 183 ألفًا و518 فدانًا، وتتصدر مدينة سوهاج هذا السباق، وذلك وفقًا لإحصائية قسم الاستلام والتخزين لشركة مطاحن مصر العليا بسوهاج.
ومن المتوقع إنتاج 350 ألف طن أقماح خلال الموسم الحالي، وقد جرى تجهيز 17 موقعًا تخزينيًا ما بين "صوامع، وشون"، تتسع لأكثر من 169 ألف طن قمح.
اللجوء إلى السوق السوداء
وفي حديثه لـ"أهل سوهاج" أشار محمود درويش، الذي يقطن بمنطقة الغزل، وقضى نحو 50 عامًا من عمره في الزراعة، أن نقابة الفلاحين لا توفر لهم القدر الكافي من الأملاح التي تحتاجها المحاصيل، بالإضافة إلى التقاوي التي تكون مدعمة، ولكن يُصرف عدد شكائر غير كافي، مما يضطره للشراء من السوق السوداء التي يصل سعر الشيكارة ذات الـ30 كيلو إلى 1500 جنيهًا، وهو ضعفي سعر الشيكارة الأصلي الذي أعلنت وزارة الزراعة في نهاية 2023 أنها ستوفره مقابل 550- 650 جنيه.
وطالب درويش أيضًا بإيقاف نظام المناوبات الذي يسمح للمزارع بالمياه بضعة أيام فقط، ثم الإغلاق لأكثر من ٢٠ يومًا، الذي يضر بالمحصول.
أعباء الفلاح تزيد
ورغم زيادة سعر الأردب إلى 2000 جنيه، بعد إعلان الحكومة الزيادة في مارس الماضي بحوالي 500 جنيه عن سعرها السابق، لم يكن درويش راضيًا، مُوضحًا أن تلك الزيادة لا تُقدّر الأشغال التي يقوم بها المزارع؛ منذ بداية حرث الأرض وشراء شكائر القمح والمبيدات والأسمدة، وفي موسم الحصاد تظهر مشكلة قلة الأيدي العاملة، ومعها زيادة عمولة الفرد الواحد.
بالإضافة إلى رسوم الضيافة التي يتكبدها المزراع أثناء عمل العمال، وأجرة المقاول التي ازدادت نحو 150 جنيهًا، ووصلت إلى 350 جنيهًا. ويذكر درويش أن هذا العام قام بزراعة 2 فدان نفس مساحة العام الماضي، وسيقوم بتوريد 30 أردب للدولة.
وأوضحت وزارة الزراعة أن سعر الأردب (150 كيلو جرام) من القمح ارتفع ثمنه لموسم حصاد القمح 2024 ليصل إلى 2000 جنيهًا، وذلك وفقًا لدرجة النقاوة، 2000 جنيهًا لدرجة نقاوى 23.5، و1950جنيهًا لدرجة نقاوة 23، و1900جنيهًا لدرجة 22.5.
المزارع محمد إمام أيضًا كان راضيًا عن محصول القمح هذا العمل، وذلك بسبب زراعة 2 قيراط (الفدان به 24 قيراط) من محصول القمح ليكونوا أردب واحد هذا العام، مُوضحًا أن المحصول من أجل الاستخدام الخاص كخزين للمنزل، فلم تتغير مساحة الأرض المنزرعة بالقمح عن السنة الماضية بالنسبة له، ولكن الفارق في كمية المحصول التي جناه.
كما نجح في حل مشكلة نقل التبن الذي يُطلق عليه "قش القمح" الناتج بعد الحصاد بعدم بيعه، مُحققًا اكتفاءً ذاتيًا لماشيته "فهو غذاء طبيعي للمواشي"، على حد قوله.
قلة الأيدي العاملة في موسم الحصاد
لكن محمود عربي توفيق، 18 عامًا، الذي يساند والده بأعمال الحصاد هذا العام،ويعمل عمل إضافي بجانب الزراعة، ويقوم بزراعة القمح والمحاصيل المختلفة كالبرسيم والفول والبصل والبطاطس، واجه عدة مشكلات في موسم الحصاد الحالي، وكانت المشكلة الأولى هي عدم توافر الأيدي العاملة.
ومع ارتفاع أسعار النقل، وثبات سعر التبن عند 300 جنيه للحملة (250 كيلو)، اضطر توفيق إلى رفع يومية العامل، ومع مقارنتها بأرباح التبن تكون خسارة نظرًا لاعتماد المزارعين على بيع التبن، وبسبب مشكلة غلاء أسعار التقاوي والمبيدات وصعوبة توافرها كان الحل الاتفاق مع موزع.
سيورد توفيق هذا العام حوالي ١٠ أطنان من القمح، نظرًا لتحسّن الإنتاج عن العام الماضي الذي زادت فيه درجات الحرارة، مما سمح لحشرة المَن بالتكاثر وإلحاق الضرر بالمحصول.
ويذكر توفيق أن أكثر موسم كان مُرضيًا عام 2021، ويرجع ذلك إلى مساحة الكمية الكبيرة المنزرعة وقتها، والاحتياطات التي اتخذها من حيث رش المبيدات المناسبة لمحاربة حشرة المَن.
وفي رأي توفيق فإن أغلب المشكلات تتمحور حول غلاء أسعار التقاوي والمبيدات والأسمدة، فضلًا عن عدم الوصول إليها بسهولة، كما أشار إلى مشكلة نقل التبن وقلة الأيدي العاملة في وقت الحصاد، بالإضافة إلى درجات الحرارة العالية التي تساعد الحشرات على النمو والتغذي على المحصول، وأكد المزارع أن الفلاحين لا يستعينون بنقابة الفلاحين أو مديرية الزراعة لمساعدتهم.
نقابة الفلاحين: الحكومة تضع المزارع في أولويتها
وصرّح علاء طايع، نقيب الفلاحين بالنقابة العامة بسوهاج، لـ"أهل سوهاج" بأن موسم الحصاد لهذا العام بدأ منذ منتصف إبريل، وينتهي عادة بمنتصف يونيو، وأضاف أن نسبة التوريد زادت عن العام الماضي، وذلك لارتفاع مساحات الأراضي المنزرعة بالمحافظة بمختلف مراكزها، بسبب تحسين جودة التقاوي المستخدمة مثل الجميزة وسدس 12.
ورغم شكاوى المزارعين حول ارتفاع تكلفة الانتاج وعدم توافر التقاوي والأسمدة المدعمة، يرى طايع إن "الحكومة تضع الفلاح في بداية صفحة أولوياتها" على حد قوله، مدللًا برفع سعر الأردب عن العام الماضي بـ500 جنيهًا تقريبًا.
أما بخصوص شكاوى المزارعين حول "التقاوي والأسمدة"، حمّل طايع الجمعيات الزراعية المسؤولية عن ضرورة تسليم الأسمدة للمزارعين حتى لا تؤثر في جودة الإنتاج.
ويوضح أشرف عطية، الحاصل على دكتوراه في الهندسة الوراثية بالقمح، أن مشكلات الفلاحين ازدادت مع التغيرات المناخية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، مما ساهم في انتشار حشرة المن التي تصيب محصول القمح، وتكوّن إفرازات عسلية مما يحدّ من كمية المحصول، وأكد عطية أن الفلاحين يُقابلوا مشكلات عديدة بالفعل، فبجانب زيادة تكلفة العمالة أثناء عملية الجمع والحصاد، يوجد ارتفاع أيضًا في سعر أعمال الدراس وفصل القش عن البذور، وأسعار النقل.