يسود القلق بين سكان بني خلاد في الآونة الأخيرة بعدما اضطررت الحكومة إلى قطع مياه الشرب طوال شهر رمضان منذ منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح، وذلك في إطار خطتها لخفض الاستهلاك، وبرز التساؤل عن مصير الحصول على مياه صالحة للشرب في المستقبل؟
يقول رضا العايش، معتمد الجهة، لـ"المشعل": “ناقشنا الوضع المائي في بني خلاد مع جميع الأطراف المعنية بالموضوع حيث أن هذه الأزمة أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على الحياة في الجهة، فهذا الوضع كارثيًا وغير مسبوق".
وأضاف: “من المفترض أن يكون معدل الأمطار السنوي 500 مم ولكن ما تم تسجيله هذا العام 330 مم، وهو رقم ضعيف لا يتناسب مع سد احتياجات السدود التي يتراوح عددها 37 سدًا رئيسيًا و230 سدًا ثانويًا بسعة 2.69 كيلو متر مكعب".
وقد بلغت نسبة امتلاء السدود 31.3% فقط من إجمالي المخزون ما يعادل 726.6 مليون متر مكعب من المياه، مقابل امتلاء السدود بمقدار 1144.5 مليون متر مكعب من المياه في نفس الفترة من العام الماضي، هذا بحسب الإحصائية التي نشرتها وزارة الفلاحة بتاريخ 13 من شهر فبراير الماضي.
وأعرب العايش عن قلقه من عدم سقوط الأمطار في أوائل شهر مايو الجاري، موضحًا أنه من المحتمل أن تعيش بني خلاد صيفًا صعبًا في ظل عدم وجود الأمطار، خاصة وأن السدود ستجف بفعل الحرارة.
وشرح حمادي بوعافية، ممثل الصوناد، العملية الفنية لتزويد بني خلاد بالمياه الصالحة للشرب موضحًا أن بني بني خلاد تحصل على المياه بجانب الساحل والصفاقس من المياه الموجودة في السدود في الشمال والمناطق المحيطة ببني خلاد، مشيرًا إلى أن انقطاع المياه بدأ عندما أصبحت "خزنة" المياه فارغة، فبعدما كانت تتزود بني خلاد بكمية 250 لتر من المياه في الثانية، أصبحت تتزود بـ204 لترًا فقط.
أصبح للمواطن الخلادي كمية محددة فقط من المياه، فكما صرّح أحمد البادري، رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، فإن المياه الصالحة للشرب الموجودة في السدود سيتم فقدانها خلال الصيف بسبب الحرارة، مشيرًا إلى أن كل مواطن سيخصص له نسبة معينة من شراء قارورات المياه ستتراوح بين 6 و12 قارورة في المرة الواحدة.
لا تؤثر أزمة المياه على الإنسان فقط بل تؤثر على النباتات أيضًا، فقد قال مختار قرطاس، مدير عام شركة القوارص والإحياء والتنمية الفلاحية، إن 90% من أشجار البرتقال مهدد بالإصابة بمرض التريستيزا وهو مرض يصيب النباتات بسبب العطش وارتفاع حرارة الطقس، موضحًا أن السماد يتحول إلى ملح بسبب الجفاف فيصبح بمثابة السم للشجرة.
لا تلبي المياه حاجة الفلاحين، وهذا ما أعلنه البشير عون الله، رئيس اتحاد الفلاحين، مشيرًا إلى أن عدد المجامع المائية بالجهة 3 مجامع موزّعة على القبة وزاوية الجديدي وبني خلاد، مما جعل بعض الأراضي تشهد جفافًا تامًا أثقل كاهل أصحابها وحرمهم من توفير قوتهم اليومي.
اقترح عون الله منح الصلاحية للفلاحين لفتح آبارًا خاصة بهم تمكنهم من ري أراضيهم، محذرًا من التداعيات الاجتماعية الخطيرة لهذه الأزمة، موضحًا ضرورة تدخل الدولة لتوعية المواطنين بكيفية التصرف في هذا الظرف الطاريء والصعب.
"تضرر الأراضي الزراعية سيجعل الوضع كارثيًا لأنه سيؤدي إلى انتشار الأمراض بين الأشجار، ولذلك أتمنى ألا نصل إلى هذه المرحلة خاصة في ظل حفر بعض الفلاحين للآبار كحل مؤقت للأزمة"، هكذا قال حمادي بن عويشة، فلاح.
يتوقع عامر بحبة، خبير في الجغرافيا وباحث في علوم المناخ، سقوط كميات من الأمطار بسبب تأثير منخضًا جويًا قادم إلى تونس خلال شهر مايو من إيطاليا، متمنيًا أن تكون كمية هذه الأمطار مناسبة لحل أزمة نقص المياه في البلاد.
ومن جهتها، أشرفت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة، على جلسة أحد المجالس الوزارية الذي عقد خصيصًا لمناقشة أزمة الماء وتحديد خطة الدولة لمجابهتها.
تضمنت الخطة عدة محاول وهي وضع حلول لمكافحة الشح المائي وتداعياته على منظومة الزراعة، مع إعطاء الأولوية القصوى لتوفير المياه الصالحة للشرب عن طريق ترشيد الاستهلاك بالتعاون مع جميع الهياكل المركزية والجهوية المعنية.
تدرس الحكومة أيضًا استعمال المياه المعالجة في مجالات محددة مع وضع خطة لتوعية المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك المياه.