حالة من الغضب انتابت أهالي قرى محافظة سوهاج ومزارعيها، بسبب الانقطاع المتكرر للمياه خلال الفترة الأخيرة؛ والذي أُعلن أنه نتيجة ما يعرف بالسدة الشتوية وينتهي فور انتهائها، إلا أن واقع الأمر كان مختلفًا.
في يناير الماضي، أعلنت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة استعدادها لمواجهة نقص المياه السطحية في نهر النيل خلال فترة السدة الشتوية، من 9 يناير حتى 7 فبراير الماضي، والذي يؤدي إلى انقطاع المياه، إلا أن السدة الشتوية انتهت وما تزال المياه تنقطع على الأهالي والفلاحين.
السدة الشتوية هي إجراء سنوي تنفذه وزارة الموارد المائية والري منذ بناء السد العالي، بهدف أعمال الصيانة والتطوير في شبكات الري والصرف ومجرى النيل وفروعه، وخلال هذه الفترة تشهد انخفاضًا كبيرًا في منسوب المياه بهم.
كما حددت الشركة المراكز والمناطق المتأثرة، إذ بلغ عدد المناطق المتأثرة 8 مناطق في مركز سوهاج، وفي أخميم 10 مناطق، وفي المنشأة منطقتين، ومركز جرجا 7 مناطق، ومركز دار السلام منطقة واحدة.
وحينها أوضحت الشركة أن هناك عدة حلول منها تشغيل محطات المياه «الارتوازية» كبديل للمحطات المتأثرة بنقص المياه بنهر النيل والترع، وتوفير سيارات مياه شرب نقية للمناطق المتأثرة، واستقبال الشكاوى من المواطنين عبر الخط الساخن.
إلا أن الأهالي عانوا من الانقطاع دون أن تؤثر تلك الحلول فيهم لا سيما أن السدة انتهت والانقطاع مستمر. «أهل سوهاج» تحدث مع البعض منهم.
رقية كامل، إحدى المتضررات من مركز أخميم، إذ تشتكي من أن المياه ما زالت تنقطع لديها منذ بداية الشتاء وإلى الآن حتى بعد انقضاء فترة السدة الشتوية، وتستخدم ماتور لرفع ضغط المياه، والفلتر للتخفيف من تلوثها إذ تأتي بعد الانقطاع من ١٢ ظهرًا وحتى وقت المغرب ملوثة بشدة.
توضح أن الماتور ضروري طوال العام بسبب انخفاض الضغط الدائم وانقطاع المياه: «لكن يزداد احتياجنا لتلك الحلول البديلة هذه الفترة، مما يؤثر بشكل سلبي علينا، بسبب ارتفاع تكلفة كارت الكهرباء وزيادة عدد الشمعات المستهلكة في الفلتر لإنتاج مياه صالحة للشرب».
رحمة خالد، ربة منزل، تقطن في منطقة المحامدة، تقول: «أشعر بالإرهاق طول فترة السدة الشتوية التي اعتدنا عليها كل عام في تخزين المياه، أنا لدي أطفال صغار في حاجة إلى تغيير الملابس باستمرار، لذلك أضطر إلى تسخين المياه المخزنة عند استخدامها».
توضح أن الانقطاع يحدث في شهر يناير ويستمر لمدة 40 يومًا، حيث كانت تنقطع المياه طول فترة النهار وتأتي الساعة 12 منتصف الليل وتنقطع مجددًا في أثناء الفجر، ما يجعلها تصحو في تلك الأوقات خصيصًا لتخزين المياه.
وأثر الانقطاع على فاتورة الكهرباء والكارت نتيجة تخزينها للمياه نهارًا ويجعله ينفد سريعًا، مما يمثل عبء مادي بسبب زيادة استخدام معدل الكهرباء والمياه، مطالبة المحافظة بالاسراع في حل المشكلة والاكتفاء بالانقطاع خلال فترة السدة الشتوية.
الفلاحون أيضًا كان لديهم معاناة شديدة مع الانقطاع المتكرر للمياه وتأثيره على الأراضي الزراعية، يقول محمد علي، مزارع في منطقة المحامدة، إن خلال فترة السدة الشتوية تتأثر أرضه الزراعية بسبب أن المياه تنقطع في مواعيد الري.
ويضيف: «مما يضطرني إلى ري الذرة قبل موعد بدء السدة الشتوية وانتظر حتى موعد انتهائها كي استطيع الري المرة الثانية، ونطالب المحافظة بتحديد مواعيد للانقطاع والالتزام بها حتى لا تتأثر المحاصيل».
أسامة صلاح، مزارعًا في مركز المنشأة، يؤكد أن الإنتاج معدوم هذا العام من محصول البرسيم، بسبب عدم ريه لأكثر من شهر كامل: «لم يكن أمامي سوى الانتظار حتى انتهاء تلك الفترة، بسبب عدم وجود دعم من محطات الارتوازي وإجراء صيانة بترعة الفؤادية».
ويوضح أنها الترعة الرئيسية التي يعتمد عليها المزارعون في الري خلال فترة السدة الشتوية، موضحًا أن أبرز المحاصيل التي تأثرت هي البطاطس والثوم والطماطم والمحصول الأكثر تأثرًا وهو البرسيم.
وضعنا كل تلك الشكاوى أمام محمد حمدي، مسؤول سلامة وصحة مهنية في فرع المراغة التابع لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة، إذ يؤكد أن الشركة تستعد قبل دخول السدة الشتوية، بوضع خطة واضحة لكيفية تغذية المناطق المتأثرة بالمحطات الارتوازية.
ويقول: «وفي الحالات القليلة التي لا تحصل على هذا الإمداد بمجرد تقديم شكاوى تصل إليهم المياه بسيارات نقل مخصصة فورًا، والمتابعة بصورة مستمرة من قبل الخط الساخن مع المواطنين كما وضعت الشركة خطة إحلال وتجديد الشبكات داخل المحافظة بأكملها للصالح العام».
في نفس الوقت تؤكد كلثوم أحمد، إحدى قاطنات نجح أبو حمادة، أنه لا بدائل ولا سيارات تصل إليهم وقت انقطاع المياه بعد فترة السدة الشتوية واختلاف المواعيد، تقول: «مدة الانقطاع كانت تستمر إلى ٣ ساعات بالنهار وساعة بالليل، مما يعيق حياتي وأعمال المنزل ولا نستطيع التخزين لأن المياه التي تأتي تكون ملوثة ونعتمد على الماتور إذا كان متاحًا».
بينما يكشف فني معمل في شركة مياه الشرب والصرف الصحي بسوهاج -رفض ذكر اسمه- أن سبب المشكلة هو اختلاف منسوب سحب المياه من المآخذ «وهي نقطة سحب المياه من المجرى المائي».
ويشرح: «لأنه في أثناء فترة السدة الشتوية المنسوب يقل، وعند تشغيل المحطات الارتوازية يحدث اختلاف في ضغط المياه التي تكون الشبكة معتادة عليه ما يعرضها للكسر نتيجة اختلاف الضغط داخلها».