مناورات يومية لتحضير وجبات إفطار عادية

Photographer: مريم أشرف وسما إيهاب ودينا عبدالعزيز - سلع غذائية

فقدت كثيرًا من الأسر المصرية قدرتها على المناورة تجاه غلاء الأسعار لا سيما السلع الغذائية، وجاء شهر رمضان الحالي محملًا بالأعباء المالية الإضافية على الأسر، نتيجة ارتباطه بتحضير وجبات الإفطار والسحور التي أصبحت تمثل تحديًا يوميًا تواجهه ربات البيوت.

 

فالارتفاع طال كافة عناصر الوجبات، بداية من البروتين الحيواني مرورًا بالخضروات والأرز والحبوب والبقوليات والياميش والفواكه والأرز والسكر، وبات تكوين وجبة الإفطار حملًا ثقيلًا أمام الأسر من متوسطي ومحدودي الدخل الذين وجدوا قيمة ميزانيتهم مع بداية شهر مارس انخفضت إلى النصف تقريبًا مع خفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي.

 

اختفاء البروتين من موائد رمضان

أخفى غلاء الدواجن واللحوم وجود البروتين الحيواني من موائد رمضان، إذ يقول ياسر محمد، جزارًا في منطقة دار السلام بالقاهرة، إن الإقبال هذا العام ضعيفًا للغاية، وبعض الجزارين غيروا نشاط محلاتهم إلى مجمدات بسبب رخص ثمنها، والإقبال الشديد عليها نتيجة ذلك.

 

يوضح أن اللحوم أول من وقع في فخ غلاء الأسعار، بسبب وصول سعر طن العلف إلى 21 ألف جنيه في يناير الماضي، ارتفاعًا من 13 ألف جنيه خلال العام 2022، لينعكس ذلك على أسعار اللحوم، وتزيد أكثر خلال شهر رمضان.

 

مع دخول شهر رمضان بلغ سعر كيلو اللحم البلدي 450 جنيهًا ارتفاعًا من 350 جنيهًا، بينما السمك البلطي 85 جنيهًا، والسمك المكرونة 120 جنيهًا، والسمك التونة 130 جنيهًا، فيما وصل كيلو الفراخ البانية إلى 200 جنيه، والدواجن البيضاء 110 جنيهات، أما البلدي 130 جنيهًا، والبط 175 جنيهًا.

دفعت تلك الأسعار منار عامر، ربة منزل، إلى اتخاذ قرار بعدم شراء البروتين الحيواني هذا العام في رمضان، بسبب القفزة الكبيرة التي حدثت في الأسعار مع حلول الشهر، وتحاول الآن الاكتفاء بالبقوليات بسبب عدم صمود ميزانية الأسرة أمام أسعار مستلزمات شهر رمضان.

 

تُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن معدل التضخم الشهري لأسعار المستهلكين وصل إلى 35.7% في فبراير الماضي، ارتفاعًا من 29.8% خلال يناير، بينما ارتفعت الأسعار على أساس شهري إلى 11.4% في فبراير الماضي مقارنة بـ1.6% في يناير، وقفزت أسعار المواد الغذائية بنسبة 15.9% في فبراير مقارنة بـ1.4% في يناير.

 

البقوليات.. لم تعد طعامًا للغلابة

ما فعلته منار بمحاولة الاعتماد على البقوليات، جاء نتيجة اعتقاد منها بأنها الأرخص في السعر، لا سيما أنها تحتوي على نفس القيمة الغذائية في البروتين الحيواني، لكن التضخم أصاب أسعار البقوليات أيضًا.

وبمقارنة بسيطة بين أسعار البقوليات خلال العام الماضي والحالي، نجد أن سعر كيلو اللوبيا والفاصوليا وصل إلى 120 جنيهًا ارتفاعًا من 45 جنيهًا، بينما العدس أصبح بـ70 جنيهًا بعدما كان بـ55 جنيهًا، كذلك الفول ارتفع من 30 إلى 60 جنيهًا، والأرز من 15 إلى 32 جنيهًا، والمكرونة أصبحت بـ32 جنيهًا ارتفاعًا من 12 جنيهًا.

حتى العام 2020 كان إنتاج مصر من الأرز 4.4 ملايين طن وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أما السكر  15.9 مليون طن.

تؤرق ارتفاعات الأسعار تلك ربات البيوت، منهن مروة أحمد، 38 عامًا، تقول: «مبقتش أشتري أي حاجة زي الأول، أسعار البقوليات مرتفعة ووجبة الكشري أو اللوبيا والفاصوليا كله أصبح مرتفعًا في السعر».

بينما تعاني حنان إبراهيم، 43 عامًا، ربه منزل، من فرق أسعار البقوليات بين العام الحالي والماضي، موضحة أنه كل فترة ترتفع الأسعار بشكل كبير، على عكس العام الماضي كانت ترتفع على فترات متباعدة.

وأثر غلاء البقوليات على رحاب أحمد، 35 عامًا، ربة منزل، التي أصبحت تستغنى عن كثير من مناحي الحياة لتوفير المال للطعام: «ميزانية المنزل لا تكفي شيئًا وحاولت الفترة الماضية الاستعانة بالخضروات بدلًا من البقوليات إلا أن أسعارها ارتفعت أيضًا».

ويقول أحمد محمد، رب أسرة، إن السلع الأساسية ليست أزمة رمضان فقط، بل هي أزمة بدأت من عام ومستمرة، دون وجود حلول أو بدائل: «السلع الأخرى يمكن أن نجد لها بدائل أو يتم الاستغناء عنها، لكن السلع الأساسية ليست لها بديل وعدم توافرها يشكل أزمة حقيقية».

ويوضح تاجر بقوليات، رفض ذكر اسمه في منطقة دار السلام، أن سبب ارتفاع أسعار البقوليات هو الأزمة الاقتصادية الحالية، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، لأن أغلب البذور مستوردة من الخارج.

ويكشف محمود صلاح، 35 عامًا لديه متجر للتموين، عن أزمة أخرى وهي أن غلاء الأسعار أدى إلى عدم توافر جميع البقوليات في متجره، وأصبح به فقط الزيت والسكر والأرز فقط.

 

سلع رمضان تسجل غياب هذا العام

لم تكن سلع رمضان «الياميش» ومستلزماته بعيدًا عن تلك الأزمة، فزاد سعر البلح الذي يعد أساسيًا في رمضان وأصبح يتراوح بين 50 – 70 جنيهًا، رغم أن مصر هي الأولى عالميًا في إنتاج التمور، إذ تمتلك 15.5 مليون نخلة، بمساحة 135 ألف فدان، وإنتاج 1.8 مليون طن.

بينما القراصية بلغ سعرها 400 جنيه، والمكسرات من 680 جنيهًا للبندق حتى 840 للكيلو من الفستق، وكذلك مشروبات رمضان فكان الكركديه بسعر 220 جنيهًا، والخروب 260 جنيهًا، والسوبيا 130 جنيهًا، أما لفة القمر الدين بين 85 – 100 جنيه.

 وتستورد مصر  90% من ياميش رمضان سنويًا من الخارج.

ودفعت ارتفاع الأسعار المواطنين إلى العزوف، إذ تقول رحمة محمد، صاحبة محل عطارة، إن المبيعات قلت هذه العام إلى النصف: «السوق في حالة ركود تام؛ لأن الناس اعتبروا الياميش ليس من الأساسيات، ومن كان يشتري كل عام كميات من البلح أصبح يشتري كيلو واحد».

 

وما تزال الأسر المصرية تخوض يوميًا  تحديات عدة في مواجهة الأسعار؛ من أجل تحضير وجبة إفطار تحوي قيمة غذائية وبدون كلفة مالية مرتفعة.

 

 

Photographer: مريم أشرف وسما إيهاب ودينا عبدالعزيز - سلع غذائية