منذ إبريل الماضي لا يزال وضع متحف نبيل درويش مُحيرًا، بعد تلقي أسرة الفنان التشكيلي إخطارًا بهدم المتحف بضرورة إخلائه خلال أسبوعين، إلا أن المتحف لم يُهدم حتى الآن، فيما تتتباين مشاعر الأسرة بين التيه والأمل.
تقول سارة درويش، ابنة الفنان، لـ"صوت السلام" إن الأسرة تقدّمت، في 30 يونيو الماضي، بمحضر لرفض قرار الهدم إلى وزارة الثقافة، وقد تابعت الأسرة، اليوم، المحضر وقامت بالإمضاء عليه، وتُضيف سارة أن النتائج المتوقعة من تلك الخُطوة هو "تنفيذ قرار الهدم"، لكن في رأيها سيُوفّر المحضر مساحة من التفاوض لـ"نقل التقنيات بطريقة آمنة وتوفير أرض للمتحف".
بداية الأزمة لم تكن في إبريل الماضي، بل منذ عامين في أكتوبر 2022، عبر وضع علامة الإزالة على يد هيئة العامة للمساحة، مما وضع المتحف تحت التهديد، ولم يأبه بما يُعدّ بمثابة كتاب مفتوح للعالم عن فن الخزف في طريق سقارة السياحي بالجيزة. وجاء قرار الهدم لتوسيع نزلة دائري المريوطية.
أسئلة بلا إجابات!
لم تعد تتحمّل سارة ذلك الوضع المُستمر، قائلة "احنا بقالنا كتير في الهمّ ده، أسوأ وقت عدّى علينا في حياتنا كأسرة، اللي بيحصل مُدمّر رغم المحاولات من الأسرة وبعض الجهات، لكن مش عارفين هنروح فين؟، هننقل المقتنيات فين؟ هناخد تعويض ولا لا؟ احنا بقالنا بنواجه المجهول، ومُدمّرين نفسيًا".
بعد قرار الإزالة في إبريل الماضي، دارت عدّة مناقشات بين الأسرة ووزارتي الثقافة والنقل، وقطاع الفنانين التشكيليين وهيئة الطرق والكباري، كما تدخّل مجلس النواب، من خلال طلب إحاطة قدمته عضو المجلس، مها عبد الناصر، بقرار الهدم؛ مُوجّه إلى وزارة النقل ورئاسة الوزراء، ثم تداول القرار إعلاميًا، لكن بعد مرور ثلاثة أشهر من أبريل الماضي حتى يوليو الجاري، من انتظار وتوتر الأسرة، لم يُعرَف بعد مصير المتحف.
المجهول هو ما تراه سارة بعينيها وتشعر به حتى الآن، بالإضافة إليه الذُعر أيضًا، ففي الشهر الماضي رُصف الطريق الموازي للمتحف والمنزل، دون سبب أو توضيح، وتستنكر ابنة الفنان ما حدث بقولها "أنا مش فاهمة الإصرار والتعنت اللي بيحصل من هيئة الطرق والكباري، ده مجرد مَنْزل تاني للكوبري، غير مهم ومش عليه ضغط، ده تراث فني بكل تفاصيله معمار ومقتنيات وورشة عمل، لو بعد كل ده القرار اتنفذ، يبقى محتاجين ضروري أرض جديدة للمتحف ونقل آمن للمقتنيات".
حلول هندسية بديلة!
من جانب آخر قام قطاع الفنون التشكيلية بعمل اجتماع في 29 يونيو الماضي، لمُناقشة تعديل قرار هدم المتحف وطرح الحلول، وصرح وليد ناقوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، لـ"صوت السلام"، أن نتائج الاجتماع كانت الإتفاق بين الأسرة ووزارة الثقافة على تعديل قرار الهدم، المناقشة مع الجهات المعنية بالقرار للوصول إلى حلول هندسية وبديلة للحفاظ على المتحف، لكن لن يُفصح عنها إلا بعد تنفيذها، بحسب ما ذكر ناقوش.
بعد عمل المحضر الخاص بالأسرة وأشْرَف ناقوش على إجراءاته، وضّح أنه سيتوجه إلى وزير الثقافة، الذي بدوره سيتوجّه إلى مجلس الوزراء ثم هيئة استشاري الدولة، وأوضح ناقوش قائلًا "أننا لسنا ضد مشروع تطوير الطريق الدائري، لكن بما لا يضر مُنشأة ثقافية حتى إن كانت خاصة، فهي في كل الأحوال إضافة للثقافة المصرية". وعلى الرغم من أن المتحف لا يتبع الوزارة لكونه ملكية خاصة، إلا أن الوزارة تعتبره إضافة لفن الخزف.
مما يُثير تهديدًا جديدًا حول وضع المتاحف الخاصة عامة، إلا أن ناقوش يُشير أن أزمة متحف درويش مُختلفة، لأن المتحف تعود رُخصته كمنزل وليس متحف، مما جعله ضمن عملية تطوير وتوسيع دائري المريوطية، ويوضح رئيس القطاع الحلّ بقوله "كان لازم عمل إشهار للمتحف كمؤسسة ثقافية أو جمعية أهلية، وهو ما قامت به أغلب المتاحف الخاصة في مصر، بالتالي مفيش قلق عليهم".
لا تدري سارة حتى الآن ما هي الخُطوة التالية التي يُمكن القيام بها، فقد اعتادت وضع الانتظار لسنوات، ولا تتمنى سوى "إنهم يسيبونا في حالنا"، في الآن نفسه ترغب أن يتغيّر الوضع القائم على يد وزير الثقافة الجديد، الدكتور أحمد فؤاد هنو، الذي تولى الحقيبة الوزارية مؤخرًا.