حين أحاطني "طيفه"

تصوير: صورة أرشيفية

كتب/ت مريم أشرف
2021-11-06 00:00:00

أيقظني الزمان في لحظة غريبة، ثقيلة، مرعبة، وقاسية..  رأيت قلبي يوضع في الميزان، يجلس أمامي شخصين، لا يهتمون بوجودي.. فقط ينظرون إلى قلبي.

المكان بارد، رغم أني لا أشعر بجلدي، لكن قلبي هو من كان يشعر بالبرودة، تخرج من الحوائط رائحة الفيضان، كأن "طيفه" زار المكان منذ أيام قليلة، المكان ليس غريب، يشبه المقبرة التي أعدتها لأبي.

لمحت فرُشاة شعره الخشبية ملقاة على الأرض، متبقي عليها خصلات من شعره، حاولت أن أذهب لأخذها، لأشعر أن جزء منه مازال معي، مازال حي، يطوف حولي، لأن الناس لا يصدقون أنه مازال حي بداخلي.

تعثرت خطواتي تجاه الفرُشاة، سمعت صوت عالي يناديني، نادني باسم أبي، لكن قلبي أخبرني أنه يناديني أنا، انتبهت وعدت إلى مكاني، نظر الشخصين لي، أسهبوا التحديق في عيني، وجدت نفسي على كفة من كفتي الميزان، ووجدت أبي علي الكفة الأخرى.

بكيت عندما نظرت إلى عينيه، وبكيت أكثر عندما رأيت أن شعره أصبح أبيض، ورأيت الفرُشاة تتغير ملامحها، حتى أصبح يملأها الشعر الأبيض، تغير شكل والدي .. صار النمش أقل في وجهه، وتبدل لون جلده .

قدماي تلمس كفة الميزان، تشعرني بالقسوة والخوف، لكن عندما أتذكر وجوده اطمئن، وجوده يجعلني لا أخاف، أحيانا أقلق، لكن سيرته كانت تزرع الطمأنينة داخل روحي مرة أخرى.

نظرت إلى عينيه، لم تتغير نظرته، فخر ممزوج بخوف، مازلت تخاف علىّ من الحياة، لا تقلق، صارت الحياة مربكة للجميع، لست وحدي ..  لكن عينيه أضافت شيء جديد هذه المرة، كأنه يقول أنه راضي الآن، كأنه يقول لي أنه يحبني ويثق بي، ابتسم لي في النهاية مؤكدا لي هذا الشعور

ابتسامته أوقفت دموعي، ابتسمت له، لكن في نفس اللحظة، رأيت المقبرة تتساقط أمامي، ظهر الذعر على ملامحه، سقطت أحجار المقبرة، نظرت له نظرة وداع، كان قلبي يقول لي أنها المرة الاخيرة.

فجأة، سقطنا في حفرة كبيرة، ليس لها نهاية، اختفي أبي، واختفيت أنا .. لكنه طيفه ظل حولي يحميني ويرشدني ويعطيني محبة مستمرة .