ممنوعات من السفر.. منع وتضييق على النساء رغم أنف القانون

تصميم: باسم حنيجل

Written By مريم أشرف
2024-04-01 15:00:06

كانت شمس تخطط برفقة أصدقائها للسفر إلى محافظة بورسعيد، يرسمون ملامح الرحلة والأماكن التي سيذهبون إليها لالتقاط الصور، وكل منهن تشعر بحماس شديد، لم ينقصهن سوى موافقة الأهل.

سافر أصدقاء شمس، 22 عامًا، وظلت هي في غرفتها وحيدة تنتظر صورهم في الرحلة، بعدما هدم رفض والدها سفرها خارج محافظة القاهرة كل أحلامها وخططها، تقول: «فقدت تجربة ممتعة، وحسيت بحزن شديد لأن أصحابي قدروا يسافرون وأنا لأ».

منع والد شمس سفرها بدعوى الخوف عليها والقلق، رغم أن كل أصدقائها من الفتيات، والمحافظة لا تبعد كثيرًا عن القاهرة، تضيف: «قدمت له كل الضمانات اللي تخليه يحس بالأمان عليا وتفاصيل الرحلة إلا إنه رفض، لكن بيوافق لأخواتي الولاد الأصغر سنًا».

سلطة أبوية تمنع النساء من السفر

ما مرت به شمس من رفض للسفر كونها فتاة، تعاني منه النساء في مصر، إذ ترفض السلطة الأبوية في أغلب الأسر سفر الفتيات في الداخل أو الخارج، بسبب الصورة النمطية المأخوذة عن مخاطر سفر الفتيات، مما يحرمهن من تجربة السفر بمفردهن والتي تعزز من ثقتهن في أنفسهن، وتميز كذلك بينهن وبين الرجال في نفس الأسرة حتى وإن كانوا أصغر سنًا.

تقدر شمس قلق والدها عليها، إلا أن تأثير الأمر كان كبيرًا: «عندي خطط للمستقبل بعد الجامعة، وهي إني أكمل دراسة في الخارج، وأسافر سياحة لأكتر من دولة، وكل دا مرفوض لأني بنت ومينفعش أسافر لوحدي، العيب والغلط بيكونوا على البنات بس».

 

يُبيح القانون المصري للفتيات السفر دون محرم، ويمكن للنساء استخراج جواز سفر لمن هم فوق الـ18 عامًا بموجب البطاقة الشخصية فقط ولا يمنعون من السفر إلى الخارج، بينما الفتيات الأقل لا بد من موافقة الأسرة للسفر إلى الخارج، ولكن يحق لهم التنقل الداخلي وفق المادة 42 من الدستور المصري، التي تكفل حق المواطن في التنقل والسفر والإقامة.

 

نفس المعاناة تعيشها، ابتهال، اسم مستعار، التي تتذكر أول مرة رفضت فيها والدتها السفر مع أصدقائها في رحلة مدرسية إلى الإسكندرية، حين كانت في الصف الثالث الثانوي، احتفالًا بانتهاء العام الدراسي.

شعرت وقتها الفتاة بأنها «محبوسة» كما تصف: «إشمعنا صحابي سافروا وأنا لأ كان شعور وحش وقتها، لكن بعد شوية وقت فهمت خوف ماما عليا، لكن أسباب الرفض كانت إني بنت، وكأن البنت ممنوع تحقق أحلامها في السفر».

تطمح ابتهال في السفر إلى خارج مصر بسبب حبها للترجمة واللغات الأوروبية تحديدًا، إلا أنها تراه حلمًا بعيد المنال رغم موافقة والدتها على سفرها في رحلة إلى محافظة بورسعيد حين كانت في الفرقة الثالثة بالجامعة، ولكن ظل صوت والدتها الخائف ملازمها.

 

النظرة المجتمعية تخنق النساء

لدى ابتهال وشمس طموحات في أن تنفك عنهم قيود الأسرة بعد التخرج من الجامعة والعمل، لكن سلمى، اسم مستعار، تخبرهن أن هناك قيودًا أخرى بعيدة عن الأسرة تُفرض على الفتيات وقت سفرهن وهي القيود المجتمعية.

وتقول رانيا نبيل، كاتبة في المجال النسوي والحقوقي، أن المضايقات التي تتعرض لها النساء وقت السفر تعتمد على معرفة الشخص أنها أول مرة تسافر لتلك المحافظة وبمفردها: «بيشموا بمنطق أنها بنت لوحدها في بلد غريبة».

توضح رانيا أن إحدى الخطوات التي ستحمي النساء وقت السفر، هو تواجد كاميرات مراقبة ومكاتب شكاوى للنساء في الفنادق والمواصلات الخاصة بالمحافظات والشوارع لحمايتهن، وتكثيفها في المحافظات السياحية.

تقول: «أنا أعيش في القاهرة وأسافر للإسكندرية كل شهر لزيارة العائلة وأعرف حجم المضايقات التي تتعرض لها النساء في الفنادق والمواصلات، لكن وجود كاميرات يخلق حالة من الأمان لديهن».

السفر هو جزء من عمل سلمى في مجال الصحافة، ورغم أنها تسافر برفقة فريق وتحمل اسم المؤسسة إلا أنها تواجه أشكالًا من القيد المجتمعي على يد العاملين بالفنادق، وتصف نظراتهم إليها بالمراقبة وقتما تجتمع مع فريق العمل من الذكور.

هي نفس النظرات التي تتلقاها عزيزة،مصورة صحفية، حين تسافر في مهمة عمل، تتذكر أنها أقامت في فندق بمحافظة أسيوط، وكان معها زميل لها، ورغم أن الحجز لكلًا منهما كان باسم المؤسسة إلا أن العاملين كانوا يطرقون الباب عليها للتأكد من أنها بمفردها في الغرفة.

قررت عزيزة أن تتصل بإدارة الفندق، وتخبرهم بأن ذلك غير مقبول: «كان فيه رقابة عليا أنا بس لأني البنت، ومسافرة مع زميل عمل، وطول الوقت كان فيه أسئلة من نوع هو معاكي في الغرفة؟».

حتى وإن سافرت الفتيات بمفردهن دون أصدقاء أو زملاء عمل، تلاحقهن القيود المجتمعية، بل أن هناك فنادق ترفض إقامتهن بمفردهن، ذلك ما حدث مع داليا، اسم مستعار، تسافر كثيرًا في عملها ولا تواجه مشكلات في ذلك، ولكن حين تسافر بمفردها من أجل السياحة يتبدل الحال.

تقول داليا التي تبلغ من العمر 30 عامًا: «سافرت في إحدى المرات، وطلبت حجز غرفة في فندق، ولكن رفضوا لأني بنت بمفردي ولا بد من ولي أمر، لذلك قررت المبيت لدى الأصدقاء وعدم الاعتماد على الفنادق التي أصبحت حكرًا على الرجال».