لم يشعر أغلب مواطنو سوهاج بتأثير قرار خفض أسعار الخبز السياحي والإفرنجي عليهم، فعلى الرغم من تطبيق القرار منذ أسبوعين، وتأكيد شعبة المخابز بسوهاج على وجود حملات مكثفة لمراقبة ومتابعة الأسواق، إلا أن القرار لم تُطبقه أغلب مخابز المحافظة بسبب ارتفاع تكلفة التصنيع عليهم.
وأصدر علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، في 21 أبريل، قرارًا وزاريًا رقم 15 لسنة 2024 بشأن تنظيم أسعار الخبز السياحي الحر والفينو، ونصّ القرار أن تكون أسعار الفينو جنيه واحد للرغيف الصغير وزن 35 جرامًا، و150 قرشًا للرغيف وزن 50 جرامًا، كما شمل القرار تحديد أسعار الخبز السياحي الحر أيضًا بنسب تخفيض تتجاوز الـ25% مقارنة بالأسعار القديمة، بحسب بيان من الوزارة.
وجاء قرار التموين بعد مطالبة من الشعبة العامة للمخابز البلدية باتحاد الغرف التجارية، بضرورة خفض أسعار الخبز السياحي والفينو، تزامنًا مع تراجع أسعار الدقيق الفاخر بنسبة تجاوزت الـ32%، إذ يتراوح السعر حاليًا بين 15.5 و16 ألف جنيه، مقارنة بـ23 و24 ألف جنيه.
الأهالي يعانون
وتقول ولاء عبدالرحمن، أم لثلاثة أطفال، إن الأسعار لا تزال كما هي قبل القرار بالقرب من منزلها في مركز أخميم، إذ تشتري كيسين من الحجم الصغير يوميًا بـ20 جنيهًا، أما الخبز الفينو فتقوم بشراء كيس يوميًا بـ15 جنيهًا.
وفي حالة رغبتها في شراء الخبز بالتسعيرة الجديدة، تضطر للذهاب إلى مخابز منطقة الشرق التي تبعد عنها ربع ساعة، وبإضافة تكلفة المواصلات لا تستفيد من القرار "عشان كدا بضطر أشتري من المخابز جمب البيت"، وتطالب ولاء بتكثيف الحملات الرقابية للالتزام بالقرار.
على العكس منها فإن المخبز القريب من منزل سلمى أسعد في منطقة كذالوفا يُطبق القرار، وتذكر سلمى أنها كانت تشتري أربعة أكياس من الخبز السياحي يوميًا، وتقول: "لكن بعد تطبيق القرار أشتري كيسين فقط، وهذا يرجع لزيادة حجم الخبز"، وانخفضت الميزانية التي كانت تُنفقها إلى النصف، وتضيف بقولها "كنت أنفق 40 جنيهًا يوميًا قبل تطبيق القرار، أما حاليًا أنفق 20 جنيهًا فقط".
لكن لا تزال أسعار الخبز الفينو بما كانت عليه قبل القرار، ولم تر سلمى أي مخبز داخل منطقتها يُطبق القرار، وتذكر "كيس العيش الفينو لسة بــ15 جنيهًا".
تخالفهم في الرأي هند حافظ، أم لــ٤ أطفال، فتقول إن القرار مطبق في المخابز المجاورة لها في شرق مركز أخميم، وترى أن القرار ينعكس إيجابيًا على المواطنين، خاصة وسط الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الرئيسية.
ولم تجد شيماء عبدالله أي مخابز داخل منطقة الأرقم بمدينة سوهاج التي تسكن بها يطبق القرار، فلاحظت ربة المنزل أن المخابز لم تُخفض الأسعار، كما لم يزداد حجم الخبز، وتقول: "سعر كيس الخبز السياحي الحجم الصغير بـ10 جنيه، والكبير بـ20 جنيه، وكيس الخبز الفينو لسة بـ15 جنيه ونفس الكمية".
وتتمنى شيماء أن يُنفّذ القرار، خاصة بالنسبة للخبز الفينو التي تحتاجه لإفطار أطفالها في المدرسة، وتنفق السيدة يوميًا في شراء الخير نحو 50 جنيه، إذ تشتري كيسين من خبز الفينو وكيس خبز سياحي صغير.
وفي حديثه لـ"أهل سوهاج" علّق محمد إبراهيم وكيل شعبة التموين بمحافظة سوهاج، أن قرار شعبة المخابز جاء بعد وضع تكلفة عادلة وهامش ربح عادل للخبز السياحي والإفرنجي، كذلك بعد دراسة الخامات والعمالة والكهرباء وتكاليف الإنتاج وهامش الربح لصاحب المنشأة.
وبحسب ما ذكره فقد بدأوا في تنفيذ القرار ونزول الحملات الرقابية للتأكد من تطبيق القرار وضبط المخالفين، وتطبيق قانون 163 لسنة 50 وقانون 281 لسنة 1994 عليهم، إذ تصل عقوبة غير الملتزم بالقرار إلى الحبس خمس سنوات.
من يتحمّل تكلفة التصنيع؟
ومن المخابز التي طبّقت القرار يقول أحمد عبد السلام، صاحب مخبز بمنطقة الزهراء، إن مكسبه لا يزال ثابت كما هو، ويرى أن الخبز بهذا السعر طبيعي.
ويلفت محمد تمام، صاحب مخبز للخبز الفينو بمنطقة سيتي، النظر إلى أن التخفيض شمل الدقيق الذي يُصنع منه الخبز السياحي فقط، أما الدقيق الذي يُصنع منه الخبز الفينو فلا تزال أسعاره مرتفعة، فبحسب حديثه يقول: "أسعار دقيق الفينو ما بين 23 ألف و33 ألف جنيه".
كما أن مكونات الخبز نفسها لا تزال مرتفعة الثمن، مثل السمن والسكر، فضلًا عن إيجار المخبز نفسه، ورواتب العمال، بالإضافة إلى سعر الكهرباء والغاز الذي يحتاجهم، ويضيف "كل هذه التكاليف يتحملها صاحب المخبز وسعرها لسة مرتفع".
ويوضح تمام أن أزمة ارتفاع سعر الدقيق حدثت منذ حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، وإلى الآن لم تُحلّ الأزمة كليًا.
ومن جهته حاول تمام حلّ المشكلة بعمل نوعين من الخبز؛ نوع مصنوع بدقيق التموين، أو ما يُعرف باسم "الدقيق الشعبي"، وهو الأقل ثمنًا، وبالفعل طبّق عليه التسعيرة المحددة، أما النوع الآخر الذي يستخدمه فهو الدقيق المستورد، وثمن الرغيف الواحد جنيه ونصف.
لكن لم يرى تمام إقبال على الخبز المصنوع من الدقيق الشعبي، نظرًا لسوء جودة الدقيق المستخدم، لذا لجأ صاحب المخبز بزيادة أعداد الخبز المصنوع بالدقيق المستورد مع تقليل حجمه ليتناسب مع سعره، لكنه وجد أن حجمه صغير بشكل مبالغ فيه، كما أن الأجهزة الكهربائية بدأت تتهالك، فعاد للحجم المعتاد مع تحمله للخسارة، بحسب قوله.
ويذكر تمام أن قيمة الخسارة بلغت نحو 8500 جنيه في الفترة الماضي، فضلًا عن انقطاع الكهرباء مما يؤثر على إنتاجية المخبز، إذ يقول: "عجين الخبز ميستحملش ساعتين في عملية التخمير، واضطريت بسبب كدا أرمي الخبز".