أوشك فصل الصيف على الانتهاء، وبادرت نساء بني خلاد بشراء الفلفل الأحمر لتجفيفه وتخزينه طوال العام، فباتت جدران المنازل مزينة بالقلائد الحمراء، في منظر يعيد الأذهان لزمن الجدات، ومهارتهن في صناعة توابلهن الخاصة بأسرار المطبخ.
وتوجه "المشعل" إلى أصيلات بني خلاد، لسؤالهن عن عادة تجفيف الفلفل الأحمر، ورحلته منذ كان طازجًا إلى أن أصبح على رف المطبخ ضمن توابل الطهي.
تقول خديجة الحمامي ـ أصيلة بني خلاد ـ إن السيارات المحملة بجني الفلفل تجوب شوارع الأحياء والمدن، في هذا الوقت من كل عام، صارخًا صاحبها بصوت مميز "عوالي عوالي" أي عولة الفلفل في الشارع.
وتتابع: "حين تسمع النساء هذا الصوت يخرجن من بيوتهن لإيقاف السيارة واختيار الفلفل بعد مناقشة السعر مع البائع والذي يتراوح بين 30 :35 دينار/كجم، ليتم شراء كمية كبيرة تكفي مؤونة سنة بأكملها".
وعن خطوات التخزين، توضح الحمامي أن الفلفل في البداية يتم غسله جيدًا، ثم تتجمع نساء البيت مع رفيقاتهن، وجاراتهن، إذ ترتدين القفازات لحماية أيديهن، ويبدأن في قصه نصفين والتخلص من بذوره، ثم تعليقه في الشمس حتى يجف.
وتكمل: "تعرف ربة المنزل أن الفلفل جفّ عندما يصبح له صوت خفيف عند لمسه مثل الهشهشة، حينها يتم جمعه وأخذه إلى الطحن (رحاي الفلفل) ثم يُخزن في أوعية داخل البيت، ويستخدم في الأكل طوال العام".
أما لطيفة المكني ـ ربة بيت ـ فتشير إلى أن بعض النساء تفضلن استخدام الفلفل طازج عبر تحضير الهريسة، وحفظها في البراد لاستخدامها بعد ذلك في الطعام.
وتوضح لـ"المشعل" طريقة صنع الهريسة، قائلة: "نضع الفلفل الأحمر في المهراس، ونضيف إليه التوابل، بعذ ذلك نُخزنه في علب بلورية، لاستخدامه في الطهي، أو أكله مع الخبز الطازج".
وتعتبر أصيلة بني خلاد، أن عادة تخزين الهريسة الطازجة بدأت تتلاشى، نظرًا لتواجد علب الهريسة الجاهزة في الأسواق والمحلات، فأصبحت النساء تكتفي بتخزين الفلفل كتوابل فقط.
يذكر أن ولاية نابل، تحتفل بمهرجان "الهريسة والفلفل" في تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، إذ تعتبر من أكثر ولايات الجمهورية تميزًا في صناعة الهريسة.
وكان مندوب تونس الدائم لدى اليونسكو، السفير غازي الغرايري، قد أعلن في تصريحات إعلامية سابقة، أن بلاده تقدمت بملفين جديدين لتسجيلهما في اليونسكو، يتعلق أحدهما بتسجيل "الهريسة" ضمن التراث التونسي غير المادي.