من «حب» إلى "الثلاثية”.. كيف أثرت كتابات «نجيب محفوظ» في الأدب النرويجي؟

Photographer: مريم أشرف

Written By مريم أشرف
2024-01-29 13:05:12

بين المتعة والعمق، كان الكاتب الراحل نجيب محفوظ ينسج خيوط رواياته، التي يصف بها ملامح مصر عبر شخصيات خيالية يسير خلفها، لتشعر حين تقرأ له بأنك في حوار مع الذات.. فماذا إذا رأينا كتابات محفوظ بعيون نرويجية؟.

أثرت كتابات محفوظ في أسلوب الرواة النرويج، من بينهم الكاتبة النرويجية «هاته اورستافيك»، التي عقدت ندوة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، مساء أول أمس السبت، بعنوان «نجيب محفوظ بعيون نرويجية»، داخل صالة «ضيف الشرف» التي يُقدم من خلالها فعاليات تخص دولة النرويج، وكان الندوة حول تأثير كتابته عليها وتحديدًا روايتها «حب» التي ترجمت إلى العربية.

في بداية الندوة تحدثت «اورستافيك» عن إحدى الشخصيات الرئيسية التي كتبها محفوظ وهي أحمد عبدالجواد، الشهير في السينما المصرية بـ«سي السيد» وجسد دور البطولة في ثلاثية نجيب الشهيرة: «بين القصرين وقصر الشوق والسكرية»، من 1956 حتى 1957 وكانت علامة في مسيرته، وإذ أثر في وعي وطريقة كتابة «اورستافيك» في قارة أخرى.

تقول «اورستافيك» إن نجيب محفوظ جعلها تشعر بشمس القاهرة، رغم أنها لم تزر مصر إلا تلك المرة تلبيةً لدعوة معرض الكتاب، وقالت: «إن ما يميز كتابات محفوظ طريقة خلقه للأبعاد الجسدية للشخصيات، وكيف يصفه كل تفصيلة في جسد وملابس وملامح الشخصيات، لدرجة إنني أراهم معي في الغرفة».

أدارت الكاتبة نورا ناجي، الروائية المصرية التي حصلت على جائزة يحيى حقي في العام 2021 مع «اورستافيك»، برفقة المترجمة شيرين عبدالوهاب، المنسق العام لضيف شرف معرض الكتاب.

وفي حديث «اورستافيك» لـ«صوت السلام»، قالت: «أنا ممتنة للندوة والحاضرين والانفتاح الإنساني الذي لاحظته في القاهرة، وأهم ما كنت أسعى إليه خلال الندوة أن أترك مكانًا في قلب الحاضرين، وإعادة نظرتهم للأدب النرويجي، بسبب اهتمامي بتأريخ حياة المدينة في النرويج، كما أهتم نجيب بتأريخ القاهرة وتفاصيل حياة المدينة».

بينما تنصح الكتاب المبتدئين، أن يهتموا بطاقتهم ومشاعرهم ويكتبون عنها، وليس الأفكار الفلسفية العميقة فقط، حتى أن قرروا الكتابة عن «الدجاج»، قد تغيّر كتابتهم من نظرتنا له: «من خيال الكاتب نشعر بأن هناك عالمًا آخرًا وأبعادًا أخرى لعالم الدجاج، الأهم أن يكتبوا بفطرتهم وطاقتهم ولا يهتمون بتعليقات الآخرين».

وعن زيارتها الأولي إلى مصر، تقول إنها وجدت نفس العالم الدافئ الذي شعرت به في روايات محفوظ، وتنتظر طاقة الإلهام التي تزورها كي تكتب عن مصر وعالم القاهرة الثري بالتفاصيل الإنسانية.

بينما تقول شيرين عبدالوهاب، المترجمة النرويجية المشاركة في في إدارة الندوة لـ«صوت السلام»، إنها واللجنة القائمة على تنسيق فعاليات المهرجان، عملوا لمدة عام على تجهيز معرض الكتاب، لإبراز الثقافة الشعبية للنرويج.

وأوضحت أنها كانت لديها رغبة في أن تحكي من خلال الفعاليات عن الشمس التي تقريبًا لا تزور النرويج سوى أيام قليلة طول العام، وتأثير ذلك على طاقتهم وعزلتهم عن قارة أوروبا، وعن العالم العربي والعالم بشكل عام.

واختارت عبدالوهاب شخصية نجيب محفوظ، لأنه أكثر من حكى عن ثقافة النرويج وحياة القاهرة، بالإضافة إلى تجربة «اورستافيك» معه بشكل خاص، التي اهتمت أن تنقلها إلى الشباب في معرض الكتاب.

اعتمد الحضور على المصريين من محبي نجيب محفوظ، وبعض الجنسيات النرويجية في المعرض، لقراء رواية «حب» ومناقشة مؤلفات محفوظ.

«ألف ديستريم»، نرويجي، يقول إنه لم يقرأ أي رواية للكاتب نجيب محفوظ، لكنه بعد الندوة قرر أن يقرأ له، موضحًا أن عرض «اورستافيك» للروايات كان مشوقًا وممتعًا، والتواجد هنا في القاهرة لأول مرة جعله في حالة ممتعة من الاهتمام بالثقافة الشعبية، ورغبة في القراءة عنهم من خلال محفوظ، كما أنه يتمنى أن يعرف أكثر عن «أحمد عبدالجواد».

ويحكي حسين البنهاوي، أستاذ في جامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى للثقافة ورئيس تحرير "سلسلة أدباء القرن العشرين"، أنه اهتم بالفعالية للتعرف على الثقافة النرويجية، وتبادل الثقافات من خلال أعمال أدبية، مبينًا أن هذا الاحتكاك الثقافي يجعل القراء ينظرون نظرة أخرى للأدب العربي والغربي، لأن المقارنات والنقاشات تخلق مساحة للتطور في الكتابة وتعميق النظرة الإنسانية للقراء والكتاب.

وشارك البنهاوي بسؤال في الندوة لـ«اورستافيك» وقال فيه: «كيف تحصلين على الإلهام في مرحلة الكتابة؟»، وردت قائلة: «الإلهام يأتي لي من الأدباء الآخرين الذين اقرأ لهم وأشعر أنه يوجد إنسان آخر في هذا العالم يشعر بي، ويحاول أن ينتج عمل أدبي مثلي، وأحيانًا يأتي الإلهام من مشاعري وروحي وأولادي».

انهت «اورستافيك» الندوة بكلمة لها قالت فيها: «ابحثوا عن شخصياتكم الخيالية التي تكتبون عنها، وأشخاص يدعمونك في رحلة الكتاب، ابحثوا عن أحمد عبدالجواد ونجيب محفوظ بداخلكم».