عيد_أوردِيحِي | تحتل اللحوم الصدارة في قائمة طعام موائد الأسر في عيد الأضحى المبارك، صحن كبير مملوء بالأرز وبضعة قطع من الخُبز المحمص، وبينهم مكعبات لحم الضأن أو البقري، ويفوح من الصحن رائحة شوربة الثوم، لكن هذا العام ستخلو الموائد من الوجبة الرئيسية "الفتة".. في أكثر من تقرير من أسوان إلى بورسعيد في مصر، ومدينة بني خلاد في تونس، تابعنا عبر هذا الملف تأثير ارتفاع أسعار اللحوم البلدي على المستهلكين وعلى الجزارين الذين انخفضت مبيعاتهم في "عيد اللحمة".
اضطرت عائلات كثيرة هذا العام في عيد الأضحى المبارك التخلي عن شعيرة ذبح أُضحية العيد؛ نتيجة لتفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع أثمان الأضاحي، بما يؤدي إلى غياب الأجواء الأسرية الخاصة بالذبح والجلوس حول الأُضحية لإعداد المشاوي وطهي اللحم في مأكولات خاصة.
"المشعل" استطلعت آراء بعض أهالي بني خلاد، والذين حدثونا عن استعداداتهم للعيد، وما سيغيب من طقوس بدافع الغلاء، وعن كل الاختلافات عن العام الماضي.
تقول لطيفة المكني، ربة منزل، إن أسعار الأضاحي من الخرفان "الضأن" هذا العام مرتفعة جدًا، لذا اتفقت هي وأسرتها على اقتناء بعض اللحم فقط، دون شراء أُضحية العيد هذا العام، تضيف: "فصل الصيف على الأبواب ولازالت الاحتياجات تتواصل، ومع مصروفات الصيف والحياة اليومية، لن نستطيع توفير مال من أجل خروف العيد، والذي يتراوح سعره بين 600 إلى 1000 دينار".
ويشتري معز بوعنان، عامل يومي يعول ثلاثة أطفال، أُضحية العيد كل عام من أجل أطفاله الذين يصرون على ذلك، ويقول إن فرحتهم بالعيد هي الأساس، لكنه هذا العام يعترف بأن الوضع المادي صعب في ظل الأزمة الاقتصادية، إذ تضرر المواطن كثيرًا بسبب مصاريف الدراسة وامتحانات الأبناء ودفع نقود الدروس الخصوصية، وقبلها مصاريف شهر رمضان الماضي وعيد الفطر المبارك، بجانب متطلبات الحياة اليومية.
يضيف بوعنان: «مع نهاية الشهر يجد الموظف أو العامل نفسه مرهق نفسيًا، فمحفظته شبه فارغة من الأوراق النقدية"، ولذا فكر في التشارك مع أخيه في ثمن شراء الأُضحية وتقسيط المبلغ.
لكن هذا الحل لا يجدي مع بوعنان، الذي يقول إنه عند اقتسام الخروف فإن ما يحصل عليه من لحم لن يكفي حاجة أسرته وأطفاله، لذا سرعان ما أقلع هو عن هذه الفكرة، وقرر شراء بعض اللحم وتخزينه إلى يوم العيد.
يضيف بحسرة: «الإرهاق النفسي قد يقتل الشخص، وبالتالي شعورنا بالراحة أهم كثيرًا من التفكير في عدم توفير مصروفات لدفع قيمة الخروف"، فيما يتفق معه الصحبي بن عبدالله، على عدم شراء أُضحية العيد لارتفاع ثمنها، ويقول: «هذا ليس إجبارًا وإنما سُنة في دين الإسلام لمن يستطيع توفير المبلغ كل عام لأسرته، وبالتالي ليس هناك إلزام، لأن الأمر الواقع أن الأسعار خيالية بالنسبة لنا".
لكن لماذا بالأساس ارتفعت أثمان الأضاحي؟.. أفاد طارق بن جازية، الرئيس المدير العام لشركة اللحوم، في حديث له في إحدى الإذاعات التونسية، أنه فيما يتعلق بالأسعار فهي تتراوح بين 600 و1000 دينار وبأوزان ستتراوح بين 35 و55 كيلو، وتم تحديد تسعيرة الكيلوجرام الواحد بقيمة 18.500 دينار، موضحًا أن نسبة الارتفاع تجاوزت 20 % بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف وندرتها، كما تراجع القطيع بنسبة 27 % مقارنة بالسنة الماضية، إذ أن المتوفر الحالي لا يتجاوز 1200 مليون رأسًا منها حوالي 660 ألف خروف "علوش"، و387 ألف "بركوس" و160 ألف "برشني".
من جانبه كشف رضا العايش، معتمد بني خلاد، لـ"المشعل"، أن بني خلاد سجلت ارتفاعًا في سرقات المواشي بمناسبة اقتراب عيد الأضحى المبارك، وهو ما دفعه لعقد اجتماع جمع فيه اتحاد الفلاحين وخلية الإرشاد الفلاحي، لحث الفلاحين على المزيد من اليقظة والتأمين الذاتي لضيعاتهم الفلاحية، لدعم مجهودات المصالح الأمنية، التي بدورها ستقوم بدوريات ليلية.
ويُذكر أن وزارة الشؤون الاجتماعية، قد نشرت في بيان لها سابق على صفحتها على موقع "فيس بوك"، بأن الوزارة أعدّت برنامجًا كاملًا لتقديم مساعدات مالية وغذائية لـ320 ألف عائلة معوزة "محتاجة"، وذلك في إطار الإعانات المُخصصة بمناسبة عيد الأضحى.