أغلق مواطنون في مدينة بني خلاد أبوابهم في وجه أعوان هيئة الانتخابات ممن يجوبون الأحياء السكنية؛ لتحيين سجل الناخبين بالتزامن مع الاستعدادات لانتخابات المجالس المحلية المقررة يوم 24 ديسمبر القادم، وذلك على الرغم من أنها تقام للمرة الأولى.
وأشرفت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على عدة تحضيرات للاقتراع، ومرحلتها الأولى هي قيام الأعوان بالإشراف على تحيين سجل الناخبين من خلال زيارات ميدانية مبرمجة حسب كل منطقة، مع تخصيص مقرات قارة أيضًا في المؤسسات المحلية وهي المعتمدية، مكتب البريد والبلدية منذ شهر سبتمبر.
لكن كل هذه التدابير لم تلق استحسانًا للمواطنين، إذ فوجئ الأعوان بصعوبات ميدانية استدعت تدخل مباشر من السلطة المحلية لتسهيل مهامهم، إذ رافقهم عُمد المناطق أثناء الاتصال المباشر مع الناخبين.
واستطلعت "المشعل" آراء العديد من أبناء بني خلاد، ممن أعرب بعضهم عن مللهم وفقدانهم الثقة في الانتخابات.
يقول جلال حسني، عامل يومي: “صراحة لم تعد لي ثقة في الانتخابات، كلها وعود باءت بالفشل، يستغل المرشحون المواطنين للانتخاب، وبعد ذلك لا نرى لهم أي نتيجة لما تعهدوا به في برامجهم الانتخابية، لم يتغير شئ ساءت الأمور، هناك الفقر، والمشاكل اليومية، والخدمات المتردية، نحن نعاني لكسب قوتنا اليومي ونواجه غلاءً في المعيشة".
ولا يهتم أحمد بن علية، عامل في شركة، بالانتخابات من الأساس، ويضيف مثل حسني: “لن أساهم أو أشارك في تكرار أخطاء الماضي، نحن أمام مهزلة، كل المرشحين يسعون لمصالحهم الشخصية، وللظهور لاقتناص المناصب السياسية، ولا يعطون أية اعتبار لمصلحة المواطن".
وأصيب حسام حمدي، شاب من أصيل الجهة، بخيبة الأمل في الانتخابات الماضية، يقول: “كل من وصل للمنصب وحقق هدفه وفاز لم يحقق لنا أي خدمة تنفعنا، ولم يضمن لنا عيش كريم أو ظروف حياة أفضل، أرفض بالطبع ولن أشارك في تحيين أو التصويت يوم الاقتراع".
وبلهجة غاضبة، يقول خليل سماري، موظف: “لن أشارك في الانتخابات أو التحيين، وحتى لو تغير مكان الاقتراع فالأمر ميؤوس منه.. رأينا ماذا فعل بنا السابقون لا نتيجة ولا تغيير، كل ما يهمهم مصالحهم الشخصية، ونحن لسنا إلا دروع للفوز، وحتى معاملتهم لنا تتغير بعد النجاح، ونجد لا مبالاة وتمييز وعدم مراعاة للمصلحة العامة، ويتركون المواطن يعاني للعيش".
وتعتقد آمال بو عنان، ربة منزل، إن الانتخابات المحلية القادمة هي أكثر مشهد يمكنه خدمة ودعم المجتمع المحلي والدفاع عن مصالحه، مضيفة : « هذه فرصة أيضًا لاختبار الفائزين، ولنرى قدرتهم على تقديم خدمة ما والنهوض بالمعتمدية"، ولذا تعاونت مع أعوان هيئة الانتخابات في تحيين السجل.
وترى سعيدة المكني، وهي ستينية من مدينة منزل بوزلفة، أن الانتخاب واجب وحق، ومهما كانت الاختيارات خاطئة فإنها تتعهد بالمشاركة والتصويت، تقول : « الانتخابات الحالية أكثر مشهد يهمنا لتسليط الضوء على ما ينقصنا، والدفاع عن مصالح متساكني المعتمدية وتغيير الأوضاع للأحسن".
وقالت عبير دخلاوي، طالبة جامعية، إنها داعمة أكثر لهذه الانتخابات؛ خاصة وقد مكّنت ذوي الإعاقة من المشاركة والترشح، آملة تغير الأوضاع بعد 24 ديسمبر، وتعهدت ببذل الجهد لأداء واجبها والتصويت في الانتخابات.
وعن هذا المشهد وغضب المواطنين قالت راوية الساحلي، المديرة الجهوية للهيئة الفرعية للانتخابات، لـ"المشعل"، إن بعض المواطنين لم يتعاونوا مع الأعوان ورفضوا الحديث معهم عن أي موضوع مرتبط بالانتخابات، مضيفة : « هم يروننا كهيئة مسئولين عن تقصير الآخرين؛ بسبب الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا".
وأضافت : « الأعوان واجهوا أسئلة من المواطنين مثل.. ماذا قدمت لنا الانتخابات؟، وقالوا لهم : "نحن لا نريد الحديث عنها أصلًا".
وتقول هنيدي الهداجي، عضوة في الهيئة المحلية للانتخابات، لـ"المشعل"، إن الأعوان في زياراتهم الميدانية يلمسون تعاونًا ما من بعض المواطنين، وآخرين لا يرغبون في تحيين سجل الناخبين، وقرروا الامتناع عن التصويت".
يُذكر أن آخر إحصائيات تحيين لسجل الناخبين حتى 13 أكتوبر الجاري، أكدت وصول العدد الإجمالي لـ 347,773 على مستوى نابل 2 موزعين كالآتي : 345,151 عدد عمليات التحيين عن طريق الأعوان الميدانيين، و2622 عدد عمليات التحيين عن بُعد".
وكانت هيئة الانتخابات قد نشرت خلال ندوة صحفية أنه تم الانتهاء من تحيين السجل الانتخابي بتاريخ 21 أكتوب.
وأكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أن يوم 8 نوفمبر سيكون موعد إعلان المقبولين الأولين من المرشحين.