أزمة قوية وواسعة، أحدثها الحريق الذي نشب في مصنع الغاز بمحافظة قنا، إذ يخدم أغلب محافظات الصعيد، لكن منذ حريقه وحدث شح في أسطوانات الغاز التي تعتمد عليها ربات البيوت، وارتفعت أسعارها من 85 إلى 150 و300 جنيه في بعض المناطق، وسط شكاوى من المواطنين من عدم وجود أي ضوابط لحقت هذا الشح للحد من استغلال الأزمة ورفع السعر وفقًا لمحتكري الأسطونات.
البداية كانت في ديسمبر الماضي، حين نشب حريق داخل مصنع البوتاجاز بمركز قفط بمحافظة قنا، بسبب انفجار أسطوانة غاز، ونجحت جهود الأمن الصناعية من السيطرة على الحريق دون وقوع ضحايا أو مصابين، لكن ما تلاه أحدث أزمة في الشح والأسعار والاحتكار.
السيد خلف، أحد الأهالي المتضررين، يقيم في قرية المحامدة البحرية، تأثر بأزمة نقض أنابيب البوتاجاز بعد الحريق، وحاول توصيل الغاز إلى منزله إلا أن الشركة رفضت بسبب صغر حجم منزله.
يقول: «لا استطيع شراء الأسطوانات بسبب وصول سعرها إلى 150 جنيهًا بعد الأزمة، ولجأت زوجتي إلى استعمال وابور الجاز القديم، كبديل وتشعله بعيدان الذرة إلا أن الأدخنة الناتجة عنه تعبت أطفالي».
حيلة أخرى لجأ إليها أحمد محمود، 43 عامًا، يقطن في قرية بناويط، ينتظر وقتًا طويلًا للحصول على أسطوانة البوتاجاز وفي حال لم يستطع، يجمع عددًا من الأخشاب والقش وأفرع الأشجار لإشعال النار بها، واستخدامها كبديل لحين توافر أسطوانة البوتاجاز.
أما عن الأسعار يوضح أن سعر الأسطوانة الواحدة وصل إلى 300 جنيه، بعدما كانت قبل الأزمة تباع بـ85 - 95 جنيهًا، ما أثر على أعمال منزله من الطهي وغيره.
كان الأمر أكثر صعوبة مع محمد السيد، 55 عامًا، والمقيم في نجع الناسخ بمركز المراغة، إذ إنه مريض قلب ويحتاج إلى طهي الطعام في أوقات تناول الدواء وعدم التأخير، كما أصبح يستحم بماء بارد بدلًا من الساخن بعد أزمة أسطوانات البوتاجاز مما أثر على صحته.
ويذكر محمد أن سعر الأسطوانة قبل الغلاء كان 85 جنيهًا، ولكن حاليًا بسبب عدم توافرها في
المستودعات الخاصة بها، يجبر على شرائها بأسعار مرتفعة تصل إلى 300 جنيه.
يعاني مركز جرجا من هذه الأزمة أيضًا، إذ يوضح نور الدين، يقطن في قرية بيت خلاف، أن الأزمة بدأت لديه منذ حوالي 30 يومًا، فعندما يذهب إلى المستودعات يرفض الموزعون إعطاءه بسبب التزاحم، وعندما يجد أسطوانة يكون سعرها في حدود ١٠٠ إلى ١٢٠ جنيهًا، بالإضافة إلى تقليل كمية الغاز التي كانت موجودة عن قبل.
بينما تشتكي منه الله، 18 عامًا تقطن في نجع الماسخ بمركز المراغة، من عدم توافر أسطوانات البوتاجاز، فاضطرت إلى جمع الأخشاب والقش للاشتعال، ولكن انبعاثات الأدخنة الضارة منها أصابت شقيقتها بمرض في الجهاز التنفسي، ومكثت فترة طويلة حتى تشفى، فضلًا عن تخوفها من حدوث اشتعال في الفرن البلدي بسبب وجود مواد قابلة للاشتعال، فسبق وتمكنت النيران من جسد شقيقتها الكبرى.
وأمام تلك المعاناة للمواطنين مع اختفاء أسطوانات البوتاجاز، يلقى موزعي الأسطوانات باللوم عليهم. يقول أشرف حسين، موزعًا للأنابيب في نجع الشعارنة الغربية، أن هذه الأزمة سببها المواطن نفسه.
يوضح: «الأزمة دي يعتبر عملها المواطن لأن كل اللي عنده أسطوانتان أو تلاتة استبن حب يغيرهم لما سمع أن في أزمة وحريق المصنع كنوع من الاحتياط عشان بيته ودا أثر على حصة الباقي».\
ويوضح أشرف أن المستودع الخاص بالمنطقة تصل إليه حصته من الأسطوانات بشكل دوري، ولكن بسبب العجز الحادث في مستودعات المناطق القريبة التي لا تصل إليها عربات المصنع، أصبح الضغط أكبر على مستودع منطقته، وهو سبب الأزمة، بالإضافة إلى العربات المساعدة التي كانت تأتي من خلال مفتشي التموين والتي تساعد في حل الأزمة لم تعد تأتي.
ويوزع أشرف أسطوانات الغاز بالسعر المعتاد ما بين 85 - 90 جنيهًا، مبينًا أن بعض التجار يحتكرون الأسطوانات استغلالًا للحريق ويرفعون السعر إلى 150 جنيهًا، لذلك هم في حاجة إلى رقابة مشددة.
وعلى المستوى العام، ورغم هذه الشكاوى منذ شهرين حتى الآن، لم تتخذ المحافظة أو الجهات المعنية أية قرارات معلنة أو تجاه المتسببين في هذه الأزمة لحماية المواطن، الذي بات عليه أن يتحمل نتائجها وحده.